اذا اخذنا قرار مجلس الوزراء الاخير، الذي خصص لبحث الازمة وتداعياتها الخطرة، على محمل الجد، نستبشر خيرا، واذا ذهبنا ابعد وصولا الى قصر عدل بعبدا، و»فرغنا» تغريدة القاضية غادة عون، لاستعوذنا بالشيطان الرجيم، فكما العادة اسمع تفرح جرب تحزن، لان لا حلول و»لا من يحزنون»، بل مزيد من الازمات تتراكم لتفتح كلها على فصول وتعقيدات اضافية، وتنتقل من الخطر الى الاخطر في انتظار لحظة الانفجار.
فحبر حكومة القضاة والحقوقيين، الذين سجلوا رقما قياسيا في عددهم نسبة الى السابق، جف على حبر سريان القانون على كل الملفات العالقة في القضاء من دون استنسابية، او بمعنى اخر وضع حد لسياسة الصيف والشتاء تحت سقف واحد، فلا دعاوى توضع على الرفوف واخرى تُحرك، ولا ضغوط وتهديدات تفرض على القضاة، ولا قضاة يستنسبون سياسيا ملفاتهم، و»يلي تحت باطو مسلة تنعرو». وحده وزير العدل الذي كلف شرب كأس التنفيذ المرّة، سارع الى قصر بعبدا طالبا السترة من جنرالها، عله يمون على «بنت العيلة»، ليصدم بان لا حياة لمن تنادي، فرئيس الجمهورية تموضع خارج كل «الهمروجة».
كل ما تقدم يشير الى ان محاولات «الميقاتية السياسية»، في احتواء المعركة القضائية – المصرفية، وللمناسبة التي ترتفع اسهم ان يكون رئيس جمهوريتنا المقبل من احد القطاعين، التي يبدو انها تحولت الى معركة «تكسير روس» مع تنفيذ القاضية عون لتهديداتها «سواء كانت مغطاية ام لا»، منذرة بتداعيات سلبية على كافة المستويات، السياسية والقضائية والمالية والنقدية والاقتصادية، في ظل التصعيد على جبهتين: الاولى تجلت في اصرار النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون على قراراتها، ومعها «نادي قضاة لبنان» الذي رفض اسلوب تعاطي مجلس الوزراء مع القضاء، والثانية مضي «جمعية المصارف» باضرابها التحذيري رفضا لقرارات القضاء حيال المصارف.
مصادر حقوقية متابعة اكدت ان العاصفة المصطنعة المثارة حاليا، لزوم ما لا يلزم في حال عمل الجسم القضائي وفقا للآليات التي لحظتها القوانين والانظمة، التي تراعي حقوق طرفي العملية القضائية، والتي تضمن الحقوق والواجبات، حتى حين حصول تجاوزات مصوّبة المسار والخلل، معتبرة ان المشكلة المثارة حاليا هي ذات خلفيات سياسية بامتياز، وبالتالي حلها سياسي لارتباطها بالاستحقاقات القادمة وشد الحبال القائم حولها، وبالتالي ما يحصل مواجهة اختلطت فيها عناصر داخلية وخارجية ساحتها القطاعان الاساساين المرتبطان في اي عملية نهوض، القضاء العادل الضرروري في اي عملية نهوض اقتصادي، داعية الى عدم اسقاط ضخامة الملفات التي لم يشهد التاريخ اللبناني مثيلا لها وفي مقدمتها التحقيقات في تفجير مرفا بيروت، والتي اضافت «الى الطين بلة».
وختمت المصادر بانه من الضروري تصويب الاستهداف الممنهج للقطاع المصرفي، لأن من شأن استمراره أن يؤدي الى كارثة وانهيار أقتصادي شامل يقضي على كل ما تبقى، فما يجري ارساؤه من سوابق، وان كانت الدعاوى المقامة محقة، الا ان نتائجها خطرة خصوصا اذا ما عمد اصحاب الحسابات الكبيرة من غير اللبنانيين الى الاستفادة للمطالبة بسحب ودائعهم المقدرة بالمليارات، ليضاف الى كل ذلك موجة الاشاعات المواكبة.
وتكشف المصادر في هذا الخصوص، الى ان ما قيل حول اقفال المصارف اللبنانية في قبرص ليس صحيحا، وانما يعود الى خطة بدأت تلك المصارف باعتمادها منذ قرابة سنة، بعدما فرض البنك المركزي القبرصي اجراءات مالية حدّت الى درجة كبيرة من ارباح تلك البنوك، ما دفعها الى اتخاذ قرارها بالتخفيف من وجودها وتعاملاتها في قبرص، خصوصا بعدما بات ممكنا فتح حسابات «بالفريش» في لبنان، لتختم المصادر بالتأكيد ان الحل الاساسي المؤقت اليوم والضروري لوقف ما يجري وضمان عدم الانهيار السريع، هو في اقرار قانون «الكابيتول كونترول»، الى حين ايجاد الخطط البديلة.
هل يتحقق الطلب الحكومي، فيستيقظ «النايم» وتفتح الملفات من الشمال واليمين؟ هل هي التسوية التي افضت الى ادعاء عون على سلامة واحالة الملف الى قاضي التحقيق الاول ام هي مجرد هجمة مرتدة من قاضية العهد بعدما بدا الدولار باللعب؟ وهل وهل وهل؟؟؟ اسئلة لا تحصى ولا تعد…. وبعد، على طريقة ابو تيمور، الى اين؟ الجواب كما دوما…ً