الدكتورة دانيلا القرعان
يعلم الجميع أن العلاقات الأردنية اللبنانية هي علاقات ثنائية عالية المستوى، تجمعها الكثير من الروابط المشتركة، فهما أولاَ دولتان عربيتان ومن دول غرب آسيا ومن الدول الفاعلة في إقليم الشرق الأوسط، للأردن سفارة في بيروت وللبنان سفارة في عمان منذ استقلال كل منهما، وبعد رحيل الاستعمار البريطاني والفرنسي عنهم، كما يشتركان في علاقات ودية للغاية، ورغم أن النظام السياسي في الأردن هو نيابي ملكي وفي لبنان نيابي جمهوري فهذا يعني أن النظام النيابي فيهما مشترك بل ومتشابه الى حد كبير، وسياسياَ يتبادل البلدان مخاوف مشتركة من عبء استضافة اللاجئين الفلسطينين والسوريين والتصدي للإرهاب والوقوف ضد داعش.
إن نظام الانتخاب في كلا الدولتين تعرض لأكثر من تغيير، فمثلاَ سبق لمجلس النواب اللبناني أن أقر في 16 حزيران/يونيو 2017 قانون انتخابات أجريت بموجبه انتخابات 2018، مما أدى إلى وضع حد لسنوات طويلة من التأجيل والشلل وساهم في تحسين عناصر الإطار الانتخابي المعتمد على التمثيل النسبي والصوت التفضيلي لا على النظام الأكثري المستخدم منذ عام 1943، الأهم في قانون الإنتخاب اللبناني الجديد أنه يقف عائقاً أمام المرأة والفقير والحزب السياسي الصغير والمستقل للترشح، الخلاصة، منحت هذه المنظومة الأحزاب الكبرى تمثيلاً في مجلس النواب وأتاحت لها السيطرة على دوائر انتخابية معينة وحُدِّدت الدوائر بما يلبّي مصالح الأحزاب المتنفّذة من أجل إتاحة المجال أمام التحالفات الانتخابية لتحقيق أقصى قدر من المنافع والمكتسبات، وستظل الطائفة الأكثرية في نهاية المطاف تمارس تأثيراً أكبر في تحديد هوية الفائز بالمقعد عن طوائف الأقلية، إذ بموجب النظام النسبي الجديد يتنافس المرشحون و/أو التحالفات على حصص معيّنة من المقاعد في الدوائر الانتخابية ولدى المواطنين خيار انتقاء مرشّح مفضّل لديهم في دائرتهم الفرعية مما يعطي فرصة أفضل لانتخاب مجلس نواب ممثل للشعب. كما سوف يتمكّن المغتربون اللبنانيون لأول مرة من اختيار ممثّليهم في مجلس النواب والتي تشكّل تحويلاتهم المالية إلى لبنان نحو سدس إجمالي الناتج القومي، غير أنه لا يوجد ما يشير الى أن قانون الاننتخاب اللبناني الجديد يحدّد كوتا للنساء.
وفيما يتعلق بقانون الانتخابات الأردني فأيضاَ أقره مجلس النواب الأردني مؤخراَ بزيادة طفيفة على عدد المقاعد، مع بقاء اعتماده على مبدأ الصوت الواحد وأكثر من صوت داخل اللائحة الواحدة مع إضافة صوت أخر على مستوى الوطن وبإستمرار منح كوتا للمرأة والسماح لها كذلك بالفوز بالتنافس أيضاَ ان حصلت على أعلى الأصوات على مستوى دائرتها.
تعد التجربة النيابية اللبنانية مرتكز للاستقرار السياسي في لبنان، ومسألة تداول السلطة في لبنان على غاية من الأهمية، فالعمل الحزبي في لبنان متقدم عما هو في الأردن الذي لا يزال يحاول خلق أحزاب كبيرة متنافسة كحالة لبنان، فالأردن لديه فوق الستين حزباَ لكن لم يتمكن أي من هذه الأحزاب من الفوز بأكثرية نيابية كون أغلب الترشيح يتم على أساس شخصي مستقل وتحت عباءة عشائرية بالغالب، والانتخابات النيابة لبنانية ضرورة حتمية لحساسية الوضع الطائفي فيه حيث أن التقاعس عن اجراء الانتخابات يحدث فراغاَ في أحد أقطاب المنظومة السياسية، على عكس الأردن الذي يعطي للملك في حالة غياب المجلس أو تأخر اجراء الاننخابات كما حدث بعد حرب عام 1967 صلاحيات الاستمرار بالحياة السياسية واختيار رئيس وأعضاء الحكومة وتشريع قوانين مؤقتة لحين التمكن من اجراء هذه الانتخابات.
وحيث يقف لبنان الأن امام استحقاق دستوري نيابي سيجري بعد أيام، بالتالي، ينظر الأردنيون الى التجربة اللبنانية في موضوع اللوائح النسبية بنظرة ترقب واهتمام لتشابه الحالة في قياس أثر كل من تطبيق ذات الفكرة في الانتخابات النيابية الأردنية القادمة خلال الأشهر القادمة، وأثر الترشح الحزبي في اللوائح الانتخابية كون هذا الأمر لا يزال جديداَ على الحالة الأردنية، وإذا كان قانون الانتخاب اللبناني مبني على أساس طائفي فإن القانون الأردني فيه ما يشبه هذا الأساس لكن بشكل عكسي، حيث يمكن القول أن البعد العشائري وحقوق الأقليات في الأردن تشبه الى حد ما البعد الطائفي لكن بحدة أقل، ففي الأردن هناك مقاعد مخصصة للمرأة والبدو والمسيحيين وأقليات الشيشان والشركس، في حين في لبنان كل المقاعد النيابية موزعة على كل طائفة بعدد معين في كل دائرة.