الشغور في مؤسسات الدولة اللبنانية التي ضربها الانحلال وقاربت الانهيار بدأ يتوسع، وهو لا يقتصر على رئاسة الجمهورية التي يغادرها اليوم العماد ميشال عون من قصر بعبدا الى الرابية، ويتوقف عن ممارسة صلاحياته في 1 تشرين الثاني المقبل، ويصبح رئيسا سابقا، في ظل حكومة مستقيلة وتصريف الاعمال، وتشكيك من قبل الرئيس عون وتياره السياسي “الوطني الحر” بأحقية ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، وهي غير مكتملة الاوصاف مع محاولة من رئيس الجمهورية بأن يقبل استقالة الحكومة فيدخل لبنان في فوضى سياسية ودستورية، تحدث عنها رئيس “التيار الحر” جبران باسيل متوقعا ان تتطور الاوضاع نحو الاسوأ اجتماعيا وامنيا حيث بشر الرئيس عون اللبنانيين بأنهم مقبلون على خراب بعد ان حذرهم من جهنم ينتظرهم حيث يعيش اللبنانيون امام ساعات حاسمة لا تتعدى الـ 48 في تشكيل حكومة يلبي فيها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي رغبات عون وباسيل بأن تكون تسمية الحقائب الوزارية ومن يتسلمها لهما وليس لاحد غيرهما، وان رئيس الجمهورية ينتظر الدقائق الاخيرة من انتهاء ولايته لتوقيع مرسوم تشكيل حكومة جديدة او قبول استقالة الحالية فتدخل البلاد في شغور رئاسي وفراغ حكومي.
ومع هذين التطورين الدستوريين والسياسيين فان الاسلاك الادارية والعسكرية والامنية والديبلوماسيىة والقضائية بدأ الشغور يتسلل اليها بحكم التقاعد القانوني للموظفين لا سيما في الفئات الاولى كما الثانية والثالثة اضافة الى استقالات او اجازات من دون راتب وهذا ما حصل في العديد من مؤسسات القطاع العام.
والشغور في المراكز العسكرية والامنية والادارية وغيرها له تأثيره السلبي على انتظام عمل المؤسسات العامة في كل قطاعاتها وهذا ما ينتظر الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة لطبيعة عمل الاسلاك العسكرية والامنية التي هي امام احالة ضباط الى التقاعد في موقع متقدم حيث يبلغ سن التقاعد الضباط: امين العرم ومالك شمص وميلاد اسحق وسينقص معهم اعضاء المجلس العسكري الذي له صلاحيات عدة قد يملؤها قائد الجيش العماد جوزاف عون في بعض المراحل لكنه لا يمكنه القفز فوق الصلاحيات المنوطة بالمجلس العسكري المكون وفق المادة26 من قانون الدفاع الوطني من قائد الجيش رئيسا، رئيس الاركان نائبا للرئيس المدير العام للادارة عضوا والمفتش العام عضوا وامين عام المجلس الاعلى للدفاع عضوا ويعين هذا المجلس بمرسوم في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني بعد استطلاع رأي قائد الجيش.
ومع تقاعد ثلاثة ضباط منه يتعطل عمل المجلس العسكري الذي تناط به صلاحيات تنظيم جميع المؤسسات الرئيسة لوزارة الدفاع واجراء تشكيلات قيادة المناطق والفرق والالوية وقائدي القوى الجوية والبحرية الخ….
وبذلك يكون المجلس العسكري امام تعطيل لمهامه في ظل الشغور الرئاسي والتأزم الحكومي مما سيشل الجيش الذي ما زال المؤسسة المتماسكة وتقوم بحفظ الامن.
وكما في الجيش كذلك في قوى الامن الداخلي التي يتقاعد منها العميدان ماهر الحلبي قائد الشرطة وبلال الحجار، وهما من اعضاء مجلس القيادة الذي سيصيبه الشلل ايضا مع اقتراب تقاعد ضباط اخرين من بينهم المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان في السنة المقبلة.
وما ينطبق على الجيش وقوى الامن الداخلي يسري على الامن العام الذي تم التجديد لمديره اللواء عباس ابراهيم وكذلك لمدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا وباتا من خارج الملاك العسكري وانتقلا الى التعاقد معهما مدنيا وهذا ما دفع بالنائب في “اللقاء الديمقراطي” بلال عبدالله الى تقديم اقتراح قانون بتعديل المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 المتعلق بنظام الموظفين لتمديد سن التقاعد او الصرف من الخدمة لكل موظف او مستخدم من الفئات الاولى والثانية والثالثة الى الثامنة والستين من العمر لكن هذا الاقتراح لم يمر في مجلس النواب لعدم اكتمال النصاب في الجلسة التي عرض فيها قبل حوالى الشهر حيث تطبق المادة 149 من قانون موظفي الدولة على العسكريين وبذلك يتم تجنب الشغور او الفراغ في مراكز عسكرية اساسية واخرى في قطاعات عامة.
والاقتراح قد يعاد طرحه مع تعديل عليه واجراء مشاورات سياسية حوله لكن مع تحويل مجلس النواب الى هيئة ناخبة قد يعطل صدوره. لكن مصدرا نيابيا يؤكد انه يحق للمجلس النيابي التشريع عند الضرورة القصوى.
واذا لم يعبر اقتراح قانون النائب عبدالله طريقه في مجلس النواب فان الضباط الذين سيبلغون سن التقاعد سيخرجون من الخدمة ليتولى ضابط اعلى رتبة المركز الذي سيخلو وقد يثير هذا الموضوع اشكالات طائفية وسياسية وممارسة الصلاحيات مما يزيد من الانقسام السياسي والطائفي اذ يدور الصراع على حقوق الطوائف وصلاحيات ممثليها في مؤسسات الدولة وهذه علة النظام بالطائفية.