نضال العضايلة
عقوبة الإعدام، عقوبة الموت أو تنفيذ حكم الإعدام هو قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع. وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام.
العام 2017 شهد أخر إعدام جرى في الأردن
في الأردن وفي الثالث من اذار عام 2017، تم تنفيذ حكم الاعدام بـ 15 شخصاً، وذلك بعد ادانتهم باعمال ارهابية ادت الى موت انسان فيما يعرف بقضية خلية اربد الارهابية، وقضية مكتب المخابرات في البقعة، وكانت هذه أخر ما تم تنفيذه من اعدامات، في دولة تنفيذ أحكام الإعدام فيها توقف منذ شهر نيسان 2007 بناءً على توجيهات ملكية.
219 محكوم بالإعدام منهم 22 انثى
في العام 2022، أصدرت المحاكم الأردنية 11 حكماً بالإعدام ليصل عدد المحكوم عليهم بالإعدام في الأردن الى 219 محكوم، بينهم ٢٢ أنثى، منهم من صدر الحكم عليهم ولم ينفذ حتى الآن منذ عشرات السنوات، مع الإشارة إلى أن هناك محكوما عليه بالإعدام منذ العام ١٩٧٦ ولم تنفذ عليه العقوبة حتى الآن.
وقد طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريباً، ما عدا المجتمعات التي لديها قوانين مستمدة من الدين الرسمي للدولة تمنع هذه العقوبة.
الجدل الحاصل حول عقوبة الإعدام
وتعد هذه العقوبة قضية جدلية رائجة في العديد من البلدان، ومن الممكن أن تتغاير المواقف في كل مذهب سياسي أو نطاق ثقافي. وثمة استثناء كبير بالنسبة لأوروبا حيث أن المادة الثانية من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي يمنع تطبيق هذه العقوبة.
ويثار الجدل حول عقوبة الإعدام في الأردن بشكل مستمر بين معارضي العقوبة الذين يطالبون بإلغائها، وبين المؤيدين لاستمرار تطبيقها والإبقاء عليها.
رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أوضح أن القانون الأردني حصر الجرائم التي یعاقب علیھا بالإعدام بالاشد خطورة كالقتل العمد والخیانة العظمى والاعمال الارھابیة التي تفضي إلى قتل الابریاء، وتزعزع الأمن الوطني، وأن عقوبة الإعدام لا تنفذ بشكل تعسفي أوخارج نطاق القانون. واشار إلى ان الغاء عقوبة الإعدام مرة واحدة لیس سھلا، خصوصا في مجتمعاتنا العربیة والاسلامیة، لكن ھذا لا یمنع من بحث الموضوع شریطة ان یتم الأخذ بالاعتبار حقوق الجمیع. وبین ان أفضل طریقة لمناقشة الموضوع تناوله من مختلف جوانبه الدینیة والتشریعیة والوقوف على تقالید وقیم كل مجتمع.
ويعتبر النائب السابق محمود الخرابشة أن الإبقاء على تنفيذ عقوبة الإعدام “ضرورة من ضرورات المجتمع وحماية لأمنه واستقراره”، فضلا عن تحقيقها لمفهوم العدالة الاجتماعية محذرا من أن الجرائم ستزداد إذا تم إلغاء العقوبة. ويقول أيضا أن العقوبة تنبع من الحاجة الاجتماعية، والاعراف والتقاليد، وإذا لم تطبق ستكون هناك خلافات عشائرية، وتقتل العشرات من الأرواح، بدلا من روح واحدة بسبب الثأر”. وأضاف:“نحن مجتمع عشائري إذا تم إعدام الجاني فإن ذلك يشفي قلب كل عشيرته، وإذا لم يعدم فسيكون هناك انتقام منه من عائلة الضحية وربما انتقام لعائلته أيضا معتبرا أن مطالبة حقوقيين أردنيين بـ”الغاء عقوبة الإعدام، يأتي خدمة لمصلحة جهات خارجية.
بينما أكد حقوقيون وناشطون أردنيون أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في الأردن “لا يعني إفلات الجاني من العقاب”، معتبرين أن عقوبة الإعدام هي «انتهاك الحق في الحياة» ومطالبين في نفس الوقت في عقوبات أكثر تشددا مثل عقوبة السجن مدى الحياة.
الرئيس التنفيذي لمركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة محمود حشمة يقول أن مناهضته لعقوبة الإعدام تنطلق من كون أنها “تمس أحد أهم حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة، وذلك لا يعني عدم معاقبة الجاني”. ويبين حشمة أن هناك عقوبات بديلة عن الإعدام مثل عقوبة السجن مدى الحياة”، واعتبر ان “هناك تمييزا يمارس بحق المحكومين بالإعدام، حيث تجد محكوما بالإعدام مسجونا منذ عشرين عاما، وهو ينتظر يوم تنفيذ عقوبته، بالمقابل تنفذ العقوبة بحق محكوم قضى شهرين فقط في السجن”. ويصف طريق مناهضة عقوبة الإعدام والدعوة إلى الغائها في الأردن بأنها “طويلة وشائكة لكنها ستبقى مستمرة”.
المحامية نسرين زريقات مفوضة التعزيز في المركز الوطني لحقوق الإنسان ذكرت بأن الأردن يسعى بإستمرار إلى تقليص عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، وإن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام لا تعني مطلقاً افلات مرتكبي الجرائم من العقاب، وانما لأن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً للحقوق والحريات التي ضمنتها العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
كما يرى بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان وجود إرتباط وثيق ما بين الفقر وعقوبة الإعدام، كون الأشخاص الذين يعانون من الفقر هم الأكثر تعرضاً لصدور عقوبة الإعدام في حقهم، فالنساء الفقيرات واللاتي يتعرضن للتهميش بسبب وضعهن الاجتماعي أكثر عرضة لعقوبة الإعدام، وأقل قدرة على إتخاذ الإجراءات الصلحية والعشائرية لإسقاط الحق الشخصي للتخفيف من العقوبة سواء أتم ذلك من قبلهن أو من قبل عائلاتهن.
الإعدام في القانون والتشريعات الأردنية
يطبق القانون الأردني عقوبة الإعدام على 25 حالة وردت في قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته، وقانون العقوبات العسكري لسنة 2006، وقانون حماية أسرار وثائق الدولة رقم 50 لسنة 71. عقوبة الإعدام في الأردن تصدرها أربع محاكم هي: محكمة الجنايات الكبرى ومحكمة أمن الدولة والمحكمة العسكرية ومحكمة الجنايات البدائية، وتحدد اختصاصها وفقا للآتي: ضمن اختصاص محكمة الجنايات الكبرى: – جريمة القتل العمد – القتل المرتكب تمهيدا لجريمة من فئة الجناية – جريمة القتل المرتكبة من الفرع على الأصل – جريمة اغتصاب فتاة لم تكمل الخامسة عشرة من عمرها ضمن اختصاص محاكم الجنايات البدائية: – قتل الأم لوليدها بفعل أو ترك مقصود – جريمة الحريق العمد إذا نجم عن الحريق وفاة إنسان.
ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة: – كل أردني حمل السلاح ضد الدولة في صفوف العدو. – كل أردني دس الدسائس لدى دولة أجنبية، واتصل بها ليدفعها إلى العدوان ضد الأردن – كل من دس الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليعاونه على هزيمة الدولة – كل من من أقدم على أعمال من شأنها شل الدفاع الوطني والإضرار بالدولة – كل من جند في المملكة جنودا للقتال لمصلحة دولة أجنبية عدوة – الاعتداء على حياة الملك أو حريته. – الاعتداء على حياة الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش أو على حرية أي منهم. – كل من يعمل على تغيير الدستور بطرق غير مشروعة – كل من قام بأفعال بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور – الأعمال التي تستهدف إثارة الحرب الأهلية – كل من قام بعمل إرهابي إذا أفضى إلى موت إنسان أو إلى هدم بناء سواء كليا أو جزئيا – الأعمال التي من شأنها تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة – العصابات المسلحة المكونة من ثلاثة أشخاص فأكثر – كل من أتلف خلال عصيان مسلح أو خلال الفتنة خطوط الاتصالات من هاتف وبرق وأجهزة الإذاعة – كل شخص دخل أو حاول الدخول إلى مكان محظور بقصد الحصول على أسرار أو وثائق محمية أو معلومات تحمل طابع السرية – كل من سرق أسراراً أو وثائق أو معلومات ذات الطابع السري – الإبلاغ أو الإفشاء عن معلومات أو أسرار ممن وصلت إليه هذه الأسرار بحكم وظيفته سواء كان على رأس عمله أو أن وظيفته انتهت فأفشى بها لدولة عدوة.
وكان عدد الجرائم التي يحكم على مرتكبيها بالإعدام بحدود (23) نصاً تشريعياً، أوقف الأردن تنفيذ العقوبة بين عامي 2006 إلى 2014، ارتفع عدد المواد التشريعية التي تعاقب بالإعدام إلى ما يقارب 30 مادة، منها 17 مادة في قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960وتعديلاته، و 8 مواد في قانون العقوبات العسكري لسنة 1988، ومادتين في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2016، و 3 مواد في قانون حماية أسرار وثائق الدولة رقم 50 لسنة 1971.
الانتقادات الدولية لأحكام الإعدام في الأردن
يذكر أن منظمة العفو الدولية كانت قد انتقدت الأردن بخصوص عقوبة الإعدام، فقد شجبت المنظمة إعدام سالم سعد بن سويد، وفتحي فريحات اللذين أعدما على خلفية اغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورانس فولي، ووجهت دعوة إلى عدم تنفيذ العقوبة بآخرين محكومين على خلفية جرائم جنائية وجرائم إرهاب.
وقد صرحت وقتها سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش قائلة: «قد يعتقد الأردن أن عمليات الإعدام تأكيد للقوّة، ولكن عقوبة الإعدام لن تردع أبدا الهجمات الإرهابية والقتل، ولن تجعل الأردن أكثر أمنا، بدل الاقتداء بإيران والعراق والسعودية، أكبر منفذي عقوبة الإعدام في المنطقة، على الأردن أن يكون مثالا يحتذى في الحقوق والحماية، وأن يعيد تعليق العمل بعقوبة الإعدام».
وتاريخيا لم یشھد الأردن أي حالة اعدام لأسباب سیاسیة، كما لا تطبق عقوبة الإعدام على الاحداث، ولا بحق المرأة الحامل، وكل احكام الإعدام تعرض على محكمة التميیز التي وقبل تطبیق الإعدام وخاصة في قضایا القتل العمد تعطي فرصة للمصالحة التي تلغي الإعدام.
كيف ينفذ الإعدام في الأردن؟ وأين؟
تنفذ أحكام الإعدام في الأردن التي وافق الملك عليها في سجن سواقة، في مكان مخصص لذلك وبطريقة الشنق، حيث يربط حبل قوي نسبيا حول عنق المحكوم عليه، ومن ثم يسحب السطح الذي يقف عليه مما يؤدي إلى سقوط المحكوم عليه مسافة تتراوح ما بين متر واحد إلى مترين. يحدث كسر وخلع انزلاقي بالفقرة العنقية الثانية مما يؤدي إلى انضغاط النخاع المستطيل الذي يحتوي على مراكز التحكم بالقلب وبالرئتين، وهذا يؤدي إلى التوقف المباشر للتنفس والى توقف التحكم المركزي بالقلب وبالتالي يستمر نبض القلب لبضع دقائق دون تحكم عصبي حتى الوفاة. وعادة ما يتم تنفیذ احكام الإعدام بحضور النائب العام ونائب عام محكمة الجنایات الكبرى ومساعدیھم ومن نص على حضورھم قانون اصول المحاكمات الجزائیة.
الصور لساجدة الريشاوي، وزياد الكربولي اللذين تم إعدامهما فجر يوم 4 فبراير 2015 شنقاً حتى الموت في سجن سواقة، لقيامهم بعمليات إرهابية داخل الأردن.