تقدم ملف الترسيم البحري واجهة الأحداث مع تسلّم لبنان رسالة الرد على شروطه، لكن من دون ان تغيب الملفات الأخرى، وفي مقدمها تأليف الحكومة الذي يتوقع ان يشهد حلحلة هذا الأسبوع نتيجة الضغوط الداخلية والدولية لإنجازه ، فيما لم تنته مفاعيل جلسة ٢٩ أيلول التي لا تزال مدار بحث ونقاش في الكواليس السياسية، لأخذ العبر منها واستنتاج ما ستفعله التكتلات الكبرى في الجلسة المقبلة.
فجلسة ٢٩ أيلول المخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية لم تكن إلا جلسة استكشافية لجس نبض لدى كل من فريقي الموالاة والمعارضة، أكثر مما كانت جلسة لانتخاب رئيس، ولا مجال للشك ان ما رشح منها شكّل خيبة إضافية للمعارضة التي لم تتوحد او تلتقي مع قوى “التغيير”، فيما نجحت قوى ٨ آذار بالتكتيات السياسية والانتخابية التي شكلت “بروفا” للجلسة المقبلة، فانتخبت بالورقة البيضاء ونجحت في عدم إظهار مرشحها سليمان فرنجية الى العلن تحنبا لعدم إحراق أوراقه الرئاسية، وقد نجح الفريق بعدم كشف أوراقه الرئاسية على الرغم من ان رئيس “تيار المردة” هو مرشحه الطبيعي على الأرجح في الدورات الانتخابية المقبلة، استنادا الى عدة معطيات ترفع من حظوظه، خصوصا ان فرنجية يمكن ان يشكل نقطة تلاقي في المستقبل عندما تتعقد العملية الرئاسية، اذ يتوقع ان ينضم عدد من الشخصيات لدعم معركته الرئاسية من النواب السنّة او “اللقاء الديموقراطي”.
يمكن القول ايضا، كما تقول مصادر سياسية، ان ترشيح فرنجية أسهل على فريق ٨ آذار من الآخرين، فرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ملاحق بالعقوبات الدولية و”فيتوات” الداخل، مما يشكل حاجزا يصعب تخطيه في المرحلة الراهنة.
بالمقابل، فان اشكالية فرنجية، كما تقول المعلومات، مسيحية فهو محاصر بفيتو “القوات” عليه، ويتردد ان سمير جعجع في جلسة الانتخاب الأولى بترشيح معوض كان لإحراق “المرشحين الشماليين” من زغرتا المجاورة لبشري. كما ان الاشكالية الأخرى التي تعترض فرنجية تتعلق بالحليف في ٨ آذار جبران باسيل الذي لم يعط موافقته بعد، وكان أول من فتح النار عليه بإطلاقه مقولة الرئيس القوي داخل طائفته، فيما تقول المعلومات ان الاتصالات جارية لحلحلة هذه العقدة، ويمكن ان تكون احدى مفاجآت فريق ٨ آذار المقبلة.
ففريق ٨ آذار أحسن إدارة الجلسة الأولى لانتخاب رئيس وظهر متماسكا، ويُظهر تقييم الأرقام التي وردت في الجلسة الرئاسية ان الاوراق البيضاء بلغت ٦٣ ويمكن بإضافة عدد من النواب السنّة، ممن يسهل “المونة” عليهم شماليا، ان يتعزز رصيد مرشح ٨ آذار الرئاسي.
ثابتتان لا يمكن تجاهلهما في جلسة ٢٩ أيلول، وهما ان كلمة السر الرئاسية لدى محور ٨ آذار الذي يعتبر الممر الإلزامي لإنتخاب رئيس للجمهورية، والمسألة الثانية ان قوى المعارضة و”التغيير” ليس في استطاعتها إيصال رئيس الى بعبدا، فلو تأمن النصاب في الدورة الثانية كان يمكن لـ٦٣ صوتا من فريق ٨ آذار ان ينتج رئيسا للجمهورية.