نضال العضايلة
لماذا يسود شعور بأن الرافضين لفكرة أن تكون المرأة رئيسة دولة هم أكثر بكثير ممن يقبلونها؟ وفيما تكمن الصعوبة؟ هل في الخوف من مخالفة حديث نبوي شريف يقول “لا تفلح أمة ولوا أمرهم امرأة؟” وماذا لو كان الحديث نفسه لا يتضمن منعا وأنه مرتبط بحادثة غير قابلة للتعميم، ماذا لو أن الدين ليس ضد حكم المرأة؟ هل تحكم؟
تخوض المرأة اللبنانية معارك ضارية مع النظام الطائفي من أجل تحقيق المساواة والاستقلالية الكاملة عن الرجل وسلطته، مع النظام الطائفي، وأخرى على المسار التشريعي لا سيما في ظل عدم وجود قانون مدني موحد للنساء في لبنان.
وقد تكون بعض المجتمعات العربية أقل تشددا من أخرى في مسألة تقبل المرأة في المجال السياسي، ومع أنه ليس نادرا اليوم مشاهدة نساء تقارعن السياسة في عدد من الدول العربية إلا أن مسألة جلوسهن على كرسي الرئاسة لم يتحقق حتى اليوم، فهل يتحقق في لبنان؟
في لبنان قدمت سيدتان ملف ترشحها أمام لدخول معترك الانتخابات الرئاسية في تشرين الاول المقبل.
لبنان من أقل الدول العربية تمثيلاً للمرأة في البرلمان تحديدا على الرغم من أنه أكثر الدول العربية ديمقراطية؟ ولبنان من بين الدول العربية القليلة التي لديها تداول للسلطة على صعيد رئاسة الجمهورية، وفي لبنان هامش واسع من حرية الرأي والتعبير، حرية صحافة وإعلام.
والمرأة في لبنان تتمتع بحرية اجتماعية واسعة، توجد لديها تجربة تعددية حزبية حيث لم يعرف لبنان تجربة الأحادية الحزبية، فكيف توفق إذن بين هذا الانفتاح السياسي الملموس، والذي نعتبره شرطاً لتوسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وبين محدودية مشاركة المرأة في الحياة السياسية؟ هل السبب في ذلك أن اللبنانيون أوجدوا لأنفسهم نوع من الديمقراطية التوافقية، وهذا الطابع التوافقي لا يساعد على بروز دور المرأة؟ أم لأنها ديمقراطية طائفية في المقام الأول إذا جاز الوصف؟
تناضل المرأة في المجتمع اللبناني للحصول على أبسط حقوقها، في الوقت الذي يظن فيه مواطنو الدول العربية أن هذا الحق محصور في جسدها، وأن الانتقاد الدائم للمرأة وشكلها ينبع من الرغبة في التحكم بجسدها، خصوصاً وان الرجل هو من أكد هذا الظن.
تعود الى تريسي شمعون، وهي سفيرة السابقة لدى الأردن، التي تعد مقرّبة من الرئيس الحالي هي ابنة الزعيم السابق لحزب الوطنيين الأحرار داني شمعون وحفيدة الرئيس السابق كميل شمعون، وهي من أبرز الذين أعلنوا ترشيحهم للرئاسة بمؤتمر صحفي في 29 آب/أغسطس، عندما عرضت برنامجها بعنوان “رؤية جديدة للجمهورية”.
شمعون البالغة من العمر 62 عاماً، كاتبة ودبلوماسية وسياسية لبنانية، خدمت سفيرة للبنان في الأردن ما بين عامي 2017 و2020 حيث قدمت استقالتها من المنصب عقب انفجار مرفأ بيروت، خلال لقاء معها من بيروت بث عبر إم تي في اللبنانية، وذلك احتجاجًا على الأوضاع الداخلية في لبنان.
تدعم ترايسي بناء ديمقراطية حديثة، وتحدثت بشكل علني ضد ما أسمته النظام السياسي الإقطاعي الذي يبرز الولاءات القبلية بشكل أكبر من الاتجاهات الأيديولوجية في السياسة، وهي من منتقدي عمها دوري شمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار، بسبب تحالفه مع سمير جعجع، المدان بقتل أسرتها، إلا إنها رفضت بالانخراط في نقاشات داعمة للجهات المنتقدة والمعارضة لعمها.
السيدة الثانية التي أعلنت نيتها خوض انتخابات الرئاسة اللبنانية هي مي الريحاني، الناشطة في مجال تعليم الفتيات والدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها، وهي كاتبة وشاعرة وناشطة في مؤسسات التنمية الدولية ومقيمة في الولايات المتحدة.
والريحاني أكاديمية ورائدة للحمالت الدولية لتعليم الفتيات وجهود حماية حقوق المرأة، وتشغل حاليا كرسي جبران خليل جبران للقيم والسلام في جامعة ميريلاند الأميركية، وقد وضعت من خلال ذلك الموقع برامج أكاديمية تركز على تعزيز السلام وكسر الحواجز أمام الشعوب.
عملت كرئيس مشارك لمبادرة الأمم المتحدة لتعليم الفتيات في الفترة 2008-2010. أعلنت ترشّحها لرئاسة الجمهورية، في مؤتمر صحافي عقدته، الأربعاء، في فندق “البستان”، تحت عنوان “إنقاذ الكيان واستعادة الدولة، حيث شرحت رؤيتها القائمة على حماية هوية لبنان المبنية على الحرية وتعزيز الديمقراطية وتثبيت مرجعية الدولة وسيادتها.
وأكدت الريحاني، وهي ابنة شقيق الأديب اللبناني أمين الريحاني، أن الدستور هو مرجعها الأول والأخير، وتعهّدت بالعمل على وضع قانون جديد للانتخاب يضمن تمثيلا شفافا للبنانيين ويراعي مقتضيات الدستور، وأيضا العمل على حماية 80% من أموال المودعين، استناداً إلى خطة شاملة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.
وشددت الريحاني على ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية وبناء علاقات بناءة مع الجميع وتحرير القرار الوطني وعدم إخضاعه لتأثير أي من هذه الصراعات، مركزة على البعد العربي وأن يعيد لبنان علاقاته مع البلدان العربية.
يذكر انه في العام 1924 وفي زمن ما قبل استقلال لبنان، كان تأسيس الاتحاد النسائي اللبناني الخطوة الأولى لتنظيم عمل الناشطات والجمعيات والمؤسسات التي تعنى بشؤون المرأة ضمن برنامج اجتماعي وثقافي وسياسي مشترك. وهو أمر كان طليعياً في ذلك الزمن.
وفي العام 1928، انعقد اول مؤتمر نسائي في بيروت، وفي العام 1939، ظهرت سلوى نصار، أول عالمة فيزياء في لبنان، وفي العام 1943 شاركت النساء في التعبئة وفي التظاهر وطالبن بإعلان لبنان دولة مستقلة، حتى أن بعض التظاهرات نظمتها وقادتها نساء.
وفي العام 1945، أصبحت أنجيلا جرداق الخوري قنصل لبنان في الولايات المتحدة الأميركية، مكرّسةً دخول المرأة اللبنانية المجال الدبلوماسي، وفي العام 1946 قتلت وردة بطرس إبراهيم في أحداث شركة الدخان “ريجي”، وفي العام 1951، شهد هذا العام مسيرات مطالبة بدور وبحقوق سياسية للمرأة، ومن بين التظاهرات مسيرة إلى القصر الجمهوري وتظاهرة نسائية حاشدة أمام البرلمان للمطالبة بحق المرأة في التصويت والترشح.
وفي العام 1953، وبعد الضغط النسوي، بات للنساء المتعلمات وغير المتعلمات الحق بالاقتراع وبالترشح للانتخابات النيابية، وفي العام 1963، انتخبت ميرنا بستاني أول نائبة في البرلمان اللبناني، وهو أول حضور نسوي سياسي على مستوى التشريع في تاريخ لبنان.
في العام 2004، تألفت أول حكومة فيها وزيرات لأول مرة نساء في الحكومة اللبنانية، فقد تم تعيين ليلى الصلح وزيرة اقتصاد ووفاء حمزة وزيرة دولة للشؤون البرلمانية، وفي العام 2006، فريال دلول، أول امرأة في مجلس القضاء الأعلى، وشهد العام 2014، أكبر تظاهرة نسائية في لبنان، حيث شهد مشاركة أكثر من ٣٠٠٠ امرأة في مسيرة ضد العنف في اليوم العالمي للمرأة، وهي مشاركة اعطت زخماً كبيراً لاقرار قوانين تنصف النساء، كان من نتائجه إقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري.
وفي العام 2020، تم تعيين ٦ وزيرات للمرة الأولى في لبنان، من بينهن وزيرة للدفاع ولكن لا تزال الكوتا النسائية غير معتمدة.
ثبت حضور المرأة اللبنانية في الثورة صورة المرأة اللبنانية الحاضرة في الصفوف الأمامية، تفرض رأيها ومنطقها، وتعرف أن في الميدان تنتزع حريتها الحقيقية، فاللبنانيات فضلن أن يصبحن رموزًا حقيقية وثورية لهذا الحراك بدلًا من رموزٍ أهانهتن وأظهرتهن أداة إثارة وإغراء، والتاريخ اللبناني مليء بأسماء نساء أتيحت لهن الفرصة ولعبن أدوارًا مفصلية في الحقبات الماضية.
اليوم يحق للمرأة اللبنانية ان تصبح رئيسة للجمهورية، فنساء لبنان لهن تاريخ ولعل الماس الدويك، واسمهان الصيداوي، وانيسة النجار، وإلهام البساط، وايفون سرسق، وجوليا دمشقية، وروز شحفة، زينب مقلد، عنبرة الخالدي، فردوس المأمون، ليلى عسران، منيرة الصلح، سليمة ابي راشد، اسما ابي اللمع، انس باز، نظيرة جنبلاط، حبوبة حداد، مي زيادة، نجلاء صعب، ضوريس ضو، نيفين خشاب، منى نمر، نجاة عوني، يشفع للمرأة اللبنانية ان تصبح رئيسة للجمهورية او حتى رئيسة للحكومة او مجلس النواب.