مر «قطوع» الطيونة على خير بعدما نجح الجيش في عزله المحكم لمناطق التماس ومشاريع الفتنة، في وقت كانت فيه الاتصالات لا تزال جارية على اكثر من صعيد لانزال العدلية عن شجرة تفجير المرفا، التي في حال استمر مجلس القضاء الاعلى في عجزه عن حلها، ستذهب الامور في اتجاهات خطرة، ليس اقلها انتفاضة قضائية بدات بوادرها تلوح في افق قصور العدل.
الهدوء الذي عاد يخيم على المشهد الداخلي بعد الصخب العنيف الذي شهده بحر الاسبوع لن يكسب الكثير من الوقت وفي ظل المتوقع من تطورات، سترخي بظلالها بقوة اعتبارا من الاسبوع المقبل، عندما تعود الحرارة الى الملفات الملتهبة، يبدو واضحا من المواقف واللقاءات على مستويات عديدة ان الانظار تتجه الى تطورات ثلاثة بارزة على الصعد، القضائية، السياسية، المالية.
فقضائيا، يتوقع ان يشهد الاسبوع الطالع حركة ما على خط الخلاف المنفجر بين مدعي عام التمييز والمحقق العدلي، والذي تجزم المصادر ان لا اجتماع لمجلس القضاء الاعلى قبل ايجاد المخارج، التي بات خطها الاحمر الداخلي والخارجي معروفا، عدم المس بالقاضي طارق البيطار. وقد علم على صعيد ملف المرفا ان احدى محطات التلفزة الفرنسية ستبث ليل الثلاثاء وثائقيا مفصلا، يتضمن مفاجآت صادمة، مبنيا على بعض ما توصل اليه التحقيق الفرنسي حول الملف، وهو ما طرح العديد من علامات الاستفهام حول ما اذا كان ثمة من يدفع باتجاه استباق التحقيق اللبناني، في ظل «الاشاعات» في بيروت عن طبخة انجزت لتطيير التحقيق بالكامل.
اما سياسيا فلا تزال مسالة انتخابات الرئاسة متقدمة على غيرها، في ظل الحركة الناشطة التي يشهدها اكثر من مقر روحي وسياسي، ومع تشغيل الافرقاء لمحركاتها، حيث طفت الى سطح الازمة خلال الساعات الماضية سلسلة مواقف تؤشر الى ان شيئا ما قد تحرك، مواكبة لما يجري في الخارج من تواصل بين القوى المعنية. اما في ملف الحكومة فاصرار من قبل رئيس الحكومة على عقد جلسة ثالثة لن تبحث في الخلاف القضائي المستجد، بل ستقتصر على امور معيشية، فيما يجري التحضير لنسف محاولات جارية لعقد جلسة تشريعية، تجزم الكتل المسيحية رفض حصولها في ظل الشغور الرئاسي.
والى الملفين السابقين، يستمر الملف المالي متصدرا، فالدولار الاسود يتحرك دون ضوابط صعودا ونزولا، في ظل عجز كل الاجراءات المتخذة على لجمه، وسط تاكيد المعنيين ان بورصته باتت مرتبطة بالوضع السياسي المتأزم حصرا، من هنا يتوقع الا يتخذ اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، اي قراراته من خارج ما اتفق عليه خلال الاجتماع المالي الذي شهدته السراي وضم رئيس الحكومة، وزير المال، وحاكم المركزي، حيث جرى الاتفاق على خفض نسبة تدخل المركزي بعد عملية الاستنزاف التي تحاول بعض الاطراف جره اليها.
عليه ترى اوساط سياسية ان الاسبوع المقبل سيكون حاميا، وان الوضع الحالي هو هدوء ما قبل جنون العاصفة، خصوصا انه ووفقا لتقارير امنية فان الاطراف جميعها قد انهت «بروفاتها» للنزول الى الشارع ومناوراتها في اقفال الطرقات، مع ارتفاع منسوب الحديث عن خضات محتملة قد ترقى الى مستوى الانفجار، مؤكدة ان رسائل دولية واممية واضحة وصريحة تبلغها المسؤولون على مختلف المستويات الحكومية والنيابية والحزبية تتعلق بذلك.
ورات المصادر ان تداخل الملفات وتعقيداتها، بات يفرض تدخلا دوليا ضروريا في ظل العجز الداخلي التام عن فكفكتها او حتى التخفيف من نتائجها ونتائج اضرارها، التي تخططت تحلل المؤسسات الرسمية الى مسالة انقسامها عموديا وافقيا، مع دخول العامل الطائفي بقوة على خط الملفات المطروحة وفي مقدمتها تحقيق تفجير مرفا بيروت، التي توحي تطوراته عن ملامح اصطفاف القادة الروحيين مع وضد، ما يدخل البلاد في نفق خطر.