نضال العضايلة
مع تصدر الحرب في أوكرانيا عناوين الأخبار عالميًا، يبرز كثير من الطلاب العرب لدى الجامعات الأوكرانية، ضمن قائمة العالقين في الداخل الأوكراني، أو اللاجئين لدى دول الجوار. ومن رحم المأساة الراهنة، خرج تساؤل يقول: لماذا تحول هذا البلد، الذي يقع شرق أوروبا، إلى وجهة دراسية مفضلة لهؤلاء الطلاب، وخاصة في مجالي الطب والهندسة؟
ونلخص الأسباب في: التكاليف الزهيدة، وسهولة إجراءات القبول مقارنة بالاشتراطات الصعبة لأقسام التخصصات المناظرة في بلدانهم.
شروط الدراسة في أوكرانيا
«الشروط السهلة» هي التي شجعت الطلبة العرب على الدراسة في أوكرانيا، حيث يكفي للمتقدم للالتحاق بكلية الطب أن يكون دارسًا للمواد العلمية الثلاث: الأحياء، والفيزياء، والكيمياء، فقط، بالمرحلة الثانوية، دون إلزام بدرجات محددة في هذه المواد، أو اشتراط اجتياز امتحان للقبول كما هو الحال في الجامعات المغربية.
ويعد خيار الدراسة في أوكرانيا لبعض الطلبة «اضطراريًا»، مقابل «الواقع الصعب» بالجامعات العربية.
ويسدد الطلبة نحو خمسة آلاف دولار سنويًا، لأحد المكاتب التي تساعدهم على القبول في الجامعة الأوكرانية، والتي تتولى تمثيلهم أمام الجامعة في الوفاء بالالتزامات المادية، ومتابعة عملية التحصيل الدراسي مع أساتذتهم، بالإضافة إلى تجديد أوراق إقامتهم القانونية.
الاستثمار في التعليم
صممت أوكرانيا استراتيجية دبلوماسية تعليمية تعمل من خلالها على استقطاب الطلبة الدوليين من دول الهند وشمال إفريقيا، كمصدر دخل رئيسي للبلاد، وذلك من خلال تسهيل إجراءات التحاقهم بجامعاتها. وتشير بعض التقديرات إلى أن دخل أوكرانيا من الطلاب الأجانب منذ عام 2019 بلغ أكثر من 3 مليارات دولار، بحسب موقع مجلة collegenews.
وقبل نشوب الحرب، كانت تستضيف أوكرانيا أكثر من 80 ألف طالب دولي، منهم 10% من المملكة المغربية، و4% من مصر، إلى جانب طلاب من تونس، والأردن، وفلسطين، ولبنان، والعراق، وفق إحصاء يعود إلى العام 2020، بحسب مركز الدولة الأوكرانية للتعليم الدولي التابع لوزارة التعليم والعلوم.
التسهيلات المقدمة في عملية التسجيل، وأداء الرسوم، والحصول على تأشيرة دخول الأراضي الأوكرانية، تمثل مؤشرًا على ذلك التوجه الخاص بدعم الاستثمار في التعليم.
كما أن نمط الدراسة، ووجود جالية طلابية كبيرة، وتدريس غالبية المواد بالإنجليزية، كلها أمور تسهل العملية التعليمية.
ويصعب على الطالب الحصول على تأشيرة الدخول لأوكرانيا، أو خطاب الالتحاق بالجامعة دون الاستعانة بالمكاتب المتخصصة في ذلك.
تجارة تدر دخلًا كبيرًا
يتمثل دور المكاتب في تسهيل التواصل بين الطالب والجامعة، والحصول على خطاب القبول، ثم تسجيل المواد الدراسية، مع تسهيل أي صعوبات دراسية خلال فترة الدراسة.
وهناك عشرات المكاتب العربية، التي تنتشر بالمدن الأوكرانية، لتسهيل سفر الطلاب العرب إلى جامعات أوكرانيا، ولكن 60% منها تعمل بدون ترخيص رسمي.
لقد تحول الأمر إلى تجارة لقطاع كبير من أصحاب هذه المكاتب، ويدر دخلًا كبيرًا عليهم، في ظل ارتفاع أعداد الطلاب العرب الراغبين في الالتحاق بالجامعات الأوكرانية، وتساهل السلطات مع أنشطتهم غير المرخصة.
ويمكن القول ان التكلفة الكبيرة التي يتحملها الطلاب، تعود إلى مساومات المكاتب المسؤولة عن سفر الطلاب نظير إنهاء أوراقهم حتى بعد الدراسة، وقد يضطر الطالب لدفع مبالغ أكبر من قيمة الرسوم الدراسية، نال الجزء الأكبر منها، المكتب المسؤول عن سفره وتمثيله أمام الجامعة، في ظل اشتراط «غير رسمي» من الجامعات الأوكرانية بعدم قبول الطلاب إلا من خلال هذه المكاتب.
ويصعب الحديث عن الإضافة النوعية لهؤلاء الطلاب للثقل التعليمي في البلاد العربية، لأنه من غير المعروف ما إذا كانوا يعودون إلى أوطانهم أم لا.
وفي حالة العودة إلى بلادهم، لا ينخرط هؤلاء الطلاب عادة، في مؤسسات التعليم العالي، أو الجهات البحثية، وهو الأمر الذي يحد من تأثيرهم العلمي داخل بلدانهم.
ويمكن القول إن اعتراف الدول الأوروبية والعربية بشهادات الجامعات الأوكرانية، «رغم ضعفها»، سببًا رئيسيًا لانتقال أعداد كبيرة من الطلاب إليها.