لم تعد العاصمة الفرنسية مجرّد محطة للإجتماعات الخاصة بلبنان والمؤتمرات الداعمة، إذ أن أوساطاً نيابية محايدة، باتت تصف الدور الذي تقوم به باريس والإليزيه، بأنه يقترب من رعاية فرنسية من حيث الشكل، ولكنها دولية من حيث المضمون، لمجمل الواقع والعناوين الرئاسية والمالية والإقتصادية المطروحة اليوم، وذلك بمعزلٍ عن الإجتماعات التي عقدتها قيادات ومرجعيات سياسية لبنانية مع المسؤولين عن الملف الرئاسي في الإليزيه في الأيام القليلة الماضية.
ومن الواضح، كما تكشف الأوساط نفسها، أن الدور الفرنسي يتجه إلى أن يصبح أكثر فاعليةً في المرحلة المقبلة، بحيث يصل إلى نتيجة حاسمة في الإستحقاق الرئاسي، في ضوء اتساع النقاش في الملفات والعناوين المطروحة في العهد المقبل، والروزنامة التي يحملها أبرز المرشحين إلى رئاسة الجمهورية.
إلاّ أن ما تقدم، وفق هذه الأوساط النيابية، لا يعني بالضرورة أن التعقيدات التي كانت وما زالت تحول دون إتمام الإنتخابات الرئاسية باتت في طريقها إلى الحلّ، بل على العكس، فإن أكثر من محطة سوف تسلكها أي مبادرة فرنسية رئاسية في المرحلة المقبلة، حيث أن الإجتماع الفرنسي – السعودي الذي انعقد منذ أسبوعين، لم يكن سوى المدخل إلى مسارٍ سياسي ستبدأ ترجمته في وقت قريب على الساحة الداخلية في بيروت، علماً أن المحطة الأخيرة المتمثلة بزيارة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى فرنسا، قد كانت مخصّصة، ومن قبل الجانب الفرنسي تحديداً، لعرض ورقة العمل والبرامج التي ستكون مطروحةً على طاولة النقاش بين العواصم المعنية بتقديم الدعم للبنان في كل المجالات السياسية والإقتصادية، في ضوء خطوتين أساسيتين تأخذان في الإعتبار، أولاً: نتائج الإجتماعات الفرنسية التي حصلت مع رئيس «المردة»، كما مع رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، ومع رؤساء كتل نيابية وأحزاب سيزورون باريس قريباً، وثانياً: خلاصات النقاش الذي انطلق على مستوى الدول الخمس التي التقت في فرنسا منذ نحو شهر.
ومن هنا، فإن الأوساط النيابية المحايدة، تكشف عن تسرع في بعض القراءات السياسية الداخلية، كما في ردود الفعل ذات الطابع التصعيدي في الأيام والساعات الماضية، موضحةً أن المناخات الداخلية لم تعد تسمح بترف الإنتظار والترقب، على وقع تصاعد مستوى الأزمات التي بدأت تضغط على كل القطاعات الإقتصادية والإجتماعية.
واستطراداً، فإن الأوساط نفسها، تشير إلى أن مشاورات دولية قد انطلقت على مستوى مجموعة الدول المانحة، تركّز على وجوب إنجاز تحرّك دولي ما لتحاشي الوصول إلى المزيد من الإنهيار المالي والإقتصادي، وبالتالي الوصول إلى واقع من الفوضى، قد لا يعود من الممكن بعدها، أن تنجح أية مبادرات أو تسويات في إعادة الإستقرار وتهدئة الأجواء والخطاب الطائفي المتشنّج، وبالتالي ضبط منسوب الإحتقان في الشارع كما حصل خلال الأسبوعين الماضيين.