توقفت اوساط سياسية عند موقف وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان منذ اسبوعين وتأكيده ان بلاده مستعدة لمساعدة سوريا والمشاركة في عملية إعادة الاعمار اذا تم الحل السياسي للأزمة السورية برعاية الامم المتحدة. واعتبرت أوساط في المعارضة الموقف السعودي واضحاً يتماهى مع مضمون البيان المكتوب الذي تلاه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري من بعبدا عندما طالب بتطبيق اتفاق الطائف وتنفيذ القرارات الدولية 1701 و1680 و1559 التي تنصّ على نزع سلاح الميليشيات وبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية مما يعبر بشكل صريح عن موقف واضح من مشاركة حزب الله في الحرب على سوريا ومن ضبط الحدود ووقف التهريب ووصول السلاح الى حزب الله .
وفي اليمن طرحت السعودية مبادرتها لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل. إلى ذلك، توجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اليوم الى السعودية في زيارة رسمية هدفها توطيد العلاقات المتميزة، كما أوضح.
فهل سيكون للسعودية دور فاعل في الحل الشامل للمنطقة بدءا من اليمن مروراً بالعراق فسوريا وصولاً الى لبنان؟
الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية العميد الركن خالد حماده قال لـ”المركزية” “لا شك ان الامور مرتبطة ببعضها وتشكل مشهداً واحداً.
ففي لبنان، تحدث البخاري عن أمرين مهمين: أولاً القرارات الدولية في لبنان، حيث ركّز على القرارين 1559 و1701 وكأنه بذلك يجيب على دور حزب الله وانسحاب كل الجيوش من لبنان، وثانياً الطائف وهو بذلك يتحدث عن حل الميليشيات.
بدوره، تحدث وزير الخارجية فيصل الفرحان عن مسألتين تتعلقان بسوريا، الاولى العملية السياسية التي يجب ان تشارك فيها المعارضة وفقاً للقرار 2254 والثانية مستقبل النفوذ الايراني في سوريا.
كما ان العراق يعاني من مشكلة النفوذ الايراني أيضاً”، لافتاً إلى “أن القصف على جنوب المملكة العربية السعودية وأعمال الشغب في بعض محافظات العراق والتحركات العسكرية في شمال شرق سوريا وازمة الحكومة في لبنان، اربعة مكونات لملف واحد هو ملف التصعيد الايراني في مواجهة الادارة الاميركية”.
ورأى حماده “ان هذه الامور مجتمعة، تزامنت مع اجتماع حلف شمال الاطلسي (الناتو) في بروكسل، الاسبوع الماضي وانضم اليه وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن، حيث لم يكن هناك وضوح حول ما تريده الولايات المتحدة الاميركية من منطقة الشرق الاوسط وما قيل في اعقاب المؤتمر بأن الاميركيين سيعلنون في غضون اسبوعين عن مجموعة مواقف تتعلق بالملف الايراني ومسألة الشرق الاوسط، خاصة وان الاميركيين اوقفوا عملية انسحاب الجيش الاميركي من سوريا وبالتالي اصطدمت الدبلوماسية الاميركية مع التصلب الايراني، الذي لم يكن متوقعاً، ووجدت المنطقة نفسها امام هذه المواقف الجديدة”، معتبراً “ان لا يمكن فصل هذه الملفات عن بعضها كما علينا النظر إليها في ضوء المواقف الاميركية الجديدة وكيف سيتم التعامل الاوروبي معها”.
واشار حماده الى “ان الدبلوماسية السعودية واضحة لجهة التمسك بالدور في اليمن والاصرار على إنهاء الدور الايراني والمشاركة في المفاوضات النووية، وبالتالي نحن امام موقف مشتبك والمسار غير واضح المعالم، وقد ينفجر حربا في مكان ما او في اكثر من مكان، ولبنان مرشح ان يكون واحدا من مسارح العمليات لا سيما وأن موقف الرئيس المكلف سعد الحريري والصدام الاخير الذي حصل مع رئيس الجمهورية والانسداد في الافق السياسي هو جزء من هذه المنازلة”.
هل لدى احد برنامج للحل وهل ممكن للبنان ان ينفصل عن هذا الصدام؟ أجاب: “لا يبدو ذلك حتى الساعة، كما لا يمكن فصل لبنان عن هذا الصدام.
لذلك لا حل في لبنان بمعزل عن الحل الشامل، وأقصى ما يمكن ان يحصل عليه لبنان هو مساعدات انسانية لا تتجاوز المئة او المئتي مليون دولار لتوزيعها على الاسر الفقيرة مع ضبط عملية توزيعها، انما لبنان سيبقى حيث هو اخفاق اقتصادي، وانسداد سياسي، ويبقى اهتزاز الامن او انفجار الموقف احتمالاً قائماً في مكان وتوقيت تفرضهما المستجدات”.