يستعد حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري لعقد مؤتمر صحافي غداً الجمعة، في إطلالة وُصفت بأنها ستكون «جردة حساب» شهرية، نتيجة التزامه بعنوان الشفافية الذي أطلقه ونواب الحاكم في المؤتمر الصحافي الاول الذي عُقد بعد انتهاء ولاية حاكم المصرف السابق رياض سلامة. وعُلم أنّ منصوري سيفصّل في مشهدية النقد، خصوصاً بعد اعلانه عن موجودات المصرف المركزي في بيان اصدره الاسبوع الماضي. وبما انه سيستند الى وقائع ابرزها الاستقرار النقدي القائم حالياً، هل سيشرح اسباب هذا الاستقرار؟
تتحدث مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» عن أن منصوري يرصد ويتابع سوق النقد بنحو متواصل منذ تسلّمه مهماته، فيتدخّل المصرف المركزي في السوق عند الحاجة لضبط سعر الصرف، من دون تكبّد اي خسائر مالية، وكذلك من حاجة الى أكلاف منصّة صيرفة، او المس بأموال الاحتياطي.
لكن ستحلّ نهاية الشهر الجاري، بعد ايام معدودة، فماذا عن رواتب موظفي القطاع العام؟ وهل ستُدفع بالليرة ام بالدولار؟
تؤكد كل المؤشرات أنّ دفع هذه الرواتب بالعملة الوطنية دونه آثار سلبية هي:
ـ اولاً، ان صرف الرواتب لموظفي القطاع العام بالليرة اللبنانية والبالغة 7000 مليار ليرة شهرياً، سيؤدي الى ضرب الاستقرار النقدي السائد حالياً، لأن الموظفين سيعمدون الى شراء الدولار لأسباب عدة، ابرزها دفوعات تتوجّب عليهم بالعملة الصعبة، ما يعني ضخ مبالغ كبيرة من الليرة في السوق، مقابل طلب على الدولار، فتهتز اسعار الصرف على حساب العملة الوطنية، ويرفع التجّار من اسعار السلع، فتتسبّب هذه العملية في ضرب التوازن السائد نسبياً.
- ثانياً، ان تأثر سعر الصرف، او قيام الموظفين بتحويل رواتبهم من الليرة الى الدولار عبر شرائه من السوق السوداء، سيؤدي الى فقدان قيمة تلك الرواتب، لتزداد مآسي موظفي القطاع العام الذين يعانون من قلة الايرادات التي يتقاضونها اساساً.
- ثالثاً، ان الإرباك الذي ستولّده عمليات صرف العملات، سيدفع البلاد مجدّداً الى الدخول في الدوامة السابقة، فيزداد تراجع العجلة الوظيفية، ويظهر الخلل في ادارات الدولة التي بالكاد تشهد نشاطاً نسبياً لتسيير امور المواطنين.
وعليه، فإن دفع الرواتب بالليرة اللبنانية للعاملين في القطاع العام سيؤدي الى زيادة عوامل القلق، لكن دفعها بالدولار الى جانب تأمين حاجات المؤسسات العسكرية والامنية بالعملة الصعبة ايضاً، سيُعتبر خطوة نوعية، تُضاف الى سجل حاكم مصرف لبنان بالإنابة، لأنها ستكون سابقة من نوعها لم تحصل من دون اكلاف ولا مس بالاحتياطي من العملات الصعبة، منذ ثلاثين عاما مضت.
وعلمت «الجمهورية» ان منصوري الذي التقى قيادات المؤسسات العسكرية والامنية في الايام الماضية سمعَ منهم مطالبهم المالية، وهو سيعمل على تأمينها، لأنها تحتل احدى اولويات نشاطه، ما يؤكد انّ الجيش والقوى الامنية سيكونان في منأى من تأثير الازمة المالية شهرياً.