أرخت الحرب الروسية – الاوكرانية ثقلها ولو من بعيد على الساحة اللبنانية من النواحي الاقتصادية على وجه الخصوص، إن لم يكن هناك تداعيات سياسية سوف تظهر ريثما تضع الحرب أوزارها، كل هذا والدولة في لبنان تبدو وكأنها غير معنية أقله في الشق الاقتصادي، حيث تهافت المواطنون على أماكن بيع مادة الطحين وباتت مفقودة حتى لدى بعض المطاحن، بالرغم من تطمينات وزير الاقتصاد أن هناك ثلاثة بواخر قادمة الى لبنان، لكن هل يغطي المصرف المركزي قيمتها بالعملة الصعبة؟
وتلفت أوساط إقتصادية الى أن هذا الوضع فرض على المطاحن تقنيناً في شراء الرغيف منذ اليوم الاول لإندلاع الحرب، حيث بدأت أفران بتحديد كميات ربطات الخبز التي يستطيع المواطنون شراءها تحسّباً للأيام القادمة، إذ لا يكفي مخزون القمح في البلاد لأكثر من عشرين يوماً، ما ينذر أيضاً بعودة الطوابير إلى أمام الأفران مجدداً خلال الأيام المقبلة، ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع أسعار الخبز توازياً مع ارتفاع سعر طن القمح عالمياً متأثراً بالحرب بين أكبر مصدّريه للعالم.
وتشير الاوساط الى أن أزمة الطحين، وبالتالي الرغيف، مفتعلة من قبل التجار بغية رفع الاسعار، حيث بدت الزحمة التي شهدتها الأفران كل صباح إعتاد عليها الناس عند كلّ أزمة، غير أن من يواجه الأزمة يفتعلها من دون قصد، فعند كل حديث عن ارتفاع في الأسعار أو فقدان لبعض المواد والحاجات الضرورية، يتّجه المواطنون لشرائها وتخزينها من دون اعتماد معيار الوقت الذي يمكن أن تبقى خلاله المادة مخزنة وسليمة، والشواهد خلال الفترات السابقة كثيرة، حيث رمى المواطنون عشرات ربطات الخبز بعد تخزينها في المنازل إثر الحديث عن أزمة مماثلة قبل شهرين.
وتضيف الاوساط الى أن حركة الناس باتجاه شراء الطحين وتخزينه تمهيداً للعودة إلى الجذور وإعداد الخبز في حال توقفت الأفران عن العمل، غير أن الاحتكار والطمع في تحقيق الأرباح يسيطر على عقلية التجار وتعاطيهم مع الأزمات والظروف الحالكة، حيث امتنع هؤلاء عن بيع الطحين إلى الأهالي بحجة عدم وجود المادة منتظرين ارتفاع الأسعار لبيع المخزون بأسعار عالية وتحقيق المكاسب المادية على حساب جوع الناس ولقمة عيشهم، وفي حين كان يباع كيس الطحين وزن 50 كيلوغرام بـ ٢٢٠ ألف ليرة لبنانية قبل بدء الحرب، وصل سعره إلى ثلاثمئة ألف ليرة لبنانية إن وُجد.
وليست مادة الطحين وحدها المستهدفة من قبل التجار، حيث بات الزيت النباتي الذي لطالما كان شغل المواطن الشاغل خلال فترة الدعم، تهافت الناس عليه لشرائه بالسعر المدعوم حتى لو استدعى الأمر إشكالاً، ورغم ارتفاع أسعاره توازياً مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، يبقى مادةً أساسية لا يمكن الإستغناء عنها في كل منزل، غير أن تقنين التوزيع على «السوبرماركات» والمحال من قبل الشركات ورفع الأسعار، يوحي بتفلّت زمام الأسعار على عدد كبير من الحاجات والمواد لدخول الزيوت النباتية في تكوينها، وكون الزيت الأوكراني أحد أهم الزيوت المستوردة والموجودة في السوق وتلبي حاجات المواطنين.
ومع ارتفاع الاسعار لهاتين المادتين الاساسيتين، ثمة تقنين في عملية بيعهما من قبل التجار، حيث كانت الطلبية لدى «السوبرماركات» تناهز الألف «غالون»، فيما عند التسليم يصبح العدد مئة «غالون»!! مع العلم أن هناك كميات كافية لدى التجار، لكنّها تمتنع عن التسليم بانتظار ارتفاع الأسعار، وبات الامر مع هذا الاحتكار يشكل أزمة غذاء في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه، فيما يكفي الناس مشاكلها المتنوعة من الدولار الى ارتفاع الاسعار وحجز أموال المواطنين.