في مسيرة التحرير من إلاحتلال عند الشعوب لا يقتصر الفعل على المقاومة العسكرية بل يمتد أيضا إلى مفهوم المقاومة الثقافية ، والتي لها دور اساسي في تصليب عزيمة النضال من اجل الوجود الحر الكريم وأستنهاض الشعب من جديد وأستنفاره وتجميع قواه كقوة قادرة على تقرير مصيرها بنفسها.
استناداً إلى هذا الوعي بالتاريخ والهوية القومية والحضارية ، وفي خضم مواجهة وطأة الاحتلال وإهدار حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية.
تأتي مبادرة “دار نلسن للنشر بالتعاون مع مؤسسة عامل الدولية ،والتي تهدف إلى جمع مئة ألف كتاب من المتبرعين وأرسالها إلى قطاع غزة بعد ان دمر العدوان الصهيوني الاخير عددا كبيرا من المكتبات والمراكز الثقافية هناك.
لقد أتسع مفهوم المقاومة الثقافية بمرور الزمن وبات يسير جنباً إلى جنب مع قيم البطولة والمقاومة المسلحة.
ومن هنا جاءت هذه المبادرة كتعبير عن فعل المقاومة في نفوس اصحابها.فما يجمع الثائرين هو روح المقاومة بأبعادها الفكرية والثقافية والانسانية.فطوبي للذين يدركون أن الكتاب له معان متعددة في استنهاض الانسان وجعله ثورة تضيئ دروب الحياة ، وأنه علامة من علامات الانتصار على طريق التحرير. وبسوألك كامل مهنا عن هذه المبادرة يجيب: أن جذوري ضاربة في أعماق فلسطين.
وحياتي متصلة بها في اعمق محطاتها النضالية.” اذا فالاخلاص للقضية هو المفتاح الاقوى في شخصية اصحاب المبادرة. انها رسالة للجلادين المعتدين الذي يصرون على السير عكس التاريخ، وانتهاك حرمات اصحاب الارض بجرائمهم.بأن للمقاومة الثقافية امكانية عجيبه في تفكيك كل الجدران المانعة من الوصول إلى التحرير.
انها معركة واحدة بوجوه متعددة. لقد اثبتت هذه المبادرة أن مشروع المقاومة الثقافية يمكن له أن يتحول إلى مشروع مركزي وأن لايبقى مجرد افكار متناثرة لايربطها ناظم.
وان هذه المبادرة يمكن التأسيس عليها لبناء مبادرات اخرى مماثلة أو ربما اكثر تطوراً.
ان هذه المبادره أن عبرت عن شيئ فهي تعبر عن ان هذا الشعب مازال يصر على وحدته القومية ويرفض وقف عجلة التاريخ. كما يرفض ايضا الانحطاط الثقافي والفكري الذي يقود في نهاية الامر إلى قفزة في فراغ التراث وفراغ التاريخ، والدخول في جهنم التطبيع مع العدو، والذي يسعى إلى ترسيخ التجزئة القومية والتبعية الثقافية وفرض التخلف الفكري على ابناء هذه الارض. اننا ندعو ألى تأسيس شبكة قومية للتفاعل الفكرى والثقافي الدائم للقيام بهكذا مبادرات تكون درع المقاومة وسندها.
ان هذه المبادرة لمؤسسة عامل ودار نلسن للنشر لايمكن وصفها إلا بالمبادرة المضيئة في مواجهة الصهاينة الذين يريدون ضرب كل توجه حديث يذكرنا بتاريخنا العظيم.
نبيل المقدم