هل كانت زيارة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا ولقاء رئيس الجمهورية ميشال عون لتحمل أي جديد في ظل الصراع بين ميقاتي وجبران باسيل؟ طبعاً كلا، تُجيب مصادر نيابية متابعة لملف التشكيل، مشيرة الى أن ما يمكن أن يحمل الفرج هو ضغوطات حزب الله على حليفه باسيل للتنازل عن بعض الشروط الحكومية، ومحاولة الوصول الى حلول وسطية تتيح التأليف.
لا يزال هناك فئة سياسية في البلد تؤمن بإمكان تشكيل الحكومة، وبحسب المؤيدين لهذه الفئة فإن الضغوطات التي تمارس اليوم تأتي في سياق رفع السقوف قبل اللحطات الأخيرة التي تسبق الولادة، مستندين الى أن الحكومة ضرورة للفريق الذي يتولى عملية تشكيلها للمرحلة المقبلة، وغير ضرورية او بالأحرى غير مرغوب بها لفرق المعارضة وقوى 14 آذار، وبالتالي من غير المنطقي على الفريق الأول تسليف الثاني عدم تشكيل حكومة والإضرار بواقعه، فيظهر كمن يطلق النار على نفسه.
لكن اصحاب هذا الرأي نفسه باتوا يتوقفون عند طبيعة جبران باسيل السياسية، فالرجل الذي يرفض التنازل، قد يفضل ظهوره بمظهر الصلب على تأمين مصلحته السياسية، فهل فعلا يتجه باسيل الى الفوضى الدستورية؟
الأكيد بحسب مصادر سياسية متابعة، أن التيار الوطني الحر طلب من مؤيديه في الإعلام والسياسية فتح النار على حكومة تصريف الأعمال الحالية وقدرتها على تسلم صلاحيات الرئاسة في حال الفراغ، وعلى الفور انطلقت الماكينات الإعلامية التابعة للتيار لتصوب على هذه المسألة، تمهيداً للمؤتمر الصحافي الذي عقده باسيل بعد اجتماع التكتل، وأعلن فيه صراحة نيته محاربة ميقاتي وحكومته لمنعها من تسلم الصلاحيات، مشيرة الى أن رئيس الجمهورية ينضوي تحت هذا الخيار أيضاً، ويدرس مع مستشاريه ما يمكن أن يفعله ليدعم قرار المواجهة الذي اتخذه جبران باسيل.
وهنا تلفت المصادر الى أن “الفائدة” المتوخاة من رغبة باسيل بالوصول الى الفوضى السياسية والدستورية غير واضحة المعالم، خاصة أنه في حال كان يرغب القيام بدور رئاسي ما أو حتى التفكير بأن يكون رئيس الجمهورية، عليه أن يراهن على عامل الوقت والاستقرار لا الفوضى، مع الإشارة الى أن ميقاتي أيضاً حصّن نفسه للمعركة المتوقعة وزار البطريرك الماروني اكثر من مرة لوضعه في أجواء محاولاته لتشكيل الحكومة، ومسألة تسلم الصلاحيات، ويعلم ميقاتي أن قلة قليلة يساندون باسيل في مسعاه.
برأي المصادر، ربما يعتقد باسيل أنه بحال الوصول الى الفوضى، فإن التفاوض على رئيس وسطي قد يكون أسهل وأقرب، نظراً للحاجة الى انتظام عمل المؤسسات، وهو ما يقطع الطريق على محاولات حزب الله و”حركة أمل” التسويق لسليمان فرنجية في الخارج، أو ربما لتسريع تيرة الحاجة الى الجلوس معه للتفكير بحلّ رئاسي، كاشفة أن حزب الله أبلغ باسيل مراراً أن المطلوب تشكيل حكومة لتأمين استقرار معين، ووعده بأن يكون جزءاً من أي تسوية رئاسية في المستقبل، لذلك فإن كثرا من المقربين لحزب الله يعتبرون تصرف باسيل الحكومي، ورفضه الحلول لتشكيل الحكومة، يستهدف حزب الله بالدرجة الأولى، حيث أنه أبرز وأشد المطالبين بتشكيلها.
“لا يزال هناك وقت”، تختم المصادر عند سؤالها حول احتمال ولادة الحكومة في الأيام القليلة المقبلة.