تحت عنوان «قنبلة بيروت الثانية»، نشرت شبكة «ntv» الإخبارية الألمانية تقريراً جاء فيه أن شركة ألمانية تساعد في منع كارثة ثانية في مرفأ بيروت، ربما بالقدر التدميري نفسه لكارثة 4 آب.
ويقول التقرير إنّه خلال أعمال الأمن والتنظيف بعد الدمار الشديد من كارثة المرفأ، وجد العمال في الميناء 52 حاوية تحتوي على مواد متعفنة جزئياً وتمثل أكثر من 1000 طن من المواد الكيميائية. يقول هيكو فيلدرهوف، المدير الإداري لشركة Combi Lift، التي كلّفت بالتخلص من المواد الكيميائية التي تمّ العثور عليها في المرفأ بعد الانفجار: «يجب أن نقول الأمر كما هو: ما وجدناه هنا كان قنبلة بيروت ثانية. لم أر شيئاً مثله من قبل».
وتنقل الشبكة الإخبارية أنّه حتى بعد الانفجار يجري تخزين مواد خطرة في مرفأ بيروت. يقول فيلدرهوف: «بشكل عام، لدينا الآن أسطول كبير من السفن، ونحن واحدة من ثلاث شركات في جميع أنحاء العالم تقوم بمثل هذه الوظائف». وستقوم الشركة نيابة عن مجموعة Assouad اللبنانية وهيئة ميناء بيروت بفحص 52 حاوية وإعداد تحليل للبضائع الخطرة واستراتيجية التخلص منها.
ويقول فيلدرهوف الذي سافر إلى بيروت بعد أيام قليلة من الكارثة: «إننا نتعامل مع الكوارث البحرية في جميع أنحاء العالم، ولكنني لم أر أي شيء من هذا القبيل من قبل. وهذا يذكّرني بما أخبرني به والداي عن الحرب العالمية الثانية».
المشكلة أن لا أحد يريد أن يعرف تفاصيل عن الـ52 حاوية؛ لا الجمارك ولا سلطات الموانئ ولا الأجهزة الأمنية. إضافة إلى ذلك، لا توجد مستندات أو أي بيانات عن التسليم، وبالكاد توجد أي معلومات عن الكمية أو المحتوى، ولا حتى توجد معلومات عن المالك.
وقد ورد في التقرير ما حرفيته: «في بلد تحكم فيه النخب السياسية الفاسدة والعشائر الدينية الجشعة وتتصرف كما يحلو لها، في بلد على شفا الهاوية الاقتصادية وندرة الوظائف للغاية، قبلت الشركة التي تتخذ من بريمن مقراً لها الطلب الذي تبلغ قيمته نحو 3.5 ملايين يورو.
يقول فيلدرهوف: «كان علينا أولاً أن ننشئ مختبراً حقيقياً لكي نتمكن من تحليل المواد المجهولة». ويشارك أيضاً المهندس البيئي مايكل فينتلر، المدير العام لشركة هوبنر للاستشارات البيئية، قائلاً: «لم أر شيئاً من هذا القبيل. لقد وجدنا حمض الفورميك، وحمض الهيدروكلوريك، وحمض الهيدروفلوريك، والأسيتون، وبروميد الميثيل، وحمض الكبريتيك، وحمض فوق أوكسي خليك، وهيدروكسيد الصوديوم، وغليسيرينات مختلفة، وما إلى ذلك».
ويضيف قائلاً: «يجب تدريب الموظفين على التعامل مع المواد الشديدة الانفجار. كان علينا أن نعلمهم كيفية وضع بدلة واقية بشكل صحيح وكيفية خلعها مرة أخرى. لا أحد هنا يعرف ذلك». من جهته، يقول فيلدرهوف: «حتى في ألمانيا ، هناك ثلاث شركات فقط تستطيع التعامل مع هذه المواد».
بصرف النظر عن ذلك، قامت Combi Lift بتحليل ونقل وتغليف وفهرسة جميع المواد الخطرة في بداية شهر شباط. الآن تتجه السفينة إلى Wilhelmshaven.
بالنسبة إلى الكابتن السابق فيلدرهوف، فإن مغامرة بيروت لم تنته بعد. ففي نهاية المطاف، لا تزال هناك خمس سفن مدمرة في الميناء يتعين التخلص منها. سوف تقوم Combi Lift بالمهمّة. عمل صعب. لكن ليس بخطورة نزع فتيل القنبلة الثانية في بيروت.
التقرير الألماني سبقه تحقيق نشرته «الأخبار» بتاريخ ١٩ تشرين الثاني 2020، تحت عنوان: («نصْبة» في المرفأ بمليونَي دولار! نقل «موادّ خطرة» من المرفأ: 2 مليون دولار ثمناً للذعر والإهمال!)، يكشف عن تكليف شركة ألمانية نفسها بنفسها بالتخلص من 49 مستوعباً، مصنّفة خطرة، من دون الاستحصال على أي ترخيص من أي دولة أوروبية، حيث تمت صياغة قيمة العقد وبنوده بتوقيع من إدارة المرفأ بواسطة اتفاقية بالتراضي! وكشفت «الأخبار» أن ثمن «الذعر» والإهمال الوظيفي 2 مليون دولار، ومليون و600 ألف دولار إضافية ستُحسم من المنح والهبات الأوروبية التي لم تصل بعد إلى لبنان! فهل يأتي التقرير الألماني ليُبرر سبب التعاقد مع الشركة الألمانية ليُظهرها بمظهر المنقذ الذي حمى لبنان من قنبلة ثانية وانفجار كارثي آخر؟