ما كادت رياح التوافق الرئاسي على فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب بمعزل عن رضى الثنائي الشيعي أو إستشارته بشكل أكيد، وعودة مجلس الوزراء للإجتماع تهب عشيّة عطلة الميلاد عند الطوائف الأرمنية، حتى سرعان ما تلاشت مع طلائع فجر يوم العيد وعادت العقد إلى المربع الأول عبر إستمرار أجواء التشنج بين بعبدا وعين التينة، لتلاحظ أوساط سياسية أن لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يلقَ الضوء الاخضر من الرئيس نبيه بري فيما خص معاودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، بحيث كان «الكلام» عن إنعقاد الدورة الإستثنائية لمجلس النواب فقط!!
وحسب الاوساط السياسية أن ثبات الثنائي الشيعي على مواقفه من مجلس الوزراء أمر لا يدخل على الاطلاق في مجال المناورة، بل هناك خط أحمر يتعلق «بالقرار» الشيعي داخل مؤسسات الدولة، وما هو مطروح عليهما لا يلامس إنقشاع الموقف من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وعمله القضائي وتحقيقاته في إنفجار مرفأ بيروت، والمطلوب حسب الاوساط من رئيسي الجمهورية والحكومة موقف واضح من «تمادي» المحقق العدلي في تسييس هذا التحقيق ومسألة الإختصاص التي وفق «أمل» وحزب الله تعود الى المجلس النيابي.
تبدو القضية برمتها غير محصورة بمواضيع سياسية بمقدار ما أصبحت تشكل «رمانة» الخلاف المستجد حول تفسير المادة 34 من الدستور، التي تنص على صلاحية رئيسي الجمهورية والحكومة في الدعوة لدورة إستثنائية لمجلس النواب، بل كل المشكلة في القلوب المليانة بالخلافات والصراعات بين الرئاستين الأولى والثانية، والتي تؤججها الهجمات والخطابات العالية النبرة من طرفي «أملط» والتيار الوطني الحر، حتى لامست «مذهبة» الخطاب السياسي، وما زاد الوضع تعقيداً إنتقال التراشق الحاد بين جماهير الجانبين بشكل متفلِّت من أبسط قواعد الحوار ودون أدنى مراعاة للمقامات والكرامات، مع إضفاء اللون الطائفي على الكلام البذيء المتبادل بين الجيوش الالكترونية، وكأن لعبة شد العصب قد تحولت إلى مواجهة طائفية بألفاظ وإهانات من العيار الثقيل.
وتلفت هذه الاوساط الى أن من يعتقد أن هذه الخطابات سوف تقف عند عتبة الانتخابات النيابية القادمة سوف يكون واهما، فالمسألة بدأت لحظة إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية منذ خمس سنوات مضت وستستكمل لما تبقى من عمر الوطن! ، وكان على الطرفان منذ ذلك الوقت العمل على إزاحة هذا الستار الحديدي بمساعدة «صديق» ما، خصوصا أنه موجود ويتمثل بالقوة الاكبر في البلد وهو حزب الله حليف الطرفين!! أما مسألة عدم المبادرة الجدية لدرء هذا الانقسام الخطير يتعلق بما قاله نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ردا» على الاتهامات من قبل التيار على أعلى مستوى لبري ، لكن الشيخ قاسم وضع حدا» للرهان على أي متغير مع رئيس «حركة امل»، داعيا المعنيين الى «دق راسهم بالحيط» من جهة، ومن ناحية أخرى أعلن التحالف مع التيار الحر في الانتخابات النيابية !!!
وتختم الاوساط السياسية بالقول: إن العمل الحكومي محكوم بالتعطيل والفشل في ظل أزمة مصيرية هي الأدق والأكثر خطورة منذ تأسيس لبنان، وتستتبع هذه الاوساط عرضها لواقع الخلافات بالكثير من الخوف والرعب من الايام المقبلة لتسأل التالي: هل البلد «مربوط» مصيره بعمل القاضي بيطار وتحقيقاته أم أن هناك ما هو أكبر من مسألة قضائية تتجاوز لبنان وصولا الى فيينّا !؟