42% من المكالمات على خط المساعدة “ابعاد” للإبلاغ وطلب المساعدة بشأن الإساءة الجسدية والتحرش الجنسي
40% من المكالمات للإبلاغ وطلب المساعدة بشأن الإساءة العاطفية والنفسية
وأكثر من 86% من الحالات يقوم صاحب الحق بالاتصال بـ “أبعاد” مباشرة
لنضع اصبعنا في عين الذكورية المتجذّرة في المجتمعات العربية مهما كلفنا ذلك أثماناً باهظة.
في الواقع نحتاج الى عدالة على ارض الواقع، فمقتل نيرة أشرف، وايمان ارشيد، وشيماء جمال وجريمة الأنصار التي قام الجاني بالاتفاق مع آخر باستدراج الضحايا الى مغارة وقتل الام وبناتها الثلاث ودفنهن بعد صب الباطون عليهن، صدر القرار الظني عن قاضي التحقيق شربل أبو سمرا بإنزال عقوبة الإعدام بالجناة في قضية أنصار بحسب المادة 549. هذه الجرائم مجتمعة من المحيط الى الخليج دفعت بالنساء ينتفضن ولكن بخجل مُنَكّه بطعم الخوف والتشتت. فرحلة الموت هذه قد تكون من نصيب أي امرأة اسْتَبْعَدَتْ ان تكون هي الضحية. الابشع من القتل هو كيفية التعامل مع “قضايا جرائم قتل النساء” وكل أنواع جرائم القتل وعدم الاعتراف بها او التقليل من أهمية الفعل عن طريق تبرير عمل الجاني.
الصحافية ومراسلة الوكالة الوطنية في مصر عن قضية نيرة أشرف:
أولاً: في قضية الطالبة نيرة أشرف التربية الذكورية ليست فقط في المجتمع المصري بل في المجتمع العربي كافة، كما ان تفضيل الذكرعلى الانثى من منطلق فهم خاطئ للدين وأعراف اجتماعية غليظة تحابي الذكر وتستعبد الانثى بمعنى أن البنت مخلوقة لتخدم اخوانها، ابوها، وزوجها دون أن تقول لا!! أما الولد فمباح له كل شيء وبالتالي لم يربّ على ثقافة الرفض ولم يقل له أحد لا، فكل طلباته مجابة. وهذا ما حدث في قضية نيرة أشرف عندما قالت لا “لمحمد عادل” الذي لم يعتد الرفض من قبل فقتلها.
العقوبات موجودة في القانون والدين كما ان الأزهر الشريف أنصف نيرة أشرف وغيرها من الإناث.
هل انشاء جيش نَسَوي هو الحل؟…
ليس تطرفا إذا تم انشاء جيش للنساء، بطبيعة الحال فإن عمل الجيش هو الحماية وردع المعتدي بشتى الطرق وعلى قاعدة ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة. ولا يقهر الرجال الا قوة توازي او تتفوق على قِواهم البدنية والعقلية وحتى الذكورية، فقد قيل في الرجل شيء من الانوثة وفي المرأة شيء من الذكورية يستفيق متى ارادت هي ذلك.
الأمم المتحدة وعنف النساء…
تُعرّف الأمم المتحدة مفهوم “جرائم قتل النساء” بأنه: الظاهرة الأكثر تطرُّفاً ووحشية من اشكال العنف التي تتعرض له النساء. وبحسب المنظمة غير الحكومية في جنيف “مسح الأسلحة الصغيرة” ان سويسرا الدولة المدنية المتقدمة واحدة من بين الدول التي لديها معدل كبير من جرائم قتل النساء، لا بل يُعد الأعلى من معدّل قتل الرجال. وهذا الكلام ما زال قائماً حتى يومنا هذا دون نفيه او إيجاد ذرائع كما يحدث عادة في هذا النوع من جرائم القتل لا بل العنف منتشر في الأصل في كل اصقاع العالم وعلى قاعدة “انا الرجل”.
الـ UN WOMEN ماذا تقول عن قضايا جرائم قتل النساء؟
بحسب UN WOMEN فإن واحدة من ثلاث نساء تتعرضن للعنف الجنسي او العاطفي من قبل الشريك. وفي عام 2020 قتلت 81000 امرأة وفتاة، 58% منهن على يد الشريك او أحد افراد الاسرة، وهو ما يعادل مقتل امرأة او فتاة كل 11 دقيقة.
ارقام صادمة لجرائم القتل في الوطن العربي:
بحسب مؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة” خلال كانون الثاني وشباط تم رصد 186 جريمة عنف ضد النساء في العام 2022 بينما في 2021 تم تسجيل 296 جريمة، وفي الجزائر بحسب مجموعة “فيمنيسيدز ألجيري” تم رصد 24 حالة قتل للنساء للعام 2022 وكذلك الامر في المغرب والأردن والعراق والسعودية.
اما في لبنان فالأرقام ليست نهائية الا ان أفظعها كان جريمة قتل باسمة عباس وبناتها في بلدة أنصار الجنوبية. بعض الأرقام بحسب “ابعاد” من عام 2021 فإن عدد المكالمات الواردة عبر الخطوط الساخنة وخطوط المساعدة 3600 مكالمة.
خطوط المساعدة: هو رقم مشابه لعام 2020، بزيادة قدرها 200% مقارنة بعام 2019، قبل جائحة كورونا covid 19. مع تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان يستمر عدد المكالمات في الازدياد. هذا الوضع الهش دفع بالعديد من العائلات الى تقليص مصاريفها الشهرية واحد من اشكال تلك التدابير هو إبقاء هاتف واحد ضمن العائلة والذي يمتلكه الزوج. لذا بات من الصعب على النساء والفتيات المعنّفات التواصل عبر الخط الآمن لتتوجه مباشرة لطلب المساعدة من مراكز “ابعاد” المنتشرة في مناطق لبنانية متعددة.
42% من المكالمات على خط المساعدة “ابعاد” للإبلاغ وطلب المساعدة بشأن الإساءة الجسدية والتحرش الجنسي، بينما 40% من المكالمات للإبلاغ وطلب المساعدة بشأن الإساءة العاطفية والنفسية. وأكثر من 86% من الحالات يقوم صاحب الحق بالاتصال بـ “أبعاد” مباشرة.
فقدت 5 نساء حياتهن في عام 2021 بسبب العنف المنزلي. ومن بين حالات العنف الاسري المبلّغ عنها، الجاني هو الشريك في 57% من الحالات، والأب في 14%، والاخ في 8%، والابن 6% في 57% من الحالات اتصلت الضحية بالخط الساخن بنفسها، بينما اتصل الجيران في 15% من الحالات.
علام يدل ذلك؟
تعددت الأسباب والفرضيات وقذارة الجرم هي ذاتها.
أولا: بنظر “الذكورية” النساء هنّ فعل ناقص، أي بمعنى آخر درجة ثانية وثالثة وربما درجة أخيرة، ونسوا ان المرأة هي نصف المجتمع وعليها تقوم المؤسسات الاجتماعية والرعائية والتثقيفية والتربوية.
ثانياً: الذكورية المطعّمة بالأنا، بطبيعة هذا النوع من القضايا علينا العودة الى الأساس، مجتمعاتنا الرجعية التي تحتكم للعادات والتقاليد وحتى الدين الذي هو في الغالب يطبق بطرق معكوسة. فنجد ان الطفل منذ نعومة اظفاره وقدومه الى الحياة الكلمة الفصل له، يقوم بالاعتداء على شقيقاته الأكبر سنّا بالضرب والسباب والاهانة دون نهره من قبل الاهل او وضع حد له والسبب ان هذا الطفل لديه “عضو ذكري” وليس لأنه الأكبر سنا!! وكم نجد الكثير من العائلات أبناؤها البكر اناثا الا ان سلطة الأخ الذكر هي المسيطر وهذا يعود في الأساس الى التربية والسلوك والتمايز المجتمعي ما بين هذا ذكر وتلك انثى. بعض الدراسات العلمية اثبتت ان المرأة لديها قدرات تفوق الرجل بأشواط على الصعيد العلمي والعملي وقيل: بين كل 100 رجل يوجد اثنان ذكيان وبين كل 100 امرأة تجد واحدة غبية. اذن المرأة هي ضحية مجتمع ذكوري.
ثالثاً: تغليف كل جرائم القتل التي وقعت والتي ما زالت تحدث بقوالب مجتمعية مزيفة ودينية لا وجود لها في الأديان السماوية لتتساوى بجرائم أخرى لتنصيل الفاعل من فعلته وتحت مسميات داجلة لا تمت للحقيقة بصلة.
المحامية هنزاد احمد التل متخصصة في القانون الدولي العام، ناشطة في حقوق الانسان خاصة المرأة والطفل تقول: بداية العنف ضد النساء لم يأت من فراغ. بل هو وليد تربية خاطئة وسلوكيات مكتسبة من البيئة والمجتمع لا يعالج الا بالتوعية ومعاقبة المجرمين.
ويأتي قتل النساء والفتيات نتيجة فهم خاطئ لبعض المفاهيم الدينية والتقاليد والعادات السائدة والتي تحتاج الى اعادة تأهيل حتى لا يحدث جرائم مماثلة مستقبلًا ويكون ذلك من خلال:
١-نشر الوعي والتثقيف في الاسرة والمجتمع.
٢-توفير الحماية التي تركز على الضحايا بما في ذلك توفير المأوى للنساء المعرضات للخطر.
٣-مكافحة الاعراف المؤذية والتمييز بين الجنسين الذي يؤجج هذا العنف مستقبلا.
٤-يجب توعية النساء والفتيات في حالة اي تهديد فورا بالذهاب الى الامن العام وتقديم شكوى بحق الشخص المهدد بالقتل.
٥-يجب على المشرع ان يغلظ العقوبة على جرائم القتل حتى تكون رادعة لمن تسوّل له نفسه بارتكابها.
ساميا محمد المولى محامية بالاستئناف منتسبة الى نقابة المحامين في بيروت منذ العام 2008 محاضرة ونائبة رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية في نقابة المحامين في بيروت تقول:
المادة 547 من قانون العقوبات تنص على فعل قتل الانسان دون تمييز ما إذا كان رجلا او امرأة وتتضمن تعريف مفهوم القتل ومتى يُعاقب الانسان عليه، فذكرت ان من قتل انسان قصداً عُوقِب بالأشغال الشاقة من 15 حتى 20 سنة، والقتل بالتعريف الفقهي هو ازهاق الروح.
في حين ان المادة 548 شددت العقوبة في حالات معينة بالأشغال الشاقة المؤبدة في حال القيام بفعل القتل لسبب تافه او للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة، كإقدام المجرم على التمثيل بالجثة بعد القتل وعلى حدث دون الـ 15 سنة او اذا ارتكب على شخصين او اكثر، هذه الحالات التي حددتهم إعادة لتكون العقوبات بالأشغال الشاقة المؤبدة لكن الأهم هو المادة 549 التي انزلت عقوبة الإعدام على القتل قصدا اذا ارتُكب ومن ضمنها القتل عمدا واصول المجرم او فروعه وهنا نجد ان القانون لم يميز بين المرأة والرجل مما يعني ان القانون واضح وصريح ولا يحمل في طياته التمايز بجنس مرتكب الجريمة.
اتى هذا القانون ومن ثم تعديله ليحمي النساء بطريقة متقدمة لكيلا تحدث هكذا جرائم، بحيث ان أي امرأة تستشعر الخطر على حياتها يمكنها ان تقصد أي ضابطة عدلية او مخفر درك وتطلب امر حماية وسيصار الى تأمين حمايتها عن طريق المحامي العام المختص. اما إذا أردنا الحديث عن فعل القتل تحديدا بحيث تم تعديل مادة قانونية لتأتي المادة الأولى من المادة الثالثة من قانون العنف الاسري في الفقرة الربعة فقالت: تضاف على المادة 547 والتي تتحدث عن القتل لتصبح على الشكل الآتي: من قتل قصدا عوقب بالأشغال الشاقة من 15 وحتى 20 سنة وهذا أصل المادة اضيف لها تكون العقوبة من 20 وحتى 25 سنة إذا ارتكب فعل القتل أحد الزوجين ومن هنا تم تشديد العقوبة.
ماذا تقول الأديان عن جرائم قتل النساء؟
الخوري انطوان أنطون من ابرشية صيدا المارونية يقول: “أتى المسيح وحرّر المرأة من النظرة الدونية التي كانت سائدة في أيامه وقبلها فثار رافضاً الظلم الشائع باسم الدين أو التقليد، وأعاد لها الاعتبار مقدّراً كرامتها وحقوقها ودورها في المجتمع تماما كما في بدايات الكنيسة حيث كانت الى جانب الرسل وعليه لا نجد في تعليم يسوع وتصرفاته أيّ شيء يعكس التفرقة بين المرأة والرجل، لا بل على العكس عاملها بكل احترام حتى انه دافع عن “المرأة الزانية” التي كانت تهمّ الشريعة برجمها قائلا:” من منكم بلا خطيئة فليرمها بأوّل حجر” (يوحنا 8:7) ودعاها الى الا تعود للخطيئة”
فللمرأة مكانة كبيرة لدى يسوع ويجب أن تكون لها المكانة نفسها في الكنيسة وهذا ما يؤكده البابا القديس يوحنّا بولس الثاني في رسالته الرسولية عن كرامة ” Mulieris dignitatem” المرأة. تدافع الكنيسة منطلقةً من تعاليم السيّد المسيح عن المرأة ومكانتها فلا تفرّقها عن الرجل من حيث كرامة الجنس البشري ككلَ وكل كلام يتناول الكنيسة ويخالف هذه الحقيقة هو تجنٍ وافتراء.
الشيخ القاضي عبد الرحمن شرقية يقول: “اليوم اتتني حالة مشابهة للقضية التي طرحتموها عليّ والواقع ان اشتداد العنف الاسري والتعدّي على المرأة وصولا الى قتلها امر مرفوض، ليس هناك شيء حفظ حق المرأة كما حفظه الله تعالى. فربنا خلق الرجل والمرأة وقال: “ليس الذكر كالأنثى” فللمرأة حقوق وواجبات والتزامات كما للرجل”.
كما ان علاقة المرأة بالرجل هي روحية قبل ان تكون جسدية، والزوج هو أقرب لها من أولادها وأهلها ومن الناس اجمعين، عندما تشعر المرأة والرجل على حد سواء بهذا الشعور عندئذ تكون العلاقة منتظمة ومنظّمة وهذا قانون ربّاني خلقه الله عزوجل واذا اردنا ان نطالب بحقوق المرأة يجب ان نطالب بحق التعليم والتثقيف والتوجيه واعتبار ان من يتعدى على النساء هو جاهل وليس بإنسان متعلم وفاقد للعلم والوعي والقيم والأخلاق، والمشكلة التي عندنا هي ان لدينا ازمة اخلاق وليس ازمة طعام وشراب وفاقد الشيء لا يعطيه فالرجل غير المؤدب لا يعرف الادب والرجل غير المنظم لا يعرف التنظيم وعلينا نحن ان ننظم ونوجّه ونعلّم ابناءنا وبناتنا.
ماذا تقول الدكتورة عبير شبارو مستشارة الرئيس سعد الحريري سابقا لشؤون المرأة والخبيرة في قضايا الجندرعن تطبيق القوانين: “القوانين وشرعة حقوق الانسان موجودة تبقى العبرة في تطبيقها وتنفيذها، وما زالت قضايا الإفلات من العقاب والاحكام المخففة والاعذار التي تعطى لمرتكبي الجرائم ولكل ما يتم ارتكابه من عنف بحق النساء، لا بل اكثر يتم إلقاء اللوم عليهن وتحميلهن الذنب بدم بارد لينجو الفاعل بفعلته وهذا ما يجعل العنف يتزايد. لذا يجب التشدد في تطبيق القوانين ومحاسبة الجاني على ما اقترفت يداه وعدم تطبيق هذه الاحكام يجعلنا نخاف مما يحدث في واقعنا. وعلى سبيل المثال المرأة المعنّفة التي تذهب الى بيت ذويها للاحتماء بهم يقومون بإعادتها الى بيت زوجها دون وضع حد لتسلط الزوج او إعطاء القضية أولوية لكيلا تتكرر. فهذا الزوج ينفذ ما تم فعله امامه من قبل اهله في الصغر، وعليه يجب كسر هذه الدورة او الـ CYCLE والتشدد في تطبيق القوانين والاحكام لينجو المجتمع والأطفال من كارثة قد ترتب علينا في المستقبل مصائب لا تحمد عقباها.”
جيهان اسعيد منسقة استراتيجية في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي من جمعية “ابعاد”: فيما يعود لجرائم قتل النساء فالأسباب معروفة وتعود للعقلية الذكورية والأفكار النمطية، والتي منذ الصغر نربي صغارنا وذكورنا عليها والتي تتجسد بإعطائهم السلطة على الآخر وخاصة السلطة على النساء، وبالتأكيد تعود للحقوق الضائعة التي ما زالت حتى اليوم تحمل التمايز بين المرأة والرجل وبعضها مجحف بحقوق النساء وغير عادل في المجتمعات العربية. والوصول الى درجة القتل مردُّه عدم قدرة الجاني السيطرة على ردّات فعله وعدم تقبّله للآخر وهنا نتحدث إذا صح التعبير عن “النرجسية” عند الطرف المعَنِّف.
تعددت الأسباب وجرم القتل واحد
القتل هو فعل جرمي يعاقب عليه القانون، والقوانين كافة تميّز ما بين القتل عمداً والقتل عن غير قصد، الا انه في الأحوال كافة فعل القتل يبقى واحدا وهو بمثابة التعدّي على حرية وحياة الآخر. وقاتل النساء ليس بمريض نفسي الا انه من الممكن ان يكون هناك اشخاص يعانون من امراض نفسية وذُهان معين يفضي بهم الامر لارتكاب جرائم قتل، انما المعنّف ليس بمريض.
منذ سنة 2019 ونحن نشهد ارتفاعاً بنسب العنف القائم على النوع الاجتماعي او العنف ضد النساء ومرد هذا الوضع هو لتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وعدم الشعور بالأمان وهذه القضايا هي بمثابة محرّك أساسي للأشخاص الذين لديهم استعداد لتطوير سلوكيات عنيفة وليس لديهم استعداد للتعامل مع هكذا ضغوطات وتحت تأثير عدم القدرة على التعامل مع التحديات اليومية ليكون التعبير عنها بسلوك عنيف، ومن هنا وجدنا ان الأسباب المؤدية الى العنف الاسري سببها ما شهدناه مؤخرا من الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية المتلاحقة اضف الى ذلك الغلاء الفاحش الذي اثر بشكل كبير على مجتمعنا وعلى قدرة الافراد بالتحكم في ردات افعالهم حتى وصل بهم الامر الى القتل او العنف الذي يتزايد.
الحقوق والحماية من واجبات الدولة
حماية الافراد بما فيهم اللاجئين والنازحين هو من واجبات الدولة ودورها احقاق الحق والمساواة وتقديم الرعاية الكاملة، للأسف الجمعيات هي من تلعب هذا الدور ان كان على صعيد التوعية والتثقيف والحماية واللجوء الى القانون ودعم النساء في تمكينهم قانونيا والاستفادة في الحصول على حق الحماية.
بعض الخطابات تغذي الفكر الذكوري
المؤكد ان العقلية الذكورية هي التي تعطي المفهوم السلطوي على الطرف الآخر أي على المرأة وبالتأكيد الخطابات الدينية المحافظة التي تغذي الفكر الذكوري والسلطوي عند المعنف ليصل به الامر الى ارتكاب جرم القتل ويضع حدا لحياة الآخر.
في لبنان الغاء المادة التي تتناول “جرائم الشرف”
بحسب الناطقة باسم جمعية ابعاد السيدة جيهان أسعيد فقد تم الغاء المادة التي تتناول “جرائم الشرف” وبعض القضاة يحللون قضايا قتل النساء ليتم وضعها تحت إطار ردة الفعل والشرف. الا ان القتل هو قتل، وجرائم قضايا الشرف هي مفهوم خاطئ وصورة نمطية عن تحكّم المعنّف بحياة الآخر ويجب ان نصل الى مكان نستخدم فيه كلمة جرائم الشرف في نهجنا وخطابنا عندما نتطرق الى مواضيع قتل النساء وقضايا العنف الاسري والعنف ضد النساء.
د. دانييلا القرعان باحثة وأكاديمية أردنية في الشؤون السياسية والقانونية والدولية تقول: فتحت قضية مقتل الطالبة الجامعية إيمان أرشيد الباب على مصراعيه حول حقوق المرأة والتحرش والعنف الأسري، وتحولت جريمة قتلها التي قد تحدث في أي مجتمع إلى قضية رأي عام أردني محلي، إضافة لخضوعها للاجتهادات والنقاشات من قبل فئات متنوعة من المجتمع الأردني والعربي لتزامن حدوث الجريمة مع حدوث جرائم شبيهة حصلت في دول عربية أخرى، الغرابة في هذه القضية كان طريقة قتل المغدورة من قبل شاب اقتحم الحرم الجامعي بمسدس وبسبب غموض ظروف وخلفية وملابسات هذه الجريمة البشعة، ومع انفتاح الناس على مواقع التواصل الاجتماعي تهافت الجميع للتأمل والتوقف النفسي والاجتماعي والتحليل الزائد عن حده مما حدا محكمة الجنايات على أن تحظر النشر بالقضية كون هذا النوع من التحليل والنقاش يضر بسير التحقيق وبسمعة عائلة المغدورة على وجه الخصوص.
ورغم صعوبة الحصول على احصائيات دقيقة لجرائم المرأة في المجتمع الأردني لكن الكل متفق أنها في تزايد، وقد زادت جائحة كورونا من حدة هذه الجرائم بسبب طول أيام الحظر الليلي والنهاري الذي قررته الدولة ضمن إجراءات المكافحة، ورغم أن هناك تقارير تتحدث بالأرقام عن اعتداءات بحق الأطفال على سبيل المثال، لكن تبقى أرقام العنف ضد المرأة مكتومة وغير معروفة باستثناء تلك التي تطلب فيها المساعدة الطبية أو النفسية أو الاجتماعية أو القانونية، ومع ذلك اشارت تقارير إلى أن ما مجموعه 700 حالة تلجأ إلى الشرطة سنوياً في العاصمة عمّان لوحدها، حيث تضطر معظم النساء المعنّفات إلى الصمت إزاء العنف الذي يتعرضن له وذلك بحكم العادات والتقاليد الصارمة.