في شهر كانون الأول الماضي زارت لبنان بعثة من صندوق النقد الدولي برئاسة الرئيس الجديد للبعثة أرنستو راميريز، ويومها كان هدف الزيارة إجراء جولة أفق على كل المواضيع والإستراتيجيات التي ينطلق منها فريق العمل، والتي يمكن أن يبنى عليها في أوائل العام الجاري، ومن هنا تأتي أهمية الزيارة الرسمية الأولى لبعثة صندوق النقد الدولي الموسعة المقررة في الثلث الاخير من الشهر الحالي.
إن هذه الزيارة التي ستجريها البعثة الموسعة، ستكون مخصصة للتفاوض على تفاصيل برنامج التعافي الإقتصادي والمالي المتوقع مع لبنان، ما يعني أن الوفد سيطّلع من الحكومة على ما قامت به في هذا السياق، لذلك يحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي السباق مع الوقت لأجل إقرار الموازنة قبل هذه الزيارة، أو على الأقل أن يكون مشروع الموازنة على طاولة مجلس الوزراء لأجل بحثه وإقراره قبل الزيارة الثانية للوفد في شهر شباط المقبل
ترى مصادر وزارية أن ميقاتي يشعر وكأنه أمام امتحان إثبات جدّيته أمام المجتمع الدولي، وهو بحال كان يرغب بترؤس الحكومة الاولى للعهد الجديد، عليه النجاح في هذا الإمتحان، ولا يمكنه تحقيق ذلك دون الدعوة الى جلسة حكومية فور الانتهاء من إعداد مشروع الموازنة.
وتُشير المصادر إلى أن العمل في الموازنة لم ينته، وهو يحتاج الى حوالى 10 أيام أو أسبوعين، والسبب في التأخير يتعلق بعراقيل مالية ونقدية منها سعر الصرف المعتمد، والبحث عن إيرادات تغذي الخزينة، وعندما ينتهي العمل بها ستُحال فوراً الى مجلس الوزراء، حيث يُفترض بميقاتي أن يدعو الى جلسة لأجل مناقشتها وإحالتها الى المجلس النيابي، مشددة على أن ميقاتي سيكون ملزماً بالدعوة الى جلسة بظل بظل الانتقادات التي يتعرض لها سواء بالداخل أو بالخارج.
يُدرك ميقاتي أن الإتفاق مع صندوق النقد قد يكون الإنجاز الوحيد الذي يمكن لحكومته أن تحققه، وأنه المهمة الرئيسية التي وصــل للقيام بها، وبالتالي لا يمكنه أن يُخاطر، وإقرار الموازنة هو الباب الأساسي لأي مسودة اتفاق مع الصندوق، وقد يستعمل رئيس الحكومة هذه الورقة لإحراج الثنائي الشيعي.
ربما اقتنع الجميع بأن معالجة الملف القضائي صعبة للغاية قبل فترة الانتخابات النيابية، وبالتالي لا يوجد أمام ميقاتي سوى ورقة الدعوة الى جلسة وزارية لإقرار الموازنة لاجل تحريك «هزّ» الثنائي الشيعي، وهو يسعى لطرح حلول متنوعة لإنجاح هذه الدعوة قبل حصولها، مثل اقتراح حضور وزير المالية الشيعي فقط خلال الجلسة على أن تكون مخصصة فقط للموازنة.
وتكشف المصادر الوزارية أن موقف الثنائي الشيعي حتى هذه اللحظة لا يزال متشدداً حيال حضور جلسات الحكومة، ولكن بما يتعلق بحلول وسط كحل حضور وزير المالية فقط، فتُشير مصــادر مطّلعة على موقف الثنائي إلى أن باب النقاش مفتوح أمام الحلول، مشددة على أن الإجابة على طرح كهذا تأتي بعد توجيه الدعوة للجلسة لا قبلها.