يستمر الشغور في رئاسة الجمهورية طالما لم يحصل تطور داخلي في اطار تسوية رئاسية كما جرى في العام 2016 مع انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وهو كان مرشح “حزب الله” الذي لم يتخل عنه حتى لحليفه رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية وتعطل انتخاب رئيس للجمهورية نحو عامين ونصف العام وهو قد يتكرر في هذا الاستحقاق حتى تتم التسوية، داخلية كانت ام خارجية ويلعب العامل الخارجي الدور الاكبر في صناعة رئيس الجمهورية منذ العام 1943 وما زال مع الاستحقاق الرئاسي الحالي.
وتحريك الملف الرئاسي كان منتظرا مع مطلع العام الحالي لكن لم تظهر حتى الان اية محاولات في اتجاه اخراجه من الجمود سوى ما يتسرب من معلومات عن معاودة “اللجنة الخماسية” المكونة من اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر حراكها، لكن لا يبدو من الاتصالات ان اجتماعا سيعقده اعضاؤها بعد ثلاثة اجتماعات لها في اوقات متباعدة، لكن المعلومات المستقاة من مصادر سياسية محلية واخرى ديبلوماسية عربية واجنبية من ان اتصالات قد تجرى بين اعضاء اللجنة بشكل ثنائي او عبر سفراء هذه الدول في لبنان او زيارات يقوم بها موفدون من هذه الدول الى لبنان كما في الزيارة الاخيرة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف – لودريان.
فالاهتمام الداخلي والاقليمي والدولي يتركز على الحرب التدميرية الاسرائيلية المستمرة على غزة منذ اكثر من ثلاثة اشهر والارتدادات التي سببتها في ساحات المقاومة التي تحركت لمساندة المقاومة الفلسطينية في غزة بتخفيف الضغط العسكري عن سكان غزة التي دمرت منازلهم ومؤسساتهم بنسبة 80% وقتل نحو اكثر من 30 الف طفل وامرأة ومسن في ابادة جماعية حيث اشتعلت جبهة في الجنوب بين “حزب الله” والعدو الاسرائيلي كما وتحركت اليمن في اقفال باب المندب على السفن المتجهة الى اسرائيل وتحول الصراع الى اميركي – يمني عند البحر الاحمر في وقت كان الحشد الشعبي يقصف مواقع اميركية في العراق وسوريا كما شاركت ايران في الحرب عبر استهداف مركز للمخابرات الاسرائيلية في اربيل ومواقع “لجيش العدل” في باكستان عند الحدود مع ايران مما اعطى للحرب بعدا اقليميا ودوليا مع تزايد المشاركين فيها وقد تدفع التطورات العسكرية وتدخلات دول فيها الى ان تصبح حربا عالمية جديدة.
فالميدان العسكري هو الذي يجري الحديث عنه مع توسعه ولو بحدود مضبوطة وهو مفتوح على كل الاحتمالات وهذا ما يترك المسائل الداخلية اللبنانية معلقة على وقع ما ستسفر عنه الحرب من نتائج عسكرية بين المحورين المتصارعين في “الشرق الاوسط” وهما الاول “محور المقاومة” بقيادة ايران والمحور الثاني اميركي – اسرائيلي حيث لا يفرق من هم في “محور المقاومة” بين اميركا واسرائيل ويعتبرون بانهما جسد واحد لا بل يذهب عداءهم لاميركا اكثر لانها هي مسببة الحروب والازمات وفق ما يؤكد مصدر في “محور المقاومة” الذي يرى ان الفرصة مناسبة جدا للتخلص من الهيمنة والغطرسة الاميركية والتصدي للمشاريع الاميركية التي تدفع شعوب المنطقة الثمن بسببها منذ عقود وكان اخرها “الشرق الاوسط الكبير” الذي كان من احد اسباب الحرب على لبنان صيف 2006 وقبلها حروب واعتداءات سابقة ومنها الغزو الصهيوني للبنان صيف 1982 ليلتحق باتفاقات السلام مع اسرائيل.وما يحكى عن مقايضة ما ستحصل في لبنان على رئاسة الجمهورية بوقف “حزب الله” المواجهة العسكرية في الجنوب ويحصل على تأييد مرشحه للرئاسة سليمان فرنجية فان مثل هذا الطرح اولا غير مقبول ثم لم يعرض على “حزب الله” او حلفائه لان لا رابط بينهما ابدا فالجبهة في الجنوب تحركت عسكريا بسبب العدوان الاسرائيلي على غزة فعندما يتوقف تلقائيا ستهدأ جبهة الجنوب كما باقي العمليات العسكرية في ساحات المقاومة التي توحدت ضد العدو الاسرائيلي.
ونتائج الميدان العسكري سيكون لها انعكاس على الكثير من الملفات في المنطقة او الحلول السياسية ومنها حل الدولتين للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني والذي ما زالت تطرحه الادارة الاميركية لكن آلياته واهدافه ليست ظاهرة بعد تجربة “اتفاق اوسلو” وان حجم الدمار والقتل والتهجير الذي تسببت به حرب الابادة الجماعية على غزة لن يكون الحل وفق المصالح الاسرائيلية لا سيما مع صمود المقاومة في غزة واستمرارها ولن يكون الحل الا لصالح الشعب الفلسطيني.
ورئيس الجمهورية في لبنان سيأتي وفقا للمشروع الذي سيربح ولن تكون تسوية على مرشح رئاسي لا ينتمي الى خط المقاومة لان زمن الهزائم ولى وفق ما يؤكد المصدر واننا في زمن الانتصارات منذ التحرير عام 2000 ولن تتكرر تسوية “اتفاق الدوحة” التي اتت برئيس جمهورية هو قائد الجيش ميشال سليمان الذي تقدم مقاوما او حليفا للمقاومة وفق مقولة “جيش وشعب مقاومة” ليخرج بعد ثلاث سنوات من انتخابه مع بدء الاحداث في سوريا مطلع عام 2011 ليتحدث عن الخطاب الخشبي وان النظام في سوريا سيسقط وراهن على محور اخر حيث لم يعد هذا النموذج مقبولا عند خط المقاومة.