نضال العضايلة
خاص- لبنان بالمباشر -ما إن دخل حزب الله الحرب مع إسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023، حتى سارعت آلاف العائلات في شتى أنحاء جنوب لبنان إلى جمع أمتعتها والتوجه شمالاً في سيارات وشاحنات وعلى دراجات نارية، بينما يواصل الجيش الإسرائيلي قصف الجنوب بلا هوادة. وفي الوقت نفسه، عم القلق في بيروت أيضًا بين المواطنين، فمع وصول النازحين من الجنوب إلى العاصمة في سيارات تحمل حقائب على أسطحها، بدأ بعض سكان المدينة في مغادرتها.
في أغسطس 2024، أظهر مقطع فيديو لحزب الله بعنوان “جبالنا مخازننا” مدته أربع دقائق ونصف، ما يبدو أنه أنفاق تحت الأرض كبيرة بما يكفي لاستيعاب قوافل الشاحنات. ويبدو أن بعض الشاحنات تنقل الصواريخ والقاذفات عبر المنشأة التي تم تحديدها باسم “عماد 4” – في إشارة إلى القائد العسكري عماد مغنية، الذي قُتل في تفجير سيارة بدمشق عام 2008.
إسرائيل كانت على علم بهذه المنشآت تحت الأرض “منذ فترة”، ولديها خبرة في التعامل مع أنفاق حماس في غزة. يُعتقد أن هذا هو التحدي الذي ستواجهه إسرائيل إذا دخلت لبنان في الحرب القادمة.
ورغم وجود شبكة الأنفاق لدى حزب الله، فإن لبنان يفتقر إلى الملاجئ والمساحات الآمنة التي تحمي المدنيين من النزوح. المشكلة لا تقتصر على غياب الأماكن المحصنة ضد القصف كما في بلدان أخرى، بل تتجاوزها إلى غياب الخطط والرؤى لمواجهة الكوارث المتعددة. وبينما يسخر بعض اللبنانيين من دخول ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ لتجنب القصف، نجد اللبنانيين عرضة للتشرد بسبب غياب التنظيم لخطط الإيواء.
كان على حزب الله الموازنة بين بناء الأنفاق وتشييد الملاجئ لحماية سكان الجنوب من خطر الحرب، خصوصًا وأن المستوطنات الإسرائيلية المقابلة تحتوي على ملاجئ يلجأ إليها السكان عند سماع صفارات الإنذار.
اليوم، يعيش اللبنانيون حالة خوف من الحرب التي تشنها إسرائيل، وهذا يعيد إلى الأذهان مشاهد المجازر التي ترافق كل عدوان على لبنان.
كان من الأولى أن يبني الحزب ملاجئ تحمي اللبنانيين، وخاصةً أهل الجنوب، وتبقيهم في أرضهم بدلًا من نزوحهم إلى بيروت والجبل وباقي المناطق، كما هي الحال في المستوطنات الإسرائيلية. فوجود الملاجئ يساهم في الصمود ويعطي إحساسًا بالطمأنينة والأمان.
في لبنان، لا توجد صفارات إنذار ولا ملاجئ حين تدوي القذائف، ولطالما اعتمد الحزب على النزوح الداخلي كوسيلة لحماية المدنيين، لأن الحروب على لبنان لم تكن شاملة. فإسرائيل تهدف إلى بث الشقاق في المجتمع اللبناني وتتجنب إثارة غضب الدول الأوروبية وغيرها، مما يدفعها لتجنب قصف المناطق المسيحية.
وفي ظل الترقب لما ستؤول إليه التطورات في الأيام المقبلة، تستعد إسرائيل للحرب بفتح الملاجئ التي كلفتها ملايين الدولارات في عدد من المدن. أما اللبنانيون فلا يعرفون إلى أين يلجؤون أو ماذا يفعلون في حال امتداد الضربات الإسرائيلية.
لماذا لم يستعد الحزب لهذه الحروب رغم أنه في قلب الصراعات؟ وهل يمكن للأبنية في لبنان تحمل الضغط الناتج عن القصف؟ كان يجب على الحزب تشييد ملاجئ للمواطنين، بدلاً من الاكتفاء بالأنفاق التي تخدم الأغراض العسكرية فقط.
الوضع في جنوب لبنان أكثر سوءًا، حيث أن معظم المباني تفتقر إلى ملاجئ، أو أن الملاجئ الموجودة غير صالحة للاستخدام. والأسوأ من ذلك، أن بعض هذه الملاجئ تُستخدم لتخزين الأسلحة والذخائر من قبل الحزب.