فيما تتوجه الانظار اللبنانية الى “ميدان غزة”، المرتبط حكما بجبهة الجنوب المفتوحة منذ الثامن من تشرين الاول بعيد عملية طوفان الاقصى، تماما كما قال امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي اعلنها صراحة في خطابه الاخير بان الكلمة للميدان، وفيما يترقب اللبنانيون هذه التطورات كل يوم بيومه، تنشغل الساحة السياسية اللبنانية الغارقة بتجميد استحقاقاتها وفي مقدمها استحقاق رئاسة الجمهورية، بالبحث عن الحل الانسب لتفادي الفراغ في المؤسسة العسكرية قبل العاشر من شهر كانون الثاني، موعد انتهاء ولاية قائد الجيش جوزيف عون، وسط انقسام واضح ازاء مواقف الفرقاء السياسيين تحول حتى اللحظة بحسب المعلومات دون التوصل لحل مقبول من الجميع.
ففي جردة للمواقف السياسية، يبرز موقف الفريق المعارض للتمديد او تأجيل التسريح، معتبرا ان هناك خيارات عدة يمكن اعتمادها لا تخرق القوانين، والذي يتعارض مع مواقف “القوات” و”الكتائب” وبعض نواب المعارضة الداعمين للتمديد لعون، واقتراح القانون المعجل المكرر الذي يدور به وفد “القوات” خير دليل، علما ان هذا الاقتراح قوبل باقتراح قانون مضاد تقدم به “الاعتدال الوطني” و”لبنان الجديد” للتمديد سنة لقادة الأجهزة الأمنية.
اما الموقف “الاشتراكي” فواضح على لسان المعني الاول رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، الداعم لتعيين شامل في المجلس العسكري يضمن له رئاسة اركان، ويجنّبه تحميل المسؤولية لرئيس الاركان الجديد فيما لو تولى هو قيادة الجيش، والا فجنبلاط يدعم التمديد لعون. هي مواقف واضحة لا لبس فيها على عكس موقف “الثنائي الشيعي” الذي قيل انه لم يحسم امره بعد، وان حزب الله لم يقل كلمته النهائية، حتى لا “يزعّل الفريق المعارض”. حتى ان البعض اشار الى ان حزب الله لن يسير بالتمديد الذي شطب من المعادلة، لكن المعلومات من مصادر موثوقة تؤكد بان ما من شيء حسم حتى الساعة، اذ ان كل الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات من ضمنها حكما التمديد.
فعلى عكس ما يظن البعض، تؤكد معلومات “الديار” من اوساط بارزة مطلعة على جو “الثنائي الشيعي”، بان حزب الله لا يمانع لا التعيين ولا التمديد، وهو ابلغ المعنيين وفي مقدمهم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزيف عون موافقته على التمديد او تأجيل التسريح، اذا كان هذا الحل الوحيد المتوفر لتفادي الفراغ. وتكشف المعلومات ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يفضل ابعاد هذا “الكأس” عن مجلس النواب، ويفضل ان يأتي الامر حكوميا بامتياز.
ويشير مصدر مطلع على جو عين التينة، الى ان موقف بري يأتي انطلاقا من ان القوى المسيحية كانت تتمسك بموقف مفاده بان لا تشريع ولا جلسات الا لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما اليوم يطالب بعضها بتشريع التمديد وهذا ما لا يحبّذه بري، لكن اذا اضطر الامر فهو مستعد لتمرير هذا الموضوع ضمن جدول اعمال يُدرج ضمنه اقتراح التمديد لعون، وهذا تماما ما كان ابلغه لوفد “الجمهورية القوية” الذي التقاه بالساعات الماضية. ويعتبر المصدر ان بري يعتبر ان موضوع التمديد هو من الصلاحيات المناطة بالحكومة، اما في حال تعذر هذا الامر فعندها يفكر بعقد جلسة عامة يضمن جدول اعمالها بند التمديد، مشددا على ان ما يهم رئيس مجلس النواب هو تفادي الفراغ في المؤسسة العسكرية.
وفيما نفت مصادر حكومية ان يكون التمديد لقائد الجيش هو خلف تطيير جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة يوم الثلاثاء، علما ان حزب الله كان تمنى على ميقاتي تأجيل الجلسة وقد عقد لقاء للخليلين مع ميقاتي بالساعات الماضية لهذا الهدف، اشارت اوساط متابعة بان ميقاتي كان اجتمع يوم الثلاثاء بعدد من الوزراء صباحا في مكتبه، قبل الموعد المحدد لجلسة مجلس الوزراء، ومن بينهم وزير السياحة وليد نصار الذي تمنى على ميقاتي ارجاء الجلسة طالما انه ليس هناك من امور ملحة على جدول اعمالها، كما ان التمديد لجوزيف عون لن يطرح من خارج الجدول، وتخفيفا للاحتقان الذي قد ينجم عن البند المتعلق بتليزم البريد، فتمنى نصار على ميقاتي ارجاء الجلسة، وهكذا حصل فاتخذ ميقاتي القرار بالارجاء، وعمد بعدها الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية الى الاتصال بالوزراء الذين لم يصلوا بعد الى السراي، ليبلغهم بان الجلسة ارجئت واستعيض عنها بلقاء تشاوري .
وبانتظار الكشف عن الدراسة القانونية ازاء ما يمكن اعتماده من مخارج، تحاشياً للشغور في قيادة الجيش اللبناني، والتي ابلغ ميقاتي الوزراء بان مكية اعدها، تكشف المعلومات ان التمديد التقني للعماد عون يأتي في اولوية الاقتراحات المرفوعة في الدراسة.
وعليه، فالاحتمالات لتفادي الفراغ في المؤسسة العكسرية تنحصر باربعة: فاما التمديد للعماد عون او تأجيل التسريح لفترة زمنية محدودة، وفي الحالتين تمديد، واما تعيين رئيس اركان يتولى القيادة، واما استلام الضابط الاعلى رتبة (وفي هذه الحالة اللواء بيار صعب)، واما تعيينات شاملة لمجلس عسكري متكامل.
واذا تم وضع الاحتمالات التي يبدو ان التوافق حولها صعب حتى الساعة جانبا ، كالتعيين الشامل للمجلس العسكري، كما احتمال تعيين رئيس اركان يستلم القيادة طالما ان جنبلاط يرفض ان يقتصر التعيين على رئاسة اركان، كي لا يتحمل رئيس الاركان الجديد وزر القيادة في اصعب ظرف تمر به البلاد، لا يبقى عمليا الا احتمال التمديد، اذ يشير مصدر موثوق الى ان تأجيل التسريح من الباب الحكومي هو الاقرب الى الواقع، أو تعيينات شاملة لمجلس عسكري متكامل.
وقد علمت “الديار” انه في حال تم الذهاب الى هذا الاقراح، فالارجح ان يتم تأجيل التسريح لمدة 6 اشهر على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”. علما ان المعلومات ترجح بان لا يطرح هذا الموضوع في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء والمحددة يوم الاثنين المقبل، انما سيتم الاستفادة من الوقت المتبقي قبل 10 كانون توصلا للحل الانسب، فاذا اتفق على تعيينات شاملة وسار بها الفريق المعارض شرط عدم توقيع الـ 24 وزيرا انما ميقاتي والوزيرين المعنيين اي المال والدفاع، فعندها يصبح التعيين ممكنا، اما في حال سقط هذا الامر، والذي يبدو انه يصعب تحقيقه، فالارجح ان يكون الاتجاه لطرح مسألة تأحيل التسريح في الجلسة التي تلي الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. علما ان هذا الموضوع سيلاقي حكما اعتراضا من وزير الدفاع موريس سليم، باعتبار ان تأجيل التسريح اجراء يصدر عنه بوصفه وزيراً للدفاع.