قبل مغادرتك قصر بعبدا، الذي لم تكن متواجداً فيه طيلة ست سنوات، مقتطعة من تاريخ لبنان ومن عمر اللبنانيين، إلا كخيال ظل يحرّكه رئيس الظل، كان حريّ بك أن تمنح نفسك وساماً تستحقه بجدارة وكفاءة عاليّتين، تفوق قيمته ورمزيته أعلى درجات الأوسمة في العالم بأسره…
ولأنّه، مشهود لك بتواضعك وزهدك وترفّعك عن كلّ أشكال التبجّح والغرور والنرجسية، لم تمنح نفسك الوسام الذي تستحقه، فإنّ مبادئ الوفاء لمقامك الرفيع، هناك من قرّر منحك هذا الوسام المستحق…
إنّهم شهداء مجزرة ومحرقة بيروت…
نعم، ها هم شهداء تفجير بيروت ومرفئها الجهنمي المزلزل، الذين لم تمنحهم أوسمة، قد لملموا أشلاء أجسادهم الممزّقة والمتناثرة في كلّ أرجاء العاصمة، وشكّلوا منها وفقاً لدستور الإنسانية التي تفتقدها، «مجلس أوسمة» ليمنحوك وساماً لا مثيل له، ولا يستحقه غيرك.. إنّه «وسام الإجرام»، الذي يليق بك، لا لتعلّقه على صدرك، بل لتضعه وصمة عار على جبينك الملطخ بالدماء، لترافقك لعنة الوطن وشعبه العظيم إلى سكنك الجديد الفخم، يا صاحب الفخامة!!!
لا تتفاجأ، كيف للشهداء الموتى أن ينهضوا من قبورهم ويلملموا بقايا شتاتهم المبعثرة والضائعة بين الركام والدمار، ويستعيدوا أرواحهم التي هي في رقبتك، لأنّك كنت تعلم؟
اطمئن، إنهم ما زالوا أحياءً، ينتظرون الخمسة أيام، التي وعدت بكشف ملابسات جريمة العصر، قبل أن ترمي ملف الجريمة-المحرقة في بحر بيروت، لتتقاذف أمواجه الغاضبة الحقيقة إلى البعيد!!!
نعم، إنهم أحياء، يلعنون المجرمين، الذين لم يوقظ تفجير بيروت ضمائرهم الغائبة. ولعنتهم ستلاحق القتلى في الدنيا والآخرة، وستطاردهم حتى قبورهم، وما بعدها!!!
يا صاحب تاريخ الهروب من المسؤولية:
لن تتمكّن هذه المرة الهروب من محكمة التاريخ والعدالة الإلهية!!! لأنّ من يثق ببراءته، يُخضع نفسه للمساءلة، ويضعها بتصرّف القضاء، أما من هو مقتنع بأنّ «إبراءه مستحيل»، يتلطّى بالدستور، للتستّر على الجريمة، يوم أيقظوه من نومه ليخبروه بإنفجار العنبر رقم (١٢)، فاطمأن، وأكمل سباته العميق فرحاً بجهنم التي وعد بها!!!
التاريخ سيشهد على قوة عهدك، بأنّه كان عهدَ مجرم قاتل لشعبه، ومدمر لعاصمة الجمهورية التي ترأسها، بعدما جعلت من مرفأ بيروت، قاعدة «ترانزيت» عسكرية لفيلق القدس، حتى يختزن نيترات الإبادة، فإذا به يتحوّل بعد تفجيره مقبرة جماعية للضحايا!!!
أيها المنتشي والمزهو فرحاً باحتفالات بقايا أتباعك بانتهاء عهدك الأسود، عهد القتل والإبادة تفجيراً وتجويعاً، عهد الأمونيوم, ألا تعلم أنت وأتباعك أنكم باحتفالاتكم المعيبة من دون أيّ خجل وطني، تعيدون تفجير بيروت ومرفئها وتدمّرون مناطقها وأحياءها وترمدونها، وتعيدون قتل الضحايا مجدداً، من خلال رقصات الموت التي تؤدّونها، لتزدادوا قتلاً وإجراماً؟!
حقاً فخامتك.. تستحق من شهداء تفجير المرفأ، وسام الإجرام!!!