نضال العضايلة
بإدانة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عمليات المقاومة الفلسطينية الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل 11 إسرائيلياً، ووصفها بالعمليات “الإرهابية”، وتقديم تعازيه لهرتسوغ بمن أسماهم “الضحايا” الذين قتلوا من جرائها، متمنياً الشفاء للجرحى، يكون قد دق مسمارا في نعش القضية الفلسطينية التي عرف عنه أنه من أكبر المدافعين عنها طيلة عقود مضت.
ويبدو أن الإتفاق المزمع إنشاؤه مع “إسرائيل”، في مجال الطاقة، يُعدّ مكسباً لاردوغان، الذي أعرب عن رغبته في الحفاظ على الزخم الذي اكتسبته العلاقات الثنائية خلال زيارة هرتسوغ إلى تركيا في 9 آذار/ مارس المنصرم.
لقد بدا واضحاً أن وحدة الموقف والتضامين بين هيرتسوغ وأردوغان ، تتطلب القيام ببعض الخطوات والتضحية لإعادة بناء الثقة بينهما مع مرور الزمن، إسرائيل، بالرغم من منصب الرئيس في إسرائيل “رمزي” وليس له وزن سياسي يعتد به، إلا أن “زعيما شريكي الائتلاف في الحكومة الإسرائيلية، رئيس الوزراء بينيت ووزير الخارجية لابيد، كلاهما يدعمان زيارة هيرتسوغ وقد رحبت الحكومة بها، وهذا أمر مهم يشير إلى أن إسرائيل أيضا تريد إعادة العلاقات (مع تركيا) من جديد”.
ويرى الجانبان أنه من أجل المستقبل، فإن على تركيا وإسرائيل القيام بمشاريع مشتركة، بالإضافة إلى حوار مباشر دون وسطاء بين بينيت وأردوغان وبناء الثقة على أساس شخصي.
ومن الواضح أن علاقات تركيا مع أوروبا ودول الشرق الأوسط قد تراجعت وساءت في السنوات الأخيرة، وبناء على ذلك تحاول تركيا الآن الخروج من عزلتها، وبدا أن هناك الآن ميلا إلى “الخطوات البراغماتية” في سياسة تركيا الخارجية، هذا بالإضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية أيضا تدفع انقرة إلى البراغماتية، فهي لا تستطيع تحمل قطع علاقاتها التجارية مع الخارج.
وبغض النظر عن كل الخلافات الدبلوماسية، تبقى إسرائيل شريكا تجاريا هاما لتركيا، ففي عام 2021 تم تحقيق رقم قياسي جديد في التبادل التجاري بين البلدين، والذي وصل إلى 8,1 مليار دولار، لذلك فإن هناك حديث عن تعزيز وتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وإسرائيل، ومن المتوقع أيضا الحديث عن تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة.
زيارة هيرتسوغ إلى تركيا وصفها أردوغان بأنها “فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا وإسرائيل”، وخطوة تعكس رغبة المتنافسين الإقليميين في إصلاح العلاقات بعد سنوات من توترها.
ولدى تركيا وإسرائيل نفوذ واسع في المنطقة، وقد توافقتا على أن إعادة تأهيل العلاقات بينهما يمكن أن تسهم في ترسيخ الاستقرار الإقليمي.
ويرجح مراقبون أن تكون إسرائيل تسعى إلى وقف التخطيط اللوجستي والعسكري لحماس على الأراضي التركية، في إطار أي تحسين للعلاقات الدبلوماسية مع أنقرة، في حين يرجح محللون أن تكون الاعتبارات الاقتصادية هي وراء السعي التركي للتقارب مع إسرائيل ومختلف القوى الإقليمية الأخرى، فتركيا تعاني من أزمة مالية حادة وبلغ معدل التضخم فيها مستويات قياسية في الآونة الأخيرة.
ورغم أن العلاقات التجارية بين الطرفين ظلت قائمة رغم توتر العلاقات، إلا أن هناك خلافاً بين البلدين حول السياسات المتبعة في شرق المتوسط وتحديداً حول موارد الطاقة في المنطقة، إلا أن أردوغان أبدى استعداده للتعاون مع إسرائيل في مشروع خط أنابيب للغاز في شرق المتوسط وقد تمت مناقشة التعاون في مجال الطاقة خلال زيارة هرتسوغ لأنقرة مؤخراً.
في سبتمبر / أيلول من العام الماضي، استضافت تركيا مباحثات بين ممثلين عن حركتي فتح وحماس لرأب الصدع بينهما وتحقيق المصالحة الفلسطينية ولعبت أنقرة دور الوسيط في هذه المباحثات، إلا أن الوساطة النشطة بين حماس وإسرائيل وأيضا إقامة حوار كانت بمثابة مبادرة ستصب في صالح تركيا وتحقق لها فوائد عديدة.