يُتوقّع وفق المطّلعين على بواطن الأمور، أن تكون جلسة اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد عادية، دون أن تحمل أي مفاجآت، وسيبقى القديم على قدمه مع ارتفاع أصوات النائب ميشال معوّض إلى الخمسين، وربما أقل من ذلك، وبالتالي ربما يصار أيضاً إلى حصول مفاجآت قد تؤدي إلى تطيير الجلسة بفعل عدم اكتمال النصاب، لا سيما ووفق المعلومات، أن النواب “التغييريين” كانوا على وشك الانتهاء من اجتماعاتهم والتوصل إلى اسم يتم التوافق عليه بين النواب ألـ 13، ولكن ما حصل أن الخلافات والتباينات ما زالت قائمة، والاتجاه السائد هو أن يكون هناك كتلتان من “التغييريين” ستبقى الثوابت بينهما قائمة حول الأهداف التي رفعوها خلال الثورة. ولكن في ما خص الأمور المجلسية والإستحقاقات الدستورية، فذلك لم يؤدِ بينهما إلى التلاقي أو التوافق، الأمر الذي ظهر جلياً في جلسة انتخاب الرئيس الأولى، وعلى هذه الخلفية، فإن الإجتماع الأخير الذي انعقد في الساعات الماضية أدّى إلى هذا الإخراج، على أن يكون التصويت اختيارياً دون أن يؤدي ذلك إلى فرط عقد نواب “التغيير”، إذ ان هذا المشهد سيتظهر اليوم في حال عقدت جلسة الإنتخاب، والمحسوم أن النواب أل13 لن يكونوا كتلة واحدة في الإقتراع للنائب ميشال معوّض أو سواه.
وبالعودة إلى جلسة اليوم، فإن الإتصالات كانت عادية داخل الكتل النيابية، على اعتبار أن البعض أخذ مواقفه وخياراته عندما تم التوافق بين مثلّث “الكتائب” و “القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الإشتراكي”على التصويت لمعوّض، وهذه مسألة باتت من ثوابت هذا المثلّث، والأمر عينه لعدد من النواب المستقلين و “الإعتدال والتجدد”، على أن يرتفع منسوب التصويت للنواب السنّة الذين اقترعوا في الجلسة الأولى بالأوراق البيضاء، أو بالتصويت لأسماء متنوّعة، بمعنى أن المعلومات تشير إلى أن اللقاءات والإتصالات الأخيرة مع نواب الشمال، من طرابلس إلى عكار وعدد من نواب بيروت، أفضت إلى توجّههم للإقتراع لمعوّض، وهذه مسألة أضحت محسومة، أي أن حوالى عشرة نواب من الذين لم يقترعوا له في الجلسة الأولى سيصوّتون في الجلسة الثانية لمصلحته، وذلك بعد اتصالات حثيثة جرت إن من خلال السفير السعودي وليد البخاري أو عبر قنوات أخرى، ناهيك بالزيارات التي قام بها معوّض لهم، والتي أفضت، بحسب المواكبين لها، إلى نتائج إيجابية ستظهر في جلسة اليوم.
وفي موازاة ذلك، يبقى أن مسألة تحديد جلسات انتخاب الرئيس تأتي من خلال واجب رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدستوري، ولكنها وفي خضم هذه الأجواء والظروف المحيطة بالبلد، وحالة الإنقسام السياسي والإنهيار الإقتصادي، وصولاً إلى الحرب الروسية ـ الأوكرانية وتداعياتها على لبنان والعالم بأسره، فهذه الجلسات تأتي من خلال هذا المنحى الدستوري، ولكن لم تحسم بعد الخيارات الدولية والإقليمية من أجل الوصول إلى تسوية يصار خلالها إلى التوافق على الرئيس العتيد للجمهورية.
ومن خلال المعطيات والمعلومات، فإنها ما زالت مدار مشاورات واتصالات بين الدول المعنية بالملف اللبناني، إنما لن يكون هناك رئيس من صناعة لبنانية، نظراً لوجود تباينات هائلة وخلافات عميقة، وحيث المرحلة مغايرة لحقبات سابقة، كان فيها للتوافق الداخلي أثر إيجابي حول اختيار هذا الرئيس وذاك، لذا فإن الأمور رهن هذا التوافق الإقليمي ـ الدولي، والذي قد يتبلور خلال الشهرين المقبلين، وإلى حينه ستبقى جلسات انتخاب الرئيس قائمة، إنما لن يصل عددها، كما يقول المطلعون، إلى ما وصلت إليه قبل انتخاب كل من الرئيسين ميشال سليمان وميشال عون.