قيل عن النوم بأنه «الموتة الصغرى»، والحرمان منه يطلق علية «SLEEP DEPRIVATION» أي عدم اخذ القسط الوافي منه واسبابه كثيرة ومتعددة منها: الارق المزمن الناتج عن التوتر النفسي، الأعباء الحياتية والاقتصادية، التفكير المتواصل بشأن الهموم اليومية كالعمل، الدراسة، المال، الصحة في حال كان أحد الافراد يعاني من حالة مرضية معينة كـ «الزهايمر». او الروتين اليومي الخاطئ والغير منظم.
هذه الأمور مجتمعة، تبقي العقل متيقظا ومشغولا بالتفكير المستمر بأحداث انقضت او القائمة في الوقت الحاضر وتلك التي ستحدث مستقبليا. وبالتالي تعرض الأشخاص الذين يتأثرون بالقلق للاستيقاظ طيلة الليل او النوم المتقطّع الذي يولد شعورا بالضيق وعدم التركيز والبكاء وقد يصل الامر الى حد نوبات صراخ هستيري.
من امر عرضي الى حالة مرضية
في سياق متصل، فقد أظهرت دراسة أجريت في لبنان، ان الافراد الذين يعانون من امراض القلق المرضي، ربما يمكثون من 6 الى 28 عاما قبل البدء بالبحث عن علاج مناسب وتلقيه، وذلك بسبب العوائق المجتمعية والاقتصادية، وهذا ما قد يؤجج الازمة لتتحول من امر عرضي الى حالة مرضية . وبينت الدراسة ان أحد أسباب تأزم الحالة يعود الى قلة النوم، وبالتالي يغرق المرء بالتفكير أكثر ما يؤدي الى الاستيقاظ المتواصل وهذا امر خطير.
وعليه، فان مقاومة النوم لأي سبب قد يكون بهدف السهر او تناول مشروبات فيها كميات كبيرة من الكافيين والكحول او اخذ قيلولة، والمرح قد يؤدي الى مضاعفات صحية خطيرة قد تصل الى الموت، خصوصاً أنّ اضطراباته مرتبطة بمشكلات صحّية عديدة تشمل النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وارتفاع ضغط الدم، والزهايمر.
النتائج سلبية
لا يجب تأجيل النوم لأي سبب، فقلق ساعة من الليل قد لا يوازيه أربع ساعات من النوم نهارا بحسب الاخصائيين، ما قد ينتج عنه اضطرابات عصبية ونفسية، بحسب المعهد الألماني لطب النوم (DGSM). يقول أحد الخبراء الالمان من المعهد ان «النوم يحقق المعجزات»، ولا يمكن تحديد ذلك بالساعات ، وانما العامل المحدد هو الجينات، مما يعني ان كل واحد منا عليه مراقبة جسده لاستخلاص عدد الساعات التي يحتاجها للنوم. ومع ذلك فان المعدل التقريبي للرجال يقدر بـ 7 ساعات، اما النساء فتحتجن الى 20 دقيقة إضافية.
الطلب على الادوية المساعدة على النوم مرتفع
في الموازاة، تقول الصيدلانية زينب سليمان لـ «الديار»، ان الطلب على الادوية التي تحتوي على مادة الهيستامين والدوكسيلامين وهرمون الميلاتونين، الذي يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ الطبيعي والمهدئات التي تساعد على النوم مرتفعة جدا، والطلب عليها قد يتخطى الـ 70 في المئة، بالإشارة الى ان أسعارها باتت باهظة جدا. وتشير الى ان هذه الادوية معظمها موجود، وأحيانا تفقد بسبب ازمة الدواء الراهنة. وتنصح سليمان باللجوء الى الأعشاب المهدئة للتغلب على القلق مثل النعناع والبابونج واليانسون.
الاجراءات المطلوبة للحصول على نومٍ أفضل
في هذا الإطار يقول اختصاصي طب النوم وعلم الأعصاب الدكتور برندن لوسي، من «Washington Sleep Center»، إنّ النوم عالي الجودة أساسي للصحّة، وبالتالي يجب توفير ساعات كافية منه وجعله من أولى الأولويات، ولتحسين عادات نومكم والشعور فعلاً بتغيرات ملحوظة، نصح لوسي باتباع الاجراءات التالية:
- النوم ما لا يقلّ عن 7 ساعات : هناك دلائل قويّة على أنّ النوم لأقلّ من 7 ساعات في الليلة لا يسبّب التعب والنعاس فحسب، إنما يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكّري، ويُضعف الأداء المناعي. لذلك، فإنّ النوم لفترات أطول هو التغيير الذي سيكون له الأثر الإيجابي الأكبر على صحّتكم.
- إبعاد الـ «Laptop» من مكان النوم: من المُغري اصطحاب الـ «Laptop» إلى السرير لمزيدٍ من الراحة والدفء أثناء القيام بالمهام الموكلة إليكم، غير أنّ ذلك قد يجعلكم مستيقظين لوقتٍ متأخر. لذا يُنصح بالتوقف عن العمل قبل ساعة من الخلود إلى الفراش إذا أمكن، والقيام بشيء تستمتعون به ويضمن لكم الاسترخاء مثل تمارين التمدّد، أو القراءة، أو الاستحمام، وربما اخذ مشروب دافئ قد يشعركم بالاسترخاء ويولد لديكم الشعور بالنعاس وهذا عامل جيد.
- التقليل من الكافيين بعد الظهر: المشروبات التي تحتوي على كميات كبيرة من الكافيين تبقى في الجسم لما يزيد عن 4 ساعات إلى 6. ما يعني، إذا كنتم تنامون عند الساعة 10 مساءً، فإنّ شرب اللاتيه عند الساعة 4 عصراً يستطيع فعلاً عرقلة الراحة وبالتالي القلق وعدم النوم. لذلك لا بدّ من التوقف عن احتساء كل ما يحتوي على الكافيين بين الساعة 1 و2 قبل الظهر. وإذا كنتم تتوقون للحصول على فنجان قهوة عصراً لمزيدٍ من النشاط، فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2017 في «Physiology & Behavior» أنّ النزهة القصيرة منحت طاقة أكبر مقارنةً بجرعة صغيرة من الكافيين».
- تفادي الاستراحات الطويلة: ان اخذ قيلولة خلال اليوم تُصعّب القدرة على النوم ليلاً، ما قد يضعكم في دورة سيّئة حيث تحتاجون مرّة أخرى إلى أخذ استراحة جديدة للتمكّن من الصمود خلال اليوم. ويتابع، يُستحسن تفاديها كلّياً، إذا أمكن، ولكن عند الضرورة يجب ألّا تتخطّى القيلولة 15 إلى 20 دقيقة، مع الحرص على ضبط منبّه الخلوي تفادياً للمبالغة في النوم.
- الضوء والمشي السريع: كل ما تفعلونه أثناء النهار يؤثر على جودة النوم ليلاً، وهذا يشمل التعرّض للضوء، والواقع إنّ التعرّض المستمرّ للنور في الفترات الصباحية سيُسهّل القدرة على النوم مساءً. لذلك لا تتردّدوا في فتح الستائر، أو حتى المشي سريعاً في الهواء الطلق.
- خفض جرعة الكحول: قد يكون اللجوء الى احتساء الكحول بعد الساعة 6 مساءً أحد أسباب مقاومة النوم الجيد، ولأسباب مختلفة ناتجة اما عن مشاكل نفسية، أو كثرة السهر في أماكن تقدم هذا النوع من المشروبات. بحسب لوسي، «يرجع الامر إلى أنّ التأثير المهدّئ للكحول يتلاشى مع الوقت، ما يدفع إلى الاستيقاظ في الليل. فضلاً عن أنّ هذه المشروبات مدرّة للبول، وبالتالي تُجبركم على الاستيقاظ للتبوّل.
- الالتزام بجدولٍ ثابت: وجدت الأبحاث العلمية أنّ الشخص الذي ينام 7 ساعات كل ليلة في الوقت ذاته، يتحلّى بوعي ويقظة أكبر، مقارنةً بنظيره الذي يحصل على 7 ساعات من النوم، ولكن بأوقاتٍ مختلفة.
فلا تترددوا بوضع جدول يساعدكم على تنظيم اموركم الحياتية، ما يخفف من العشوائية التي قد تسبب القلق، والذي بدوره يؤدي الى خلل في ساعات نومكم، الذي ينتج عنه ليس فقط الاستيقاظ وانما امراض وربما الموت.