نضال العضايلة
تعدّ أزمة اللاجئين السوريين من أعظم أزمات اللاجئين في وقتنا الحاضر، فقد أجبرت الحرب في سوريا ما يقارب 11 مليون سوريًا على النزوح من أماكن سكنهم، من بينهم 6 ملايين تقريبًا غادروا البلاد باحثين عن مكان أكثر أمانًا.
في يومنا هذا، أصبحت الأردن موطناً لحوالي مليون وثلاثمئة لاجئ سوري، من بينهم 655 ألفًا مسجلّون رسميا لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين “UNHCR”.
ومع مرور ما يقارب على الثماني سنوات على بداية هذه الأزمة، أصبحت الهيئات الدولية تنظر إلى أزمة اللجوء السوري بمنظور مختلف، فبعد أن تمّ التعامل معها كقضية كلاسيكية للجوء من قبل هذه المؤسسات، واعتبار اللاجئين السوريين أشخاصاً بحاجة للرعاية الإنسانية والمساعدات الخيرية، راحت المؤسسات الدولية مع بداية عام 2014 تسعى لأن تجعل من هذه الأزمة سبباً للتطوير ودفع عجلة التنمية في البلدان المضيفة وذلك من خلال العمل على مساعدة اللاجئين ليكونوا أكثر اعتمادًا على أنفسهم وأشدّ مرونة وبالتالي أقل اعتمادًا على المعونات الدولية.
وبحسب دراسة أجريت في عام 2020 فإن ما نسبته 9 من بين 10 سوريين خارج مخيمات اللاجئين يعيشون تحت خطّ الفقر الأردني والذي كان آنذاك 87 دولار للفرد الواحد في الشهر.
الأمر الذي دفع المجتمع الدولي، لمناقشة سبل استجابة جماعية أكثر قوّة وأشدّ فاعلية للتعامل مع هذه الأزمة الإقليمة، وكانت النتيجة الرئيسية، تطوير مبادرة “Jordan Compact”، وهي المبادرة التي تم إطلاقها بالاتفاق بين الحكومة الأردنية، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الدولية الأخرى.
تهدف مبادرة “Jordan Comapct” إلى تحسين حياة وسبل معيشة اللاجئين السوريين في الأردن، بل وحتى الأردنيين الأقل حظًّا الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة.
ساهمت، هذه المبادرة بدعم من المنظّمات الدولية المختلفة السابق ذكرها في تحسين ظروف السوريين في الأردن، بالإضافة إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد، ففي خلال السنتين الماضيتين أدت مبادرة “Jordan Compact” لعدّة تحسينات في قطاعي التعليم والعمل للسوريين، على الرغم من جميع التحدّيات والمعيقات.
لقد تمّ منح ما يزيد عن 51 ألف تصريح عمل للسوريين في الأردن خلال الفترة ما بين 2016 و2017، في حين ارتفع عدد الملتحقين بالمدارس من الأطفال السوريين من 126 ألفًا في عامي 2016-2017 إلى 130 ألفًا تقريبا في عامي 2017-2018.
ومن المبادرات الأخرى التي تمّ استحداثها أيضًا لزيادة فرص السوريين في الحصول على عمل في الأردن، نجد أيضًا مركز الأزرق للتشغيل في مخيم الأزرق، والذي أنشأته منظّمة العمل الدولية بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرعاية الحكومة الهولندية.
يتيح هذا المركز للسوريين في المخيم، الحصول على تصاريح عمل وإمكانية مغادرة المخيم لمدّة شهر واحد من أجل البحث عن فرص عمل في مختلف قطاعات الزراعة والصناعة وفي كافة أرجاء المملكة. ليس هذا وحسب، إذ يقدّم أيضًا خدمات استشارية، وتوعوية حول حقوق العمّال بالإضافة إلى الورشات التدريبية وخدمات مطابقة الوظائف.
وقد رافق افتتاح هذا المركز، عقد العديد من المعارض الوظيفية داخل المخيم، والتي جمعت حوالي 24 شركة ومؤسسة وفّرت للاجئين في حينها أكثر من 850 فرصة عمل في قطاعات الصناعة، الزراعة والخدمات.
وفي حديث “للبنان المباشر” قال امين عام وزارة العمل الأردنية فاروق الحديدي : لقد سعت السلطات المعنية في الأردن إلى توفير فرص عمل للسوريين دون المساس بالأيدي العاملة الأردنية، وعليه فإن العمالة السورية تنافس فقط على نسبة العمالة الوافدة المسموحة للقطاع الخاص. وستعمل في المجالات المسموحة للعمالة الوافدة فقط والتي تشهد إقبالاً ضعيفًا للعمالة الأردنية عليها. مثل قطاعات الإنشاءات، والزراعة وخدمات النظافة العامّة، المصانع والمحالّ التجارية والمطاعم. كما يمكن للسوريين العمل أيضًا في القطاعات التي تتطلّب مهارات حرفية مثل الحرف اليدوية والمنسوجات.
واضاف أن من الخيارات الوظيفية الأخرى المتاحة للسوريين، نجد أيضًا فرص العمل الحر، فمن المعروف عن السوريين براعتهم في مجالات التصميم الجرافيكي والرسم والتحريك، مما أتاح لهم تقديم خدمات ومنتجات تنافس الجودة العالمية وبأسعار مناسبة ترضي الزبائن.
وقال الحديدي : حتى ربات المنازل السوريات يمكنهن تقديم خدماتهن وتوفير لقمة العيش لأنفسهن وعائلاتهن، من خلال إعداد الأطعمة السورية بأنواعها وبيعها للمحلاّت أو عبر صفحات الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. بل إنّ بعضهنّ قد استطعن فتح مشاريع لأنفسهن وتوفير فرص عمل لسوريين آخرين.
ومن أهمّ المهن التي يمكن للسوريين العمل بها نذكر ما يلي:
الخياطة والتطريز للإناث.
وظائف التغليف والتعليب في المصانع (ذكور وإناث).
تشغيل الماكنات في المصانع.
صناعة الحلويات والمعجّنات.
الإنشاءات والدهان والحدادة (للذكور).
الزراعة والحراج.
وأكدّت مها قطاع، منسقة الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في الأردن أن وزارة العمل في المملكة الأردنية على ضرورة أن ينخرط السوريون في سوق العمل بشكل قانوني من خلال الحصول على تصاريح العمل التي تعتبر حماية لكلّ من العامل وصاحب العمل.
واضافت أنه قد تمّ إعفاء تصاريح العمل المعطاة للسوريين من كافة الرسوم والطوابع، ويتم استيفاء 10 دنانير فقط لا غير كبدل تدقيق المعاملات.
مشيرة إلى ان الحصول على تصريح عمل لا يؤثر على وضع اللجوء للسوريين، مما يعني أنهم سيبقون محل اعتبار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لغايات إعادة التوطين.
وقالت ان المفوضية وشركاؤها من منظمات أخرى ستستمر بتقديم المساعدة لهم عند حاجتهم لذلك.