بقي المشهد الداخليّ أمس تحت تأثير ارتدادات اللقاء العاصف بين رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وما أعقبه من حرب بيانات وكشف كل الأوراق الحكوميّة.
الى ذلك اعتبرت الاوساط لـ”الجمهورية” انّ الحيوية الديبلوماسية في نشاط عون، خصوصا استقباله السفير البابوي ثم السفير السعودي إضافة إلى السفيرة الفرنسية، إنما أسقطت مقولة انّ رئيس الجمهورية في عزلة، واكدت انه منفتح على الجميع لخدمة المصلحة الوطنية العليا.
وقالت مصادر مطلعة لـ”اللواء” أن الرئيس ميشال عون باشر سلسلة اتصالات مع جهات في إطار وضعها بحقيقة الأمور التي حصلت في ما خص الملف الحكومي فكان لقاؤه مع السفير السعودي في بيروت وليد بخاري والسفيرة الفرنسية آن غريو.
في السياق أفادت “الديار” ان دوائر القرار سواء في باريس او الولايات المتحدة الاميركية كما عربيا، وبالتحديد على مستوى جامعة الدول العربية، تشهد دفعا باتجاه اجراءات دولية سريعة ومنسقة لتفادي «الانفجار اللبناني الكبير»، من دون ان يتم حسم ما اذا كانت هذه الاجراءات ستكون على شكل عقوبات على عدد من المسؤولين اللبنانيين والذين سيتم التعاطي معهم كـ»معطلين» لعملية التشكيل أو مؤتمرا دوليا لحل الأزمة اللبنانية او دعوة للأطراف اللبنانيين لطاولة حوار على غرار ما حصل في الدوحة عام 2008
لقاء البخاري وغريو: وإزاء الفشل والاستعصاء السياسيّ في إنتاج حكومة جديدة، برز تحرّك دبلوماسي أوروبي – عربي – خليجي على الخط الحكومي، وشهد قصر بعبدا سلسلة زيارات دبلوماسية أبرزها السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غريو في القصر.
الاّ أن الإيحاءات التي حاول العهد وفريقه توظيفها لتصوير زيارة البخاري لمصلحته في حربه على الحريري، أتت على عكس التوقعات، خصوصاً وان الموقف السعودي كان صارما لناحية الالتزام بالثوابت التي عبر عنها السفير بخاري في بيان معد سلفاً رافضاً بعد تلاوته الرد على أسئلة الصحافيين، بحسب “النهار”.
ولفتت “اللواء” الى ان البيان المكتوب الذي تلاه في تصريحه من بعبدا وهو الأمر الذي يحصل للمرة الأولى تضمن رسائل يجدر التوقف عندها. ولفتت إلى أنه عكس توجه المملكة للوقوف على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء دون التدخل في الشؤون الداخلية. وقالت أن المهم متابعة الزيارة والاستفادة من المناخات للمساعدة في حلحلة الازمة الراهنة.
وذكرت مصادر رسمية ان موعد زيارة السفير بخاري تحدد امس وبعد الدعوة التي وجهها عون ونقلها مستشاره الوزير السابق سليم جريصاتي الذي حضر لقاء الامس. واوضحت ان لقاءات عون تأتي من ضمن حركة ستشمل مزيداً من الدبلوماسيين والشخصيات السياسية، لشرح الوضع الحكومي وموقفه منها “حتى لا يُساء فهم موقفه ولا يقع احد ضحية معلومات مغلوطة”. ووصفت المصادر لقاء عون وبخاري “بالجيد جداً والودي جداً”، وان السفير السعودي استمع بإصغاء لكلام عون واستفسر بعض المسائل منه، لكنه لم يبدِ موقفاً سوى ما اعلنه بعد اللقاء.
مصادر رئيس الجمهورية لفتت لـ”الأخبار” الى أنّ أجواء الزيارة “كانت إيجابية. الدعوة وُجّهت مساء أول من أمس، وتمّت تلبيتها سريعاً”. تحدّث عون والبخاري عن اتفاق الطائف، وكان الرئيس “حريصاً على إعلان التمسّك بالطائف، وأنّه يُمارس ما تبقى من صلاحياته كرئيس للجمهورية”. وأوضح عون أنّه إذا “كان العهد سيُحمّل مسؤولية في الشارع، فهو في حاجة إلى تمثيل في الحكومة”.
وأمام السفيرة الفرنسية كان تأكيد على المبادرة الفرنسية كمشروع انقاذي وليس كوسيلة للسلطة مشيرا إلى أنه سيتابع جهوده لمعالجة الموضوع الحكومي وفقا لما تقتضيه مصلحة لبنان ومقتضيات الوفاق الوطني. ولفتت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية ينوي متابعة اتصالاته الديبلوماسية وقد يعقد لقاءات سياسية أيضا في إطار الملف الحكومي على أن تحركه يظهر تباعا ويعبر عن نفسه في الآتي من الأيام.
وعلمت “اللواء” ان السفيرة غريو زارت الضاحية الجنوبية، والتقت النائب محمد رعد، قبل زيارة بعبدا، مع الإشارة إلى ان رعد عاد قبل أيام من زيارة رسمية إلى موسكو.
في المقابل، شددت أوساط ديبلوماسية عربية لـ”نداء الوطن” على أهمية “تلقف المسؤولين اللبنانيين الرسائل المتقاطعة بين المجتمعين الدولي والعربي إزاء مرتكزات الحل في لبنان، ونوهت بأنّ موقف جامعة الدول العربية (أمس) تجاه احتدام الأزمة اللبنانية، يؤكد بأنّ اللبنانيين غير متروكين من قبل أشقائهم العرب ولا من أصدقائهم الدوليين، لكن يبقى على لبنان نفسه أن يعود إلى مظلته العربية والدولية والعمل على استعادة الثقة الخارجية به عبر إجراءات إصلاحية جذرية وسياسة داخلية وخارجية غير منحازة لمحور ضد آخر”.