دخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الاجتماع مع وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان ” منتشيا ” برسائل الود السعودية والخليجية الى لبنان بعد قطيعة لمدة سنوات ، ولم يتجاوب مع طرح الوزير الايراني بأنشاء معملين كهربائيين، مبررا الرفض بالعقوبات الاميركية وعدم القدرة على خرقها، مؤجلاً النقاش بالطرح الى ما بعد رفع العقوبات في حال حصل الاتفاق النووي في فيينا، وتستغرب مصادر متابعة موقف ميقاتي الرافض للعرض الايراني، وهو المدرك ما خلّفه قطاع الكهرباء على البلد من خسائر وصلت الى ٤٠ مليار دولار، كان آخرها ٧٨ مليون دولار “حسنة لوجه الله” على معامل شاخت وهرمت ، في حين يحتاج اللبناني “لقرش واحد يسد فيه رمق عيشه “، وسها عن باله الى أي مدى وصلت السياسات الانفتاحية الخليجية تجاه روسيا والصين وايران هذه الايام وفي عز المواجهة مع أميركا ؟
وتدعو المصادر الرئيس ميقاتي الى الالتفات الى خطورة الاوضاع الداخلية، وامكانية تدحرجها الى الفوضى الشاملة، وخسارة الوطن اذا بقيت حكومته تنتظر الصناديق الدولية التي لن تأتي بعد الحرب الروسية – الاوكرانية ؟ واقفال الابواب امام عروض انتاجية جدية لدول كبرى كالصين وروسيا وايران، وتشكل المخارج الحقيقية لأزمات البلاد، بدلا من خطط ومشاريع قائمة على القروض، كما هو معمول منذ العام ١٩٩٣ وندفع نتائجها الان .
وتشير المصادر الى ان ميقاتي يعرف جيدا كيف يعيش الناس، وفي أية ظروف، كما يعرف مدى معاناة القوى العسكرية الذين عانوا فقدان المازوت ووسائل التدفئة في المواقع الجبلية اثناء العاصفة الثلجية، واغتسلوا بالمياه الباردة نتيجة فقدان الامكانيات ، ولولا المبادرات الشعبية التي قدمت الدعم للعسكريين لكانت الاوضاع مأساوية جدا ؟ هذا الكلام ليس من الخيال، بل من وقائع ميدانية يعرفها جيدا سكان المناطق الجبلية ورؤساء البلديات. كما يعرف ميقاتي عمليات الفرار من المؤسسات العسكرية، والشلل التي وصلت اليه مؤسسات الدولة والذي تجاوز الـ ٧٠ ٪ ، ، ولم تنفع تعاميمه من ربط دفع بدلات النقل بالحضور اليومي، نتيجة عدم قدرة الموظف على الوصول الى عمله، بعد ان وصلت “أجرة السرفيس” الى ٤٠ الفا بين مناطق العاصمة ، هذا بالاضافة الى عدم قدرة الموظف من سحب كامل راتبه من المصارف الذي لم يعد يكفي ليومين فقط؟
وتؤكد المصادر المتابعة ، ان الحكومة تقبع اليوم في ” الجورة “، وتحاول الخروج من الأزمة بكلام شعبوي عن اجراءات لن تبصر النور، حيث لم تتمكن الحكومة من معالجة ملف واحد، بل على العكس افقرت اللبنانيين ورفعت الدعم، وبقيت طوابير الذل والازمات الصحية والمالية والغذائية ، ولم تصارح اللبنانيين بالاسباب التي تعيق بدء المباحثات مع الدول المانحة التي ترفض مد يد العون دون شروط قاسية .
وحسب المصادر ، ان الحكومة ونتيجة تمنيات سياسية معروفة تؤجل كل الملفات الى ما بعد الانتخابات النيابية وحتى بداية العهد الجديد مهما كانت النتائج ، والانكى حسب المصادر المتابعة، ان العديد من القوى السياسية تعيش في” عالم الغيب ” وانسلخت عن ناسها ، بل خانتها، كالحكومة والعهد ومجلس النواب ، وهذه القوى تحاول اعادة انتاج نفسها بخطابات طائفية ومذهبية مقيتة ، من اجل مكاسب انتخابية رخيصة، واستغلال خلاف شخصي على لعبة ” الميسر ” في منطقة حساسة، وتحويله الى خلاف طائفي ودفع الجيش الذي يعاني “الأمرين ” الى الانتشار ؟
وتضيف المصادر ، ان بعض القوى السياسية تخوض الانتخابات تحت شعار “يا قاتل يا مقتول”، لاعتقادها ان الفوز يفتح لها طريق رئاسة الجمهورية، فيما كل المعطيات والوقائع خلال الاسابيع الماضية، أشارت الى تراجع الوهج الدولي والاقليمي بالاستحقاق الانتخابي ، وفشل امكانية الرهان على متغيرات تنقل وجه السلطة اللبنانية من ضفة الى ضفة ، بعد ان تلاقت كل استطلاعات السفارات والمخابرات المحلية والاقليمية والدولية ومراكز الاحصاءات، على استحالة هز قوة حزب الله الشعبية في كل المناطق، وان هذه الانتخابات اذا حصلت، ستشكل أكبر استفتاء شعبي للمقاومة واحتضانها، وهذا ما يخشاه الخارج الذي يتابع الأوضاع على الارض عن كثب .
وفي معلومات مؤكدة، ان سفراء أوروبيين بارزين في بيروت، حرصوا في الفترة الاخيرة على متابعة نقاشات مع شبان شيعة ، يوصفون سياسيا بانهم على مسافة من حزب الله ومن ميول يسارية مستقلة ونخب مختلفة ، وحصلت نقاشات مستفيضة ، وفوجئ هؤلاء السفراء باجماع شامل من الشبان الشيعة على التمسك بالمقاومة وقيادة السيد حسن نصرالله، وبأن تحركاتهم ضد السلطة لا تستهدف المقاومة والتشكيك بدورها وسلاحها، كما يدعي البعض ، وشرحوا للسفراء ما عانوه من الاحتلال الاسرائيلي على مدار سنوات ، بالاضافة الى ممارسات التنظيمات الفلسطينية، حتى جاءت المقاومة وحررت الارض وقلبت الوقائع ، وتحدثوا عن “كريزما” السيد نصرالله وتواضعه ، واستشهاد نجله ، وحرص السيد نصرالله على الجميع وحفظ كل الكرامات ، التي جعلت قيادته موضع اجماع كل الشيعة من اليساريين والاسعديين والمستقلين، وهذا ما أثار دهشة هؤلاء السفراء.
ولذلك تدعو المصادر ميقاتي الى قراءة أوضاع البلد والمنطقة، وأخذ المبادرة والتفتيش عن اسواق جديدة ، ودرس العروض الجدية من روسيا والصين وايران ، والا فان المراوحة ستجعل من الانفجار الاجتماعي “مسألة وقت ” فقط ، لان “الجوع كافر والذل كافر”، واذا وقعت الفوضى ستكون الحكومة اول المتضررين مع كل الشعب اللبناني، وعندها لن ينفع الندم ، “بانتظار كرباج خارجي “.