الهزة تعصف بلبنان. كل شيء يهتز ويتراقص ويرتجف، الهلع يرجف اجسادنا كورق الخريف الاصفر المتساقط، والفزع يضرب قلوبنا واجسادنا، والرعب يجعلنا نعرف معطوبيتنا وضعفنا، وانه لم يبق لنا الا السماء نصرخ اليها.
اكتشفنا فجأة عجزنا وضعفنا، وهشاشة وجودنا وفراغنا من كبريائنا، وادعائنا وعنجهيتنا وغطرستنا وثقتنا بنفسنا. فاذا كل شيء باطل وزوال، الا رحمة الله وشفقته علينا ولطفه بنا، ومد يد العون لسندنا وحماية عجزنا وهزالة وجودنا.
فاذا نحن وجود مهدد بالزوال، وكائن المعطوبية والزوال etre de fragilite et de finitude، وكل شيء يهز ويرتجف ويتشقق، ويتساقط حولنا وعلينا، ونحن نصرخ “يا عذراء، يا رب، يا الله الرحمة والحماية”.
“يا عدرا، يا عدرا، يا يسوع يا يسوع ويا مار شربل احمونا”، والحيطان تتسقاط والسقف ينهار والزجاج يتطاير والرعب يملأ المكان والفزع يتساقط عرقاً بارداً من ايدينا واجسادنا.
سقط وَهم القوة، وظهر ضعف وهزالة الوجود البشري والانساني، وغرور الكبرياء والانسانية، وتفجّر فراغاً وضعفاً وزوالاً. وحدها قوة الله الخارقة بقيت مع الصرخة “يا عدرا يا رب”، وتجلت محدودية الانسان امام جنون الطبيعة وقوتها وعظمتها.
كنا نعيش على سطح الوهم وقشور الغرور والكبرياء والادعاء، فجأة اجتاحتنا حاجتنا لربنا ولشفاعة القديسين وحمايتهم وحنان العذراء وحمايتها.
استيقظنا ليلاً، ونحن نصرخ للرب وللعذرا، ونطلب الخلاص والحماية من السماء، وان يوقف الرب بقدرته غضب الطبيعة وثورانها.
ارحم يا رب، ارحم شعبكَ، ولا تسخط علينا الى الابد، لان الى الابد رحمتكَ، ونحن عبيدكَ وخليقتكَ وجبلة يديكَ.
ارحم يا رب لبنان وشعبه، وارحم انفس الموتى في سوريا وتركيا ، واشف الجرحى، وانقذ من هم تحت الانقاض بقوة يمينكَ وعظمة رحمتكَ وقدرتكَ.
نحن نصلي ليبعد عنا هذه الفواجع وعن جميع الناس، خاصة في تركيا وسوريا في هذه الايام الباردة، حيث الصقيع وتساقط الثلج، وليرحم الرب انفس الذين ماتوا من الزلزال والهزة الارضية برحمته، ويرأف بنا، ونحن نعرف ضعفنا وسرعة معطوبيتنا.