يؤدي البلاستيك الذي يُقذف في قعر البحار والمحيطات الى تلوث البيئة البحرية. والاضرار التي يمكن ان تلحق بالإنسان جسيمة، لان اذى هذه النفايات البلاستيكية يؤثر على الحيتان والسلاحف، ويُفسد الأسماك التي تتغذى عليها. كما ان 99% من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزيئات البلاستيك جنبا الى جنب مع الغذاء.
معضلة العصر
يعتبر البلاستيك من أبرز ملوثات المحيطات والبحار، بحيث يتم التخلص منه بشكل عشوائي وغير صحيح، فتتحلل بعض انواعه الى جزيئات تعرف بـ «البلاستيك المتناثر» او «الميكروبلاستيك».
بالموازاة، حذرت الأمم المتحدة من ان كمية البلاستيك قد تفوق الأسماك في المحيطات بحلول 2050، ما لم يتوقف الناس عن استخدام او رمي كل ما هو «بلاستيكي» يستعمل لمرة واحدة مثل الاكياس والعبوات الطرية والصلبة.
وفي هذا السياق، افاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تقرير حديث «ان التلوث البلاستيكي ينتشر في شواطئ العالم ويثبت في قاع محيطاته، بل ويشق طريقه من خلال سلسلة الغذاء الى موائد الطعام».
بالمقابل، تعتبر المخلّفات غير القابلة للتحلل بشكل خاص Nonbiodegradable ، والتي لها القدرة على الاستقرار Persistent، قد تلتهمها الأسماك الكبيرة مما يؤدي الى اختناقها وموتها. وبعض شباك الصيد التي تهمل وتترك في البحر، تتعرض لها الطيور الخواضة فتنتهي فيها، او انها تعيق حركة الأسماك والكائنات البحرية الأخرى ما يدفع الى هلاكها».
دراسات وابحاث تحذّر
في سياق متصل، تناولت بعض الأبحاث العلمية المخلفات الصلبة على سواحل البحر، وتمثل نحو 50% من مجموع المواد الزائدة وغير المرغوبة على سواحل البحر. كما ويقدر عدد الطيور البحرية التي تنفق بسبب هذه النفايات بمليون طائر سنويا على المستوى العالمي، و100 ألف من الكائنات البحرية الفطرية.
ولفتت دراسة أجريت في الجزء الشرقي من قاع البحر الأبيض المتوسط «ان المهملات البلاستيكية تشكل أكثر من 63% من كوكبة القمامة الموجودة في باطن البحر، وهذا النوع من النفايات في ازدياد مضطرد نتيجة ارتفاع المواد المصنوعة من البلاستيك في الوقت الراهن، واستخدامه كبديل للكثير من المواد التقليدية التي كانت تستعمل سابقا في الصناعة والأدوات والمستلزمات المنزلية».
النفايات تستقر في الجهاز الهضمي
بالتوازي، خلصت دراسة أجريت على نوع واحد من السلاحف البحرية، وتعرف بالسلحفاة ذات الرأس الكبير وتعيش في الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط، على ان الجهاز الهضمي لعدد من السلاحف البالغ 43، طافح بالمخلفات البحرية الصلبة، كما ان 75% منها مواد بلاستيكية، والباقي خليط ما بين شباك الصيد واخشاب واوراق. وأشارت الدراسة الى علاقة مباشرة بين كمية المخلفات في الجهاز الهضمي لهذه السلاحف وحجمها، وأكدت على خطورة المخلفات البحرية على السلاحف بوجه خاص، والحياة الفطرية البحرية بشكل عام.
خطر محدق
على مقلب آخر، ان ابتلاع الأسماك لهذه القمامة يعرضها لخطر التهام «اللدائن» الموجودة في مجالها البيئي. ويعتقد الباحثون ان الأسماك تبلع المواد الاصطناعية بسبب الشبه الكيميائي بين هذه النفايات والغذاء الطبيعي، او نتيجة الخطأ في تمييزها، ما يؤدي الى تراكم هذه الجزيئات في الانسجة الداخلية للأسماك ويؤثر على صحتها.
التلوث ينتقل من السمك الى الانسان
ان تأثير فساد الجوّ والبيئة ومياه البحار الناتج عن مجمل الإفرازات الكيميائيّة والصناعية، ضار على الكائنات البحرية كما على الانسان ، ويعود ذلك الى تحلل هذه الجسيمات كيميائيا وفزيائيا من خلال اشعة الشمس، او من خلال أمواج البحار والمحيطات. وهذا الامر يؤثر سلبا على الحياة البحرية، وتنتقل هذه الاضرار الى الانسان عن طريق اكل اللحوم البحرية.
يتم نقل الملوثات من خلال البلاستيك المتناثر الذي يحمل مواد سامة وملوثة أخرى في سطحه، مثل: المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الزجاجات البلاستيكية واكياس النايلون. بالمحصّلة عندما تبتلع الأسماك هذه الجسيمات، يمكن لهذه الافرازات ان تنتقل الى انسجتها وبالتالي الى الانسان عندما يستهلكها، وهذا الامر قد يعرضه لمخاطر صحية ناتجة عن الاستروجين والمركبات ، التي يمكن ان تتكون في أطوار المادة وهي ثلاثة «الغاز، الماء او الصلب»، وجميعها مؤذية في حال تفككت على صحة الانسان.
على خطٍ موازٍ، لا يزال البحث قائما لتحديد التأثيرات الدقيقة لاستهلاك الأسماك الملوثة على صحة البشر. والجدير ذكره، ان هناك بعض الدراسات والأبحاث العلمية تشير الى ان المواد البلاستيكية المتناثرة قد يكون لها عواقب وخيمة على صحة الانسان، مثل: زيادة خطر الالتهابات والتأثيرات الهرمونية والمشاكل الهضمية، الى جانب الاضطرابات في الوظائف البيولوجية على صعيد البيئة والحيوانات التي تعيش فيها، لجهة صعوبة تحلل المواد البلاستيكية، اذ تحتاج من 100 الى ألف سنة حتى تتفكك.
المخاطر
تتمثل مهلكات المواد البلاستيكية على الانسان بزيادة احتمال الإصابة بالزهايمر، وبعض الامراض السرطانية، كما وتؤدي الى تراكم الدهون وتخزينها في الجسم، أضف الى زيادة مقاومة الانسولين وانخفاض مستوى الهرمونات الجنسية، وتؤثر على الجهاز التناسلي لدى الذكور والاناث على حد سواء، خاصة فيما يتعلق بجودة ونوعية المني.