تأخذ العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ الحيز السياسي الأكبر على الساحة الداخلية. وسط الشغور الرئاسي، وغياب السياسة الواضحة في مقاربة هذا الإستحقاق، تضج الكواليس السياسية بما يدور حول العلاقة بين الحليفين الإستراتيجيين.
بحسب مصادر مطّلعة فإن الأجواء الداخلية بين الحزب والتيار تشير إلى الكثير من الإختلافات للمقاربات السياسية والرئاسية، وقد برزت هذه الإختلافات على السطح في الأيام القليلة الماضية. وتطورت الأمور فأصدر الحزب بياناً واضحاً يردّ فيه على اتهامات رئيس التيار الوطني الحرّ، وهو ما لم يكن يفعله الحزب من قبل.
ولم يتاخر “التيار فرد ببيان من خلال مكتب الإعلام.
همس بتجميد التفاهم
فتح السجال النقاش على مصير العلاقة بين الطرفين، وسط همس داخل التيار الوطني الحرّ بضرورة تجميد العمل بورقة التفاهم بينهما، فيما آخرون يطرحون فكرة تعديل هذا الإتفاق بما يتناسب مع الوقائع الحالية، وهنا لا بد من التذكير بأن باسيل نفسه سبق وأعلن في أكثر من محطة الحاجة إلى تطوير هذا الإتفاق وتوسيعه، بالإضافة إلى إدخال محددات جديدة للعلاقة بينه وبين الحزب خاصة لدى حصول خلافات في ملفات متعددة. استناداً إلى هذه الفكرة، يطرح عدد من نواب التكتل وكوادر التيار ضرورة البحث في صيغة جديدة لهذا التحالف، تقوم على مبدأ مراجعة شاملة له، لا سيما أن اعتراضات بعض العونيين تتركز على أن حزب الله لا يزاليعطي الأولوية للعلاقة مع نبيه بري وحركة أمل على حساب العلاقة مع التيار. بينما المصادر القريبة من الحزب تعتبر أنه لا يمكن للتيار الوطني الحر أن يجير التحالفات السياسية لحسابات شخصية أو مصلحية.
وحدة الطائفة
ترى المصادر أن مطالب باسيل الرئاسية غير قابلة للتطبيق حالياً، ولا بد من الحفاظ على وحدة الصف، كما أن الحزب حريص على وحدة الصف الشيعي بين الثنائي من خلال الإنسجام والتوافق، وتستشهد المصادر القريبة من الحزب بموقف رئيس الجمهورية ميشال عون عشية انتهاء ولايته حين قال إن العلاقة بين أمل وحزب الله تشبه التوأم السيامي، وبالتالي أي محاولة للفصل أو التفريق بينهما ستكون بحاجة إلى عملية جراحية وستكون نتيجتها دماء. عند هذا السقف يضع الحزب العلاقة مع أمل ما يعني بالنسبة إليه أن التيار بنفسه يجب أن يتجنّب الدخول في مثل هذه المفاضلة. كما أن الحفاظ على وحدة الطائفة الشيعية هي مسألة استراتيجية بالنسبة إلى الحزب وأمل وهي تجلّت في الإنتخابات النيابية من خلال السيطرة على 27 مقعداً شيعياً من أصل 27.
باسيل وفرض الشروط
لا تخفي مصادر مطّلعة على العلاقة بين الطرفين بأن بعض النواب في التيار الوطني الحرّ طلبوا تجميد العلاقة والتحالف إلى حين إعادة الدخول في حوار ونقاش سياسي عميق بينهما لإعادة بلورته على أسس جديدة. فيما هذا الأمر تربطه مصادر الحزب بأن باسيل يسعى إلى فرض شروطه حول الإنتخابات الرئاسية من خلال استثناء سليمان فرنجية. وتشير المعلومات إلى أن باسيل سبق وأبلغ الحزب صراحة بعدم تبني خيار فرنجية، وعرض القبول بأسماء توافقية أخرى من بينها إسم زياد بارود، فيما لا يبدو الحزب أنه في وارد الذهاب إلى تبني خيار باسيل حالياً.
مصالح مشتركة
عملياً، وضعت وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ على المشرحة من الداخل، فيما لا يريد حزب الله بحسب المصادر القريبة منه كسر الجرّة مع التيار، لأن إضعاف باسيل والتيار سيعني منح قوة مسيحية أكبر للقوات والكتائب. كذلك فإن باسيل يستند على قوة الحزب والتي تحتاج إلى إعادة تأطير حيال الإستحقاقات المقبلة وأولها رئاسة الجمهورية، هذه القاعدة هي التي حتّمت عقد لقاء في مجلس النواب بين باسيل والنائبين حسن فضل الله وعلي عمار للبحث في التهدئة. في الموازاة، لا يزال حزب الله يسعى مع سليمان فرنجية لتعزيز حظوظه الرئاسية من خلال إعادة تعزيز علاقاته مع القوى المتعددة داخلياً وحتى خارجياً لا سيما مع المملكة العربية السعودية.