العد العكسي لموعد إستئناف مفاوضات الهدنة، يسابق توقيت الردّين المنتظرين من طهران وحزب الله، فيما نتنياهو يتوغل في مجازره اليومية في غزة، والأساطيل الأميركية تزحف على المنطقة، للدفاع عن دولة العدوان، وليس لفرض وقف إطلاق النار، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي، المبني على مبادرة من الرئيس الأميركي نفسه.
القلق ينهش بإستقرار شعوب المنطقة، وأصحاب القرار الإقليمي والدولي غارقون في حسابات الربح والخسارة، في حال تحولت المواجهة العسكرية إلى حرب شاملة، عبر لعبة الرد والرد على الرد، التي من الممكن أن تخرج عن السيطرة، لأن ثمة لاعب أساسي في تل أبيب يسعى لإشعال نيران الحرب الشاملة، وتوريط حليفه الأميركي في معركة مباشرة مع إيران، وتعطيل المشروع النووي الإيراني.
ثمة ظاهرة غير مفهومة، بل ومحيّرة، في السياسة الأميركية، تبدأ بحجم الخلافات المتزايدة بين بايدن ونتنياهو، والتي وصلت إلى فقدان الأول ثقته بالثاني، ووصفه بأنه غير كفؤ لقيادة الدولة العبرية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها. أما نتنياهو فيتصرف وكأن رئيس الدولة الحليفة الأولى لإسرائيل غير موجود، ولا يتجاوب مع الحد الأدنى من مواقفه وطلباته، بوقف المجازر ضد المدنيين، وصولاً إلى وقف إطلاق النار، والذهاب إلى طاولة المفاوضات لإطلاق الرهائن والإتفاق على ترتيبات «اليوم التالي».
ورغم هذا الواقع المتأزم الذي يسيطر على العلاقات بين الرجلين، فإن الرئيس الأميركي لم يتردد في تحريك الأساطيل، وإستنفار القوات الجوية، وإتمام الجهوزية الكاملة للدفاع عن إسرائيل، في حال تعرضها لهجوم في معرض الردّين المنتظرين من إيران وحزب الله.
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل إستعراض العضلات العسكرية الأميركية للدفاع عن الكيان الصهيوني يساهم في إقناع نتنياهو في السير بمفاوضات الهدنة للآخِر، ووقف الحرب على غزة فوراً؟
أم أن العكس هو الأصح، حيث يبدو نتنياهو ماضياً في تطويل أمد الحرب، والإمعان في إرتكاب المجازر اليومية بحق المدنيين، لتعطيل المفاوضات قبل أن تبدأ، ويهدد في خوض حرب شاملة ضد لبنان وإيران، إستناداً إلى دعم الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو في التدخل، وصد الهجمات الصاروخية والمسيّرات، كما حصل إبان الهجوم الإيراني غير المسبوق على الدولة العبرية في ١٣ نيسان الماضي.
هل هي إزدواجية المواقف الأميركية المزمنة..، أم هو الإلتزام الأميركي الأعمى في الدفاع عن الكيان الصهيوني، في كل الظروف؟