اثرت الأوضاع الاقتصادية على الجانب الاجتماعي بطريقة سلبية، خاصة فيما يتعلق بالطلاق او الانفصال والأرقام منذ العام 2019 مخيفة وكبيرة.
على مقلب بحثي، كشف رئيس مركز الدولية للمعلومات جواد عدرا عن ارقام مرتفعة تبين ان نسبة الطلاق في لبنان وصلت الى 20%، ولفت الى انها آيلة للتضاعف بشكل كبير. وهذا يعود بحسب الدراسة الى الازمات التي المت بلبنان منها الاقتصادية التي نتج عنها فقدان العمل وتراجع المداخيل وأدى الى ارتفاع نسبة الطلاق وخاصة في مرحلة انتشار كورونا ما أجّج الخلافات بين العائلات واوصلها الى حائط مسدود. بالإشارة الى ان عدد حالات الطلاق محدود في المحاكم الشرعية والروحية المسيحية ووجود حالات معلقة بسبب الظروف الراهنة.
وبحسب اختصاصية علم النفس كارلا اوانيس راشد فان التطرق الى هذا القضية اهم من الكلام في السياسة.
عن هذا الموضوع وتأثيره على الطفل وكيفية التعامل معه والتخفيف من وطأته تقول كارلا لـ “الديار”: “ان قلق الانفصال تكون اعراضه مفرطة في سن نمو الطفل ليتسلل هذا الخوف وينعكس على الطفل عن طريق البكاء ويرافقه حتى مراحل متقدمة من عمره وربما كل حياته”.
خمسة أنماط من التعلق للطفل يعيشها مع والديه بحسب نظرية جون بولبي الطبيب والمحلل النفسي البريطاني والمهتم بنمو الأطفال على وجه التحديد. وتقول كارلا، “ان طبيعة التعلق لدى الأطفال مع الاهل او مقدم الرعاية يمكن ان يحدد من خلال استجابات الام لأطفالها واسلوبها في الاهتمام والحماية والاحتضان والمساعدة”.
وهذه الأنماط هي:
1. SECURE
2. ANXIOUS – PREOCCUPIED
3. DISMISSIVE – AVOIDANT
4. FEARFUL-AVOIDANT
5. DISORGANIZED
تقول كارلا بالنسبة لنمط الـ SECURE او التعلق الآمن في الحقيقة هؤلاء هم الأقل اضطرابا اجتماعيا، ويتميزون بالثقة العالية بالنفس ويملكون مهارات في الانخراط الاجتماعي ويميلون الى الاستقلالية والسيطرة على الاحداث، وهنا الاهل يلبون متطلبات أطفالهم ما يدفعهم للوثوق بهم وبعدم تركهم او اهمالهم لأنهم لطالما استجابوا لحاجاتهم لذا يعد هذا النمط من أكثر الأنماط امانا للطفل عندما يكبر لان تأثيره سيكون إيجابيا يجعله قادرا ومتصالحا في اظهار رغباته او مشاعره لا ان يكبتها وهذا ما يجعله ذي شخصية مستقلة.
النمط الثاني او ما يسمى ANXIOUS – PREOCCUPIED تصف كارلا هذا النمط، “بعدم ثبات الاهل وتناقضهم، فنراهم مرة يهتمون بأطفالهم وتارة أخرى يهملونهم وفي أوقات يكونون OVER PROTECTIVE بسبب وسواس سقوط أطفالهم على الأرض وتأذيهم. وتشرح، الطفل يحتاج للوقوع ارضا ليختبر الأمور ويتعلم وهنا يتولّد غيرة غير منطقية قد تصل الى تحليل الماورائيات بسبب التأرجح في السلوك ما بين الرغبة او الابتعاد. وهذا يؤثر على الطفل ويشعره بعدم الأمان”.
النمط الثالث أي، “DISMISSIVE – AVOIDANT” وهنا يظهر اهمال الاهل للطفل فلا ينتبهون للحاجات العاطفية له، وتقول كارلا تجاهل الاهل للحاجة المعنوية والاذى النفسي للطفل واحساسه بعدم تصديقه لما يعاني سينعكس عليه سلبا. فاذا عبّر أكثر من مرة وتم تجاهله من قبل حاضنته سيتوقف عن التعبير او مشاركة مشاعره بسبب عدم اخذ ما يشعر به على محمل الجد او الاصغاء والتفاعل معه وهذا الامر سيؤثر عليه في العلاقة مع شريك المستقبل ويعمد الى تحاشي التعبير عما يدور في خاطره.
“FEARFUL – AVOIDANT” يلجأ الاهل في هذه الحالة لاستخدام العنف مع الطفل عن طريق اهماله ورفضه فيتأذى بطريقة تولد لديه الشعور بالإهمال والابتعاد دون مبالاة والاستقلال او التبعية مع الام او الغرباء ما قد يجعل الطفل ميالا الى عدم الرغبة في التعبير والحوار وقلة الحركة والاحساس بالفراغ وقد يلجأ الاهل الى استخدام العنف والضرب بهدف ترهيب الطفل ليستجيب لهم وهذا من اشنع الأمور لبناء العلاقة والتي تكون مستمدة من الخوف واستعمال امثلة لا صرف لها في الحياة الواقعية سوى أفكار مستمدة من طفولة الاهل ذات نفسهم وهذا ما سيؤذي الطفل في حياته المستقبلية مع الشريك والعلاقة والارتباط وعندما الأمور تأخذ مسلك الجدية يبدأ بالتفتيش عن عثرات تضع حدا لهذه العلاقة”.
DISORGANIZED هذا النمط هو خليط من بين DISMISSIVE- AVOIDANT AND FEARFUL – AVOIDANT وقد يتمثل بالرفض وتخويف للطفل وفي أحيان لا يوجد ردة فعل، أي ان الاهل لا يصدقون طفلهم ولا يفسحون المجال له للتعبير عما يختلج في اعماقه. وتشرح كارلا، “كما انهم لا يحضنون العاطفة أو يعطون أهمية للمشاعر التي يعبر عنها وفي هذه الحالة الطفل يكبر ويصبح لديه نمط تجنب العلاقات مع الأشخاص مع انه بحاجة للحب والمودة لكنه يجد فيها القلق والاضطراب والخوف من الالتزام وزعزعة في الثقة بالنفس. لا بل أكثر من ذلك، يتحدثون عن أنفسهم بطريقة الاستخفاف ولا يصدقون ان الطرف الاخر فعلا يكنّ لهم الحب لأنهم غير مؤهلين لتبادل هذه العاطفة من وجهة نظرهم”.
وتتابع كارلا، “هذه الأنماط بحسب نظرية جون بولبي الشيء الإيجابي فيها انه ليس من الضروري ان نتقوقع ضمن إطار هذه النظريات كأشخاص ناضجين وهنا اود ان اشير الى نقطة مهمة وهي ان الأحداث التي وقعت في الطفولة والتي ستؤثر على الشخص مع العمر يتحتم عليه تقييمها واخضاعها للمنطق، لا ان يتركها تلقي بظلالها السلبية عليه كونها امتداد من صغره او طفولته وحتى ماضيه”.
وكراشدين لا يوجد قاعدة مُنزلة من السماء او ان يبقى الانسان على ما نشأ عليه بل إذا دخل في علاقة يجب ان يحكّم العقل فيها وان يصغي لقلبه ويشعر انه في المكان الآمن على الرغم من الخوف يبدأ بتخطي التجارب السيئة في ان يبني أسلوبا خاصا به”.
تخلص كارلا للقول: “المهم في كل ما تقدم ان نركز على النمط الأول والذي يعد الأساس وهو SECURE، وكل ما يزيد عن حده ينقص أي الحماية الزائدة والخوف المفرط قد لا يكونان في مكانهما الصحيح ويجب على الاهل ان يكونوا وسطيين في كل الأمور وكيفية التعامل مع أولادهم وان يتنبّهوا ان تجاربهم الخاصة قد تنعكس في تربيتهم لأطفالهم وهذا يعد امرا سيئا وقد لا يفيد ما يسمى SECURITY ATTACHMENTS ويعد الأفضل من أنماط التعلق التي ندعمها فيجب ان نسمح للطفل ان يكون مستقلا ولديه قدرة اكتشاف الأمور وعندما يقع يكون الاهل الى جانبه”.
وتردف، إذا وقع “طلاق الوالدين” يجب شرح الأمور كما هي دون اللجوء الى الكذب والالتواءات التي قد تطبع بشخصية الطفل ويترتب على الاهل شرح ما آلت اليه الأمور وان هذا الانفصال لن يؤثر عليهم كعائلة وان الحب سيبقى محاطا بهم كما الاهتمام.
يمكن للفرد ان لا يكون زوج او زوجة ولكن لا يمكنه التنصّل من كونه ابا او اما في حال قرر الطرفان الانفصال.