في زمن التمديد القائم كحل لا بدّ منه في بعض المواقع الهامة، منها العسكرية والامنية والادارية، وبسبب الوضع الصعب الذي يعيشه لبنان واللبنانيون على الصعد كافة، والمشهد الامني المتدهور جنوباً والتهديدات “الاسرائيلية” اليومية بشن الحرب، تبدو الافق مسدودة امام اي تغيير إيجابي للبنان، من شأنه ان يفتح ثغرًا في الجدران المقفلة.
وسط كل هذا، شكّلت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي قبل ايام قليلة الى تعديل القانون الانتخابي مفاجأة كبرى، طرحت أسئلة حول توقيتها الصعب المطوّق بالتعقيدات. يذكر هنا انه قد سبق ان ترافق ذلك القانون بهذه الاجواء خلال دراسته وإقراره في حزيران من العام 2017 وسط الخلافات في الرأي، لانه اتى على قياس البعض ولمصلحتهم ولم يكن لمصلحة الشعب اللبناني، الى انّ تمّ اعتماده في الانتخابات النيابية في العامين 2018 و2022، لكن اليوم لم يعد يصلح للتطبيق كما قال برّي، الذي شدّد أيضاً على ان يكون لبنان دائرة واحدة مع النسيبة، وتنفيذ الالتزام بانتخاب ستة نواب للاغتراب، لم يتم بعد توزيعهم على الطوائف والقارّات.
هذه الدعوة سبق ان عُرضت للبحث في اللجان المشتركة ولم تمر، فكان جواب بعض النواب في ذلك الحين “لا يوجد قانون انتخاب مثالي وهو افضل الممكن اليوم”.
الى ذلك، جاءت مفاجأة عين التينة بالتزامن مع عدم اهتمام اللبنانيين بكل القوانيين، التي تصبّ في مصلحة النواب والسياسيين الباحثين عن مصالحهم الخاصة، والمتناسين مصالح الوطن، وفي الوقت الذي يبحث فيه اللبنانيون عن انفراجات تصب في خانة الاوضاع المعيشية اولاً، الامر الذي اعتبرته مصادر سياسية متابعة للاجواء الانتخابية في لبنان “أنه بعيد المنال، لانّ الطرح لن يصل الى اي مكان، والرئيس برّي يعلم ذلك مسبقاً، فالظروف في البلد لا تساعد، ولا يمكن ان تؤدي الى اي نتيجة ايجابية، بل الى المزيد من العرقلة”.
وتابعت المصادر المذكورة: “فكرة تعديله اليوم تطرح تساؤلات كثيرة، فلا رئيس للجمهورية ولا حكومة اصيلة، ولا توافق على الاطلاق بين مجموعات سياسية تغني على ليلاها فقط، ولم تتفق بعد على اقل المطلوب اي الحوار، فكيف ستتلاقى على موضوع تعديل القانون الانتخابي الذي استلزم وضعه وقتاً طويلاً، ولم يكن على مستوى طموحات الناخبين التواقين منذ ذلك الحين، الى تأمين لقمة عيشهم وطبابتهم وادويتهم وعدم موتهم على ابواب المستشفيات، وكل الباقي لم يعد له اي معنى، لان الامل فُقد بالنسبة اليهم”.
واكدت المصادر ان كل تلك الدعوات ولّت ظروفها، والامل اليوم في نفضة جديدة لكل الطقم السياسي، لكن هيهات من هذه الامنية، ما دام باتت كواليس ساحة النجمة تتحدث بصوت خافت عن تمديد يُحضّر للمجلس النيابي الحالي، لانّ الواقع المرير يفرض ذلك، والحجج عديدة وقد قدّمت على “طبق من ذهب” لكل أعضاء المجلس، حيث يخاف معظم قاطنيه من عملية رسوب تعيدهم الى بيوتهم، من دون النمرة الزرقاء وكل المعنويات والحوافز والى ما هنالك، لانّ القانون الانتخابي الاخير أوصل بعضهم من دون تعب الى الندوة البرلمانية، بسبب التقسيم الجغرافي للدوائر غير المبني على قاعدة علمية، بل على قاعدة طائفية تلحظ التوزيع الديموغرافي المذهبي، بهدف الحفاظ على خصوصية لبنان وتوازناته الطائفية والمناطقية، فاعتمد على نظام الاقتراع النسبي وقسّم لبنان الى 15 دائرة انتخابية كبرى، انقسمت بدورها الى دوائر صغرى، وبرز ضمن هذا القانون الصوت التفضيلي ضمن اللائحة الواحدة، بحيث يختار الناخب مرشحاً واحداً من اللائحة ويعطيه صوته التفضيلي، وهذا أطلق إشكالية لانّ ما اتخذ في هذا الاطار لم يكن عادلاً”.
في السياق، قال نائب في قوى “التغيير” إنّ كل ما يطرح في هذا الاطار هدفه إلهاء اللبنانيين، لانّ التحضيرات للتمديد المرتقب قائمة بقوة، لكن بعيداً عن الاعلام، وقال: “قريباً ستسمعون دعوات ونداءات من معظم النواب للتحضير للانتخابات النيابية في ايار 2026، وكأنّ الوضع طبيعي وصحي فيما عدم التوافق على اقل مسألة ظاهر في العلن، مما يعني انّ البحث في تعديل القانون الانتخابي غير وارد ، فلا انتخابات نيابية ولا من يحزنون، ومَن يقول انه ضد التمديد فهو يكذب على الشعب اللبناني، فالجميع خائف من الرسوب في المعركة، وما دام الحل موجودا فترقبوه قبل شهر ايار 2026”.
ورأى أنّ هذا الطرح اليوم أثار شكوك بعض المعارضين، وكأنه أراد نقل السجال من الرئاسة الى تعديل القانون الانتخابي، في حين انّ موقف المعارضة مجتمعة لم يصدر بعد باستثناء بعض المواقف الفردية، ومنها موقف عضو تكتل “الجمهورية القوية” النّائب جورج عقيص الذي اوضح فيه: ” اذا كان ثمّة من حاجة لتعديل قانون الانتخابات، فيقتضي تعديله بهدف إلغاء المقاعد الاغترابية الـ 6 نهائياً، وإقرار حق الاغتراب اللبناني في التصويت لـ 128 مقعداً، مشدّداً على عدم التمييز بين المقيم والمغترب، لانّ دستورنا أقرّ المساواة بين اللبنانيين في الحقوق والواجبات”.