نضال العضايلة
يمتلك الأردن اوراقا يستطيع استخدامها لردع الكيان الصهيوني ولجم متطرفيه ووضع ساسته امام مسؤولياتهم، وامام اثمان لا قبل لهم بتحملها، ومن أبرزها التلويح بالغاء معاهدة السلام ووقف العمل بالاتفاقيات الإقتصادية مثل الغاز والماء مقابل الكهرباء ووقف كافة اشكال التطبيع.
ان استخدام الأردن لاوراق الضغط تحتاج الى دعم عربي، خصوصاً وأن امتلاك الاردن اطول حدود مع فلسطين المحتلة يعتبر من اكبر اوراق الضغط التي يستطيع الاردن استخدامها.
الأردن لديه الأدوات المناسبة واوراق الضغط السياسية والإقتصادية على الكيان الصهيوني ويجب ان تتصرف الحكومة على ان الاردن مستهدف ايضا وليس فلسطين وحدها في ظل الحكومة المتطرفة، فالمتطرفين الصهاينة لا يعترفون بالاتفاقيات ولا بسيادة الأردن على الأقصى ولا يتعرفون باي قانون او اتفاقيات ولا يجوز الاستمرار باصدار بيانات الشجب والاستنكار دون خطوات عملية.
الكل يتذكر ما فعله الملك الراحل الحسين بن طلال عندما حاول الاحتلال إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشغل بان حياته بكفة ومعاهدة السلام بكفة، مما اجبر حكومة العدو الصهيوني على الرضوخ لمطالبه، والتي كان من نتائجها ان أُفرج العدو الصهيوني عنه بموجب اتفاق جرى التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل على إثر تلك العملية الفاشلة.
تعتبر حكومة الاحتلال الصهيوني،مجموعة الزعران والمتعصبين ولا يوجد لديهم عمق سياسي ، والانتخابات التي جرت مؤخراً اخرجتهم من المستوطنات ويتصرفون على انهم عصابة لا اكثر.
ولكن الاردن لا يستطيع أستخدام أي أوراق ضغط دون دعم عربي بالإضافة الى ضرورة وجود دعم من الشعب الفلسطيني الذي يعتبر هو المحور الأساس في هذه المعادلة نظرا لكون الاردن يستطيع التدخل بدعم النضال الفلسطيني، الرهان الحقيقي لا بد ان يكون على قدرة الشعب الفلسطيني وثباته على الارض.
سلم الأردن والعرب كافة أوراق الضغط للكيان وأعتقد ان الأردن دون الإعتماد على العمق العربي لن يستطيع ان يفعل شيئا، لذلك فالمطلوب من الأردن الإعداد الذاتي لمواجهة هذه الحكومة نظراً لكون المرحلة المقبلة خطيرة جداً ويجب التفكير بحلول جدية لمواجهة تلك التهديدات.
كلنا يتذكر تصريح الملك عبدالله الثاني عندما قال: “إذا أراد جانب أن يفتعل مواجهة معنا، فنحن مستعدون جيدا”، وأكمل “ننظر إلى النصف المليء من الكأس، وفي المقابل لدينا خطوط حمراء، وإذا أراد أحد تجاوزها، فسنتعامل مع ذلك”.
إذاً على الأردن أن يقرر كيفية التعامل مع المشهد الذي يمضي نحو الاحتقان والإنهيار، خصوصاً ما يتعلق بمستقبل عملية السلام برمتها، وكيف يمضى في مشاريع حيوية بالتعاون مع إسرائيل كتبادل الكهرباء مع الماء، في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من تدهور.
الأردن يُدرك صعوبة الموقف في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، يقودها رئيس وزراء أوصل علاقات البلدين في حقبة سابقة إلى طريق مسدود، ولكن ذلك لا يُجرد المملكة من أوراق ستضع حداً لبنيامين نتنياهو وفريقه، وتفتح باب الخيارات لسيناريوهات غير متوقعة للتعامل مع تل أبيب.
ويبقى السؤال الأهم، هل يستطيع الأردن طرد السفير الإسرائيلي وإلغاء “وادي عربة”؟، خصوصاً وأن الأردن يحتفظ بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية “وادي عربة”، كما ان الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقعا في آذار 2013، اتفاقية تعطي الأردن حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين.
يقف الأردن وحيداً في معركة القدس، لكنه وفق معادلة الممكن والمتاح سياسياً لا يستطيع أن يلغي اتفاقية “وادي عربة” لأن لذلك كلفة سياسية باهظة، فإلغاء “وادي عربة” يهدد الوصاية الأردنية الهاشمية في القدس بإعتبار أن الإعتراف العالمي من قوى إسلامية ودولية وازنة بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس يستند من الناحية القانونية إلى بند في معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.
وماذا عن خيار المواجهة، الذي ينطلق من فرضية أن كلفة التكيف على المصالح الأردنية، أعلى بكثير من كلفة المواجهة مع السياسات الإسرائيلية، أقله على المدى البعيد، وأن أية خسائر قد تترتب على انسحاب الأردن من مشاريع “السلام الاقتصادي الإقليمي”، لن تقارن مهما عظمت، بالخسائر التي ستترتب على مشاريع حل القضية الفلسطينية خارج فلسطين، في الأردن وعلى حسابه.
اعود من جديد للسؤال الأبرز، هل يستطيع الاردن دون عمقه العربي الاستراتيجي ان يقف في وجه اسرائيل ويمنع شر الخلق نتنياهو وزبانيته من تنفيذ مخططاته التوسعية، وما وراءها من نوايا مبيتة؟، وهو الذي سبق الأحداث، وصرح قائلا بانه لا يهتم لرد الفعل الفلسطيني ولا الاردني، ولن يوقفه شئ، ليتحول هذا الأمر بعد ذلك الى أمر واقع على الأرض كما على الخريطة، وبفعل الزمن والتراخي والتخاذل العربي يمر المخطط كما مر كثير غيره.
الظروف المأساوية الحالية للعرب وخاصة الفلسطينيين من انقسام لا شفاء منه يعتبره الإسرائيليون مثالي لتنفيذ مشاريعهم الاستيطانية، وهم يعملون ليل نهار كالثور في الساقية على هذا الأساس لتمرير مخططاتهم على عجل تماشيا مع رؤيتهم للوضع الذي يمر به العرب.
وأخيراً، إذا كان الأردن يملك أوراق ضغط على إسرائيل فماذا تملك السلطة الفلسطينية من اوراق ضغط وقوة ليقارع بها العناد الاسرائيلي غير التهديد والوعيد الفارغين؟.