تكتسب الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والتي لم تتوقف منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وتتراوح ما بين استهداف المدنيين والأطفال والصحافيين واستخدام أسلحة محظرة دولياً وصولاً إلى خرق القرار الدولي 1701 ، طابع جرائم الحرب، وهي استدعت تقديم وزارة الخارجية اللبنانية أكثر من شكوى إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من أن الشكاوى اللبنانية التي قدمتها وزارة الخارجية في الاسبوع الماضي، لن تؤثر على سياق العدوان الإسرائيلي في لبنان وكما في غزة حيث المجازر والإنتهاكات للقرارات الدولية كما للقوانين الدولية ولحقوق الإنسان، باتت أكثر من أن يتمّ إحصاؤها، إلاّ أن الشكوى ضد عدوان إسرائيل على سيارة مدنية استشهدت فيها ثلاث فتيات مع جدتهن والذي سبقه قتل الصحافي عصام عبدالله، من الأمم المتحدة، مروراً باستخدام القنابل الفوسفورية، هي خطوة ضرورية وذات دلالة معنوية، وبالتالي فإنه من الواضح أن هذه الشكاوى ستبقى حاضرة ومسجلة في مراحل مقبلة وذلك عندما يتمّ استئناف التفاوض حول مسألة تثبيت الحدود البرية الجنوبية.
لكن الوصول إلى تحقيق أي تقدم على هذا الصعيد لا يبدو متاحاً، خصوصاً في ضوء ما يُسجّل اليوم من جرائم ومجازر وعدوان في قطاع غزة، حيث يعبّر عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية في ستراسبورغ ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” المحامي الدكتور بول مرقص، عن أن “الوصول إلى العدالة الجنائية الدولية، فعليا، يمرّ عبر ممر سياسي إلزامي هو مجلس الأمن”.
ويوضح الدكتور مرقص لـ”الديار”، عن مجلس الأمن ” بأن آلية العمل فيه وصدور القرارات، مرتبطة بحق الفيتو الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية، علماً أن مصالح هذه الدول هي التي تطغى على أي قرار يقضي بإدانة أو قمع أي جريمة أو عدوان كالذي يحصل في غزة أو في جنوب لبنان، وهو ما أدى إلى تحويل المؤسسة الأممية في أحسن الأحوال إلى الدور الإغاثي المحدود بدلاً من القيام بالمهمة التي أنشئت من أجلها وهي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين”.
أمّا على مستوى الخروقات الإسرائيلية للقرار 1701، يرى الدكتور مرقص، أن القرار المذكور “يخضع لنمطٍ من الخروقات الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، حيث أنه يواجه قصوراً قي تطبيق مضمونه”. وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور مرقص أن “القرارات الدولية ملزمة، والجهة التي تخرقها هي إسرائيل اليوم، إلاّ أن أي موقف من قبل مجلس الامن الدولي، وفي حال انعقد، سيواجه بالفيتو من إحدى الدول الدائمة العضوية، التي تمنع أي قرار”.
وبالتالي، فإن استمرار الوضع في الجنوب على ما هو عليه اليوم، وعلى الرغم من الخروقات للقرار 1701، هو المرجّح، حيث لا مجال حاليا أو رغبة في التصعيد لدى الجانبين على طرفي الحدود، إلاّ إذا انزلق الوضع نحو احتمالات كبرى غير محسوبة وتؤدي إلى فتح الباب على مخاطر توسع الحرب.