الاشواغاندا او نبات العبعب باللغة الهندية، ويسمى أيضا «الجنسينغ» وأحيانا الجنسا الهندية، ويعرف بأسماء أخرى مثل الفراخ او غوبب كما يكنّى في اليمن. وتطلق عليه بعض المراجع الإنكليزية اسم «الوتيانيا المنومة» وأيضا الكرز الشتوي.
هذه العشبة التي باتت حديث الكثيرين في الأسابيع الأخيرة، بعد انتشارها بشكل واسع عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، انقسمت الآراء حولها، فالبعض يراها علاجا سحريا للعديد من الامراض، بينما اعتبرها آخرون صيحة جديدة «للبلوكرز» بهدف الترويج لمنتج جديد. والحقيقة ان هذا النبات وظّف في الطب قديماً، وذاع صيته في علاج الكثير من الاسقام، وسيتم التطرق الى أهميتها وفوائدها بالتفصيل.
البنية والشكل الخارجي
«الاشواغاندا»، نبات عشبي معمر ومنتشر بكثرة، يتراوح ارتفاعه ما بين الـ 70 الى 150 سم، مغطى بشعيرات، والأوراق لونها يميل الى الرمادي الحاد نوعا ما، وطوله حوالى 10 سم، اما الازهار فهي ثنائية الجنس مخضرة تتألف من مجموعات. وتتميز الثمار بالعنبية البرتقالية اللون، شبيهة بالكرز الهندي، وعند نضوجها تصبح دائرية الشكل، ناعمة البذور صفراء مغطاة بالقشور.
مفعول يضاهي العقاقير
وقد شرح الصيدلي والاختصاصي في طب الأعشاب محمد طرابلسي لـ «الديار» أهمية هذا النبات فقال: «يستخدم في الطب الهندي «الايورفيدي» ، الذي نشأ منذ أكثر من 4000 سنة، ويقوم على نظرية ترى ان المرض ينتج من اختلال التماثل في قوة حياة الجسم او البرانا «PRANA». بحيث يتم تحديد توازن قوة الحياة هذه، من خلال التعادل بين الصفات الجسدية الثلاث التي تدعى دوشات «DOSHAS»، فاتا «VATA»، وبيتا «PITTA» وكافا «KAPHA». والايُيرفيدة تعني علم الحياة، كناية عن منظومة مستمدة من تعاليم الطب التقليدي، التي ظهرت في شبه القارة الهندية وامتدت الى العالم كشكل من اشكال العلاج البديل».
وقال: «هذا النبات فريد في تنشيط الجسم والعقل، ويستخدم على نطاق واسع في الطب الهندي الايورفيدي، ومشهور عالميا باسم «الاشواغاندا»، وهي ترجمة حرفية هندية لعبارة «رائحة الحصان»، والاسم العلمي لهذه العشبة هو WITHANIA SOMNIFERA، وهي مشتقة من الكلمة السنسكريتية «اشواغاندا»، التي تعني الرائحة لمحة الحصان، ويرتبط ذلك بالأريج الاستثنائي الذي يشبه شذا الحصان. وليس من الهجين ان يهب هذا النبات الدفء والقوة والحيوية لمن يتناوله، حيث يجعله بقوة الحصان النشط، ورائحته تماثل تراب الأرض، وكذلك الامر بالنسبة لطعمه، هذا بسبب وجود بعض اللاكتونات الاستروية فيه».
السكري والأداء الرياضي
وأوضح طرابلسي «ان الدراسات العلمية اثبتت جدوى هذه العشبة في تخفيض مستوى السكري في الدم وعلاج التريغليسريد والكوليسترول الضار ،وفعاليتها كالأدوية التي يصفها الطبيب تماماً، كما تقوي العضلات وتعزز من الأداء الرياضي». واشار الى ان « الأبحاث أظهرت في تحليل ضم 12 دراسة أجريت على الأشخاص الذين تناولوا جرعات من الاشواغاندا بمعدل يتراوح بين 120 الى 1250 مليغراما يوميا، قد حققوا انجازا بدنيا ملحوظا».
كما استند الى تحليل آخر، حيث «وجد من خلال مراجعة 5 دراسات، ان تناول الكرز الشتوي يحفز بشكل جيد من استهلاك الحد الأقصى للأوكسجين «VO2 MAX»، لدى الاصحاء والرياضيين البالغين، هذا ويحوّل الدهون المزعجة في الجسم الى عضل».
القلق
وفصّل طرابلسي السمات الكثيرة لعشبة «الاشواغاندا»، ونعتها بالمهمة، معتبرا «ان لا محاذير سيئة لجهة استخدامها»، وقال: «تعمل على تقليل التوتر والاضطراب، لذا تستخدم كمهدئ طبيعي ومضاد للاكتئاب، مشيرا الى بعض الأدلة التي تثبت ان تناولها كمكمل غذائي يساعد في تخفيف بعض حالات امراض الصحة العقلية، بما في ذلك التشوّش. وقد كشف الباحثون ان تناول 1000 مليغرام منها يوميا لمدة 12 أسبوعا، يساعد على انخفاض أكبر في معدلات الاكتئاب والهم».
بالتوازي، تشير الدراسات الى ان مكملات «الاشواغاندا» قد تخفف الضيق وأيضا تقلل من مستويات هرمون الاجهاد الذي يعرف باسم الكورتيزول. ومن خلال بحث محدود شمل 58 شخصا، بيّن ان أولئك الذين تناولوا 250 الى 600 مليغرام من مستخلص هذا النبات لمدة 8 أسابيع، تراجع لديهم بشكل كبير مستويات هرمون الكورتيزول، مقارنة مع أولئك الذين تناولوا مكملات غذائية أخرى.
على خطِ موازِ، وجدت دراسة أخرى شارك فيها 60 شخصا «ان أولئك الذين تناولوا حوالى 240 مليغراما من عشبة الاشواغاندا لمدة 60 يوما، شهدوا انخفاضا كبيرا في نسبة الانزعاج وحصلوا على نوم هادئ».
تحسين القدرات الادراكية
ولفت طرابلسي «الى ان هذا النبات يرفع الطاقة ويزيد القدرة على التحمّل الجسدي والذهني، ولا بد من الإشارة الى أهمية «الاشواغاندا» في تقوية الذاكرة والتركيز والانتباه وحماية وظائف الدماغ وتحسين القدرات الادراكية، بما في ذلك كبار السن والأشخاص المصابين بالفصام». وأشار الى دراسة أجريت على 50 شخصا بالغا توصلت الى «ان استهلاك 600 مليغرام من مستخلص هذه العشبة يوميا لمدة 8 أسابيع أدى الى تبدلات إيجابية على صعيد الذاكرة الفورية وسرعة معالجة المعلومات، ولاحظ الباحثون ان المركبات التي تحتوي عليها، لها تأثيرات كبيرة مضادة للأكسدة في الدماغ، وهذا قد يعزز الصحة الادراكية».
الصحة الجنسية
وبيّن طرابلسي «الخصائص الخلاقة» لـ «الاشواغاندا» وقدرتها في تعزيز الصحة الجنسية للرجال، معتبراً «ان المواد الخام المستخرجة من جذر هذا النبات الخشبي الصغير يقوي مستويات هرمون التستوستيرون، ويحسن خصوبة الرجال، وأيضا النساء»، واشار الى «ان التستوستيرون هرمون موجود لدى الرجال، يرتبط بالدافع الجنسي، ويؤثر في طريقة حفظ الرجال للدهون في الجسم، وكتلة العظام والعضلات، وإنتاج الحيوانات المنوية».
لذا اثبتت الدراسات، يضيف طرابلسي، «ان هذا النبات يضاعف من مستويات هرمون التستوستيرون، وبينت ان الرجال الاصحاء الذين استهلكوا مستخلص هذه العشبة لفترة 8 أسابيع، لاحظوا تغييرات كبيرة في مستويات هذا الهرمون». أضاف «لهذه العشبة صفات تشبه الادوية التي تستخدم لإثارة الشهوة الجنسية مما يحفز الرغبة، وتزيد من الخصوبة عند الرجال، والابحاث الأخيرة كشفت قدرتها وفعاليتها في زيادة الحيوانات المنوية «الحركة» لأولئك الذين يعانون من العقم».
الأورام والامراض السرطانية
واكد «ان الأدلة الأخيرة تشير الى ان «الاشواغاندا» مضادة للأورام، وذات قدرة على منع تكّون او إعادة انتاج الخلايا السرطانية او نموها، كما ان موادها الخام تُستغل في مكافحة الامراض المزمنة، كونها تتميز بمزايا مولدة تمنع السرطان من تشكيل اوعية دموية جديدة لدعم نموها الجامح، وتحد من الاثار السلبية للعلاج الكيميائي، ومن هنا ينصح باستعمالها كمساند نفسي مهم جداً».
ولفت الى «ان العديد من الأبحاث اثبتت فاعليتها الطبية في تحسين حياة مرضى السرطان ومؤازرتهم ليس فقط نفسيا بل جسديا، وزيادة حيويتهم للتغلب على الاوجاع والتعافي من الداء. كما وتستخدم أوراق هذا النبات كعلاج لفقر الدم، وأيضا لمكافحة علامات الشيخوخة وتقليل الشيب في الشعر وفقا لبعض الدراسات».
وختم طرابلسي «يمكن أخذ «الاشواغاندا» على هيئة كبسولات حبة 3 مرات في اليوم، او كمسحوق ممزوج بالعسل، ويمكن تناولها كشاي، او كتنقيط في أي سائل مفضل للشخص، مؤكداً ان استهلاك هذا النبات آمن جدان ويمكن لأي افراد استخدامه».