اطلت الفتنة برأسها على كوع الكحالة وظهر ان القلوب «مليانة» والرؤوس حامية وان الانقسام ابعد من سياسي. والخطر في الامر ان السلم الاهلي بات مهددا، خاصة في ظل خطاب تحريضي من بعض زعماء الاحزاب يحول الناس الى قنابل موقوتة قابلة للانفجار، ما يضع لبنان على فوهة بركان. وهذه التوترات وقعت بعد ان بشرتنا سفارات لدول خليجية بان الاوضاع الامنية خطرة في لبنان، وطلبت من رعاياها مغادرة لبنان، علما ان القتال في مخيم عين الحلوة كان ضمن رقعة جغرافية محدودة، وكان الهدوء قد ساد.
اليوم، حركت حادثة الكحالة الجمر من تحت الرماد بعد ان سقط شهيدان ، فادي بجاني واحمد القصاص. والبعض يتكلم انه لا يأبه بوقوع الفتنة، لا بل يسعى الى ايقاظها وانتشارها بدلا من التصدي لها، وكأن حصول الفتنة امر سهل ولن تأتي بنهاية الكيان اللبناني المصاب اصلا بالصميم جراء الانهيار الاقتصادي. ذلك ان الفتنة تبدأ بشرارة تفضي تداعياتها وتوقظ المؤامرة على الشعب اللبناني الذي سيكون ضحيتها.
من جهته، وصف راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبدالساتر حادثة الكحالة بالمأساة الوطنية، خلال مراسم دفن الشهيد فادي بجاني داعيا الى ان لا تتكرر ابدًا ولأي سبب و»كفانا موتٌ وحزنٌ». وطالب جميع المسؤولين بزيادة الجهود لتحقيق الأمن ومنع الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.
وفي السياق ذاته، رات اوساط سياسية للديار ان القضاء يجب ان يكون منزها وحازما لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة ومحاسبة المرتكبين، واذا لم يحصل ذلك، فان حوادث كثيرة على غرار حادثة الكحالة ستتكرر في مناطق مختلفة. وشددت ان المواطن يجب ان يشعر ان القانون فوق الجميع ولا احد معفى من الحساب عند حصول اي توترات امنية.
وتتساءل هذه الاوساط اذا كان التوتر الحاصل في لبنان امنيا وسياسيا هو نتيجة داخلية ام ان هناك انعكاسا لخلافات اقليمية على الساحة اللبنانية، بدءا من احتدام القتال في مخيم عين الحلوة، وصولا الى موقف السعودية والكويت والبحرين والامارات من لبنان ،وهو يشير الى ان هذه الدول تراجعت عن انفتاحها على لبنان.