في الرياض قمة تقاسم الرئيسان السوري بشار الاسد والاوكراني فلاديمير زيلنسكي مشهدها، اما في بيروت فتزعم الاخبار والحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فعلى عكس الدينامية الملحوظة في اجتماع ولقاءات جدة العربية لم يطرأ في لبنان أي جديد بارز على المشهد السياسي المتصل بأزمة الشغور الرئاسي فيما الاتصالات واللقاءات مستمرة بين أفرقاء المعارضة الذين جمعتهم «مصيبتي» فرنجية وسلامة.
فايا يكن تصنيف ما صدر عن باريس بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الا انه يبقى من بين اخطر ما تواجهه البلاد في ظل الازمة السياسية والمالية التي تمر فيها، حيث يتحكم الشغور بالمؤسسات والاليات،فيما الوضع الاقتصادي واقف على «صوص ونقطة».
وفي انتظار جلاء الصورة السياسية على المستوى المحلي، الصورة القضائية تزداد ضبابا، ولا سيما حول كل ما يتعلق بحاكم مصرف لبنان، ومع تسلم بيروت المذكرة الدولية رسميا، واعلان وزير الداخلية استعداد اجهزته لتنفيذ الامر القضائي، تشهد الساحة السياسية والقضائية «عجقة» اتصالات، حيث علم ان اي قرار لن يصدر قبل بداية الاسبوع، حيث المرجح اللعب على وتر ربح الوقت، عبر الطلب من السلطات الفرنسية تسليمها تفاصيل الملف، على ما غمز احد كبار القضاة، وسط المخاوف من انعكاس اي خطوة على الوضع المالي وسعر صرف الدولار، في ظل تاكيد الحاكم اتخاذ الاجراءات الكفيلة بضبط الوضع.
وتتابع المصادر بالقول بان المواجهة القضائية لا زالت في جولتها الاولى، وهي محدودة في الموضوع والهدف، ولا ترتبط مباشرة بملف الازمة اللبنانية، بقدر ارتباطها بالوضع الشخصي للحاكم، والتي باتت عمليا مسالة وقت اذ من المحتمل جدا ان تسقط المذكرة بعد استئنافها، بمجرد حضور الوكيل القانوني لرياض سلامة امام قاضية التحقيق كممثل عنه.
واشارت المصادر الى ان الجهات الخارجية المعنية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية، قد حذرت المعنيين في بيروت من خطورة اتخاذ اي خطوة تجاه الحاكمية راهنا، لما في ذلك من تداعيات خطيرة لا يمكن حسبان نتائجها، خصوصا في حال عمد النائب الاول للاستقالة من منصبه،وهو الوحيد المخول وفقا للقانون بتولي صلاحيات الحاكم.
واكدت المصادر ان معركة حاكمية مصرف لبنان انتهت يوم طمان رئيس مجلس النواب نبيه بري المسيحيين بان الشيعة لا يرغبون بتولي هذا المنصب خلافا لكل ما يقال، بعد ما حصل في الامن العام، معتبرا انه لا يجوز فرض حاكم على الرئيس الجديد، كذلك عندما غازل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي رئيس التيار الوطني الحر في هذا الخصوص معتبرا انه لن يجدد او يمدد او يعين.
وفي هذا السياق تؤكد اوساط دبلوماسية، ان اي تغيير في موقع الحاكم اليوم وقبل انجاز الانتخابات الاستحقاق الرئاسي، سيكون في غير محله، ذلك ان مسالة تغيير السياسات المالية والنقدية،ليست صنيعة شخص واحد،انما هي نتيجة استراتيجية وطنية ،لا يمكن ان تنوجد دون اكتمال عقد المؤسسات الدستورية ،من رئاسة جمهورية وحكومة ومجلس نيابي، تضطلع بهامها،لذلك الدفع القوي الحاصل في اتجاه انجاز الانتخابات قبل منتصف حزيران.
اما المعني الاول بما يحصل، فقد قرر الرد عبر تصريحات اعلامية، لم تخل من نبرة التحدي تضمنت رسالة جوابية لمجمل المواقف الداعية لتنحيته إثر إصدار القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحقه، مظهرة إصراره على المضي في مهامه على رأس المركزي حتى نهاية ولايته القانونية واستعداده لخوض المعركة القضائية حتى النهاية، لتبقى العلامة الفارقة في كلامه عن «الودائع التي يمكن أن تعود لأصحابها بعيدا من الشعبوية».
هذا الملف سيلقي بثقله على الوضع اللبناني السياسي والمصرفي، خصوصا أنه الأول من نوعه، حيث يمكن اختصار المجهول وغير الثابت باسئلة كثيرة اهمها وأبرزها: هل من انعكاسات مصرفية؟ كيف سيتعامل القضاء اللبناني ومعه سائر الأجهزة الأمنية مع مذكرة التوقيف الدولية؟
اسئلة كبيرة تنتظر الساعات القليلة المقبلة.