بين المملكة العربية السعودية وفرنسا كثير من الملفات السياسية والاقتصادية المهمة، ومن بين الملفات يوجد الملف اللبناني، لكنه حتماً لن يكون له الأولوية كما يظن بعض اللبنانيين، ولو أن الفريقين السعودي والفرنسي المعنيين بملف لبنان تباحثا فيه قبل لقاء الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، لكن كما هو واضح فلا جديد قبل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت خلال الأيام المقبلة، والتي ستُخصص للقاءات ثنائية للرجل مع القوى السياسية من اجل وضع تصور عام لكيفية الخروج من الفراغ الرئاسي.
لن يحمل لودريان الى بيروت طرحاً فرنسياً جديداً، وسيكون مستمعاً للسياسيين من أجل مساعدته في جمع ما يلزمه من معلومات لنقلها الى الرئاسة الفرنسية، ومنها الى الدول المعنية بالملف اللبناني، لذلك بحسب مصادر سياسية مطلعة فإن من الصعب توقع أي جديد خلال الشهر الجاري، وهنا معلومات تتحدث عن وقت أطول من شهر حزيران.
تؤكد المصادر كما دائماً ان الحل في لبنان يجب أن ينطلق من الخارج، ولعلّ كلام نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب بشأن التفكير في إجراء انتخابات نيابية مبكرة يعطي صورة واضحة لحجم الخلاف داخل المجلس النيابي والذي لن يصطلح دون تدخل خارجي.
في هذه الأثناء سيكون امام اللبنانيين وقت ضائع يمكنهم التفكير في ملئه بمبادرات حوارية أو جولات استطلاعية، وفي هذا السياق تكشف المصادر أن طلب رئيس المجلس نبيه بري من بكركي الدعوة الى حوار وصل الى البطريرك الماروني وتلقفه بجدية، مشيرة الى أن الراعي سيدرس الموضوع فور تفرغه من السينودوس، لكنه بكل تأكيد سيقارب المسألة بحذر كونه حاول سابقاً رعاية حوار بين المسيحيين ولم ينجح فاستعاض عنه بصلاة وتأمل، لكيلا تظهر بكركي بمظهر العاجز عن جمع المسيحيين.
قبل اتخاذ أي قرار بشأن الدعوة الى الحوار ستتواصل بكركي مع القوى السياسية المعنية لاستطلاع رأيها، لأنها بحال قررت المبادرة للدعوة تحتاج الى توافر الموافقات الضرورية بشكل مسبق، وتُشير المصادر الى أن بكركي قد تتحرك في هذا السياق بعد انتهاء أعمال السينودوس نهاية الأسبوع.
كذلك تنوي كتلة الاعتدال الوطني التحرك بجولة استطلاعية على المرجعيات الروحية والسياسية، وبحسب المصادر قد تنطلق الجولات من دار الفتوى أو بكركي، لمحاولة إيجاد حلول وسطية بين الفريقين المتخاصمين داخل المجلس النيابي، وبحسب المصادر ستحاول الكتلة جمع كل النواب الذين بقوا خارج الاصطفاف الحاد بالمجلس، أي الذين لم يصوتوا لا لسليمان فرنجية ولا لجهاد أزعور، كما أنها ستحاول التواصل مع كتلة اللقاء الديموقراطي من أجل تشكيل جبهة نيابية تزيد على 25 نائبا تسعى الى الصلح.
كل هذه التحركات، مضاف إليها تحرك نائب رئيس المجلس النيابي الذي بدأ أمس، لن تصل الى نتيجة لأن المسألة تتعدى الحدود اللبنانية، والحاجة الى تسوية شاملة تشمل الرئيس والحكومة وتركيبتها وآلية عملها أصبحت أكثر إلحاحاً، بعدما أثبت المجلس في جلسته الأخيرة عدم قدرته على انتاج رئيس، مع العلم أن المعنيين بالشأن الرئاسي يؤكدون أن المطلوب رئيس بعدد أصوات يزيد على 80 نائبا، لكي يتمكن من الحكم وتشكيل حكومة سريعاً وإلا فسنبقى ضمن دوامة التعطيل والفراغ نفسها.