تاريخ الزلازل في العالم: “الحلقة الثانية”
نضال العضايلة
التاريخ البعيد والقريب لمدينة بيروت حافل سجله بالزلازل التي قلبتها رأساً على عقب، كان من أبرزها، الزلزال المدمر الذى أودى بمعهد القانون الذي إشتهرت به المدينة في العهد الروماني، ووضع نهاية لعهد من الازدهار.
وورد في كتب التاريخ، عن زلازل ضربت بيروت ما بين القرنين الرابع والسادس بعد الميلاد، واعتقد حينذاك عامة الناس أنها عقوبة بسبب عبادة الأصنام وعدم الاستجابة للديانة المسيحية.
وقع زلزال بيروت في 9 – تموز عام 551 وبلغت قوته 7.6 حسب مقياس العزم الزلزالي وسجلت قوته الدرجة العاشرة والتي تمثل درجة عنيفة حسب مقياس ميركالي المعدل. تسبب هذا الزلزال بتسونامي مدمر وصل تأثيره إلى المدن الساحلية في فينيقيا البيزنطية، مما تسبب بتدمير كبير وغرق العديد من السفن، تم الإبلاغ عن مقتل أعداد كبيرة من الناس، وقدرت الأعداد في بيروت لوحدها بـ 30000 شخص من قبل أنطونيوس بياتشينزا.
يقع لبنان إلى جانب صدع البحر الميت الذي يشكل جزءًا من الحدود بين الصفيحة العربية والصفيحة الأفريقية. تشكل منطقة الصدع في لبنان منحنىً حاجزًا يرتبط تمامًا بموقع الصدع.
شكل هذا الصدع المرتبط بالحاجز عددًا من الهزات مثل التي حصلت مؤخرًا في جبل لبنان وفُسرت على أنّها حدثت في قاع البحر بعيدًا عن الشاطئ.
لا يتوافر سوى القليل من الوصف التفصيلي للدمار الذي نجم عن هذه الهزة الأرضية في المصادر المعاصرة. تشير المصادر إلى أنّ المدن الساحلية من صور إلى طرابلس تحولت إلى أنقاض وسقط آلاف الضحايا. ذكر الحاج المجهول من بياتشنسا أن 30000 شخصًا ماتوا في بيروت لوحدها، وتم إعادة تحليل تقارير الأضرار في البتراء والمناطق الأخرى في وادي الأردن والمرتبطة بأحداث العام 551، مما أشار إلى هزة أرضية أخرى حدثت في وقت لاحق كانت مسؤولة عما حصل.
تم الشعور بالزلزال على مساحة واسعة من الإسكندرية في الجنوب الغربي وحتى أنطاكية في الشمال والتي سبق أن تضررت في زلزال حصل في عام 526.
امتدت المنطقة التي بلغت شدتها ثمانية درجات فأكثر من طرابلس في الشمال وحتى صور في الجنوب، وتختلف تقديرات الدرجة من 7.2 حسب مقياس حجم الموجات السطحية إلى 7.5 على مقياس درجة العزم. يُقدر طول الصدع بأكثر من 100 كم ومن المحتمل أن يصل طوله إلى 150 كم. كان يُعتقد أن سبب تسونامي انهيار أرضي تحت الماء سببه زلزال في البحر الميت التحويلي. اقترح تحليل تم إجراءه مؤخرًا أن حركة لصدع روم قريبة من الشاطئ كان المسبب لذلك.
ومع ذلك، فإن دراسات متعلقة بقاع البحر قللت من هذا الإحتمال، وقد أشار اكتشاف جيولوجي مؤخرًا لانحدارات تعود لصدع في قاع البحر أن هزة في جبل لبنان كانت السبب في الزلزال والتسبب بالتسونامي.
إنّ التحركات التي حصلت في العصر الرباعي والتي تظهرها سلسلة من الأرصيف البحرية التحاتية بين طرابلس وبيروت متوافقة مع الحركة التصاعدية المستمرة للجدار المعلق لتلك الهزة. وعلى نطاق أصغر، فإن حيدًا من الحلزونات البحرية قد أشار إلى حركة رأسية بمقدار 80 سم تم تأريخها في القرن السادس الميلادي، ويفسر الارتفاع المستمر بذلك الاتجاه منذ العصر الميوسيني تشكل سلسلة جبل لبنان.
أثر تسونامي على كامل الساحل الممتد من صور إلى طرابلس، وتم تسجيل انسحاب للبحر بحوالي ميلين حسب ما ورد في بعض الروايات المعاصرة.
تُقدر مدة عودة الزلازل الكبيرة إلى جبل لبنان ما بين 1500-1750 سنة على الرغم من وجود وقت عودة أقصر محتمل يعتمد على تاريخ أحدث ارتفاع في مستوى سطح البحر، وقد تشير الاحتمالية الأخيرة إلى أن تكرار هذا الحدث قد فات أوانه.
الزلازل التي ضربت لبنان على مر التاريخ:
- زلزال عام 349
- زلزال عام 365
- زلزال عام 494
- زلزال عام 502
- زلزال عام 529
- زلزال عام 825
- زلزال عام 551 اسفر عن مقتل 30000 ضحية
- زلزال عام 555
- زلزال عام 1157 اسفر عن مقتل عشرات الالاف
- زلزال عام 1170
- زلزال عام 1202 اسفر عن مقتل 40000 ضحية
- زلزال عام 1302
- زلزال عام 1408
- زلزال عام 1759 اسفر عن مقتل 20000 ضحية
- زلزال عام 1795 * زلزال عام 1831
- زلزال عام 1918
- زلزال عام 1956 اسفر عن مقتل 130 ضحية
- زلزال عام 1983
يقع لبنان في منطقة مليئة بالفوالق الزلزالية التي أدت الى هزات عبر التاريخ، وليس هناك من منطقةٍ آمنة فيه، وهناك فوالق في كل مكان في لبنان إذ هناك فوالق في البحر مقابل الساحل اللبناني وفالق اليمونة الذي يعبر منطقة وسط لبنان من أولها إلى آخرها، وهناك فوالق على الحدود مع سوريا، وبالتالي أينما كان المواطن سيكون قريب من هذه الفوالق “.
لا أحد يمكنه التكهن بموعد دقيق لحصول زلزال قوي حتى المراكز المتخصصة برصد الزلازل في الخارج، وحتى الخبراء الذين يتوقعون حالياً بإقتراب حصول زلزال كبير في لبنان تعتبر توقعاتهم غير دقيقة، فالخطأ في التوقعات يكون بمئات السنوات.
الخطر الزلزالي في لبنان يسجل لبنان نحو 600 هزة أرضية سنوياً، يشعر المواطنون بعشرات منها فحسب، أما في العام 2008، فشهد لبنان، بشكل إستثنائي، أزمة زلزالية قوية شرق مدينة صور، اذ تم تسجيل نحو 2000 هزة أرضية خلال أربعة اشهر، شعر المواطنون حينذاك بأكثر من 200 هزة أرضية. وتعتبر الهزة الأرضية من أخطر الكوارث الطبيعية في لبنان، وتدوم لفترة زمنية قصيرة، غير أن آثارها تطبع المجتمعات لسنوات طويلة.
Comments 1