عمر حبنجر – الأنباء الكويتية
أزمة الرئاسة اللبنانية مازالت تتخبط وسط أفق داخلي مسدود أو خارجي له اهتماماته الاستثنائية المستجدة، فـ ««حزب الله» على موقفه: سليمان فرنجية أو لا أحد. ومعارضة، على تعارضاتها، بين رافض لخيار فرنجية وغير مرشح لسواه، ويأتي طرح تعيين خلف لحاكم البنك المركزي رياض سلامة قبل نهاية ولايته في يوليو المقبل، ليغطي على ما كشف عنه رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع حول الأبعاد الاقتصادية لمواقف فرنسا الرئاسية تحت مظلة التناغم مع «حزب الله»، وبالتالي تحويل الأنظار عن الفشل في إخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق زجاجة الممانعة.
المصادر المتابعة عبرت عن انزعاج بالغ من محاولة دفع موضوع حاكمية مصرف لبنان الى مقدمة سلم الاهتمامات اللبنانية الملحة، بينما الإجماع اللبناني قاطع على أولوية الاستحقاق الرئاسي، ويمتد الاستغراب ليشمل تصريحا لأحد نواب «القوات اللبنانية» أنطوان حبشي الذي قال ان نواب «القوات» لن ينتخبوا سليمان فرنجية، حتى لو ضغطت عليهم جهة معينة في هذا الاتجاه أو ذاك.
ومن موضوع الحاكم المركزي إلى مسألة الدولار الذي يتوقع تحركه صعودا من جديد، تغطية للمليارات من الليرات التي قررتها الحكومة كزيادات لرواتب القطاع العام المثقل بآلاف الموظفين لاعتبارات سياسية.
وكان رئيس «القوات اللبنانية» جعجع أشار، في إطلالته التلفزيونية، مساء أول من امس، عبر قناة «الجديد»، الى عدم وجود انفراج قريب في الملف الرئاسي، وقال ان «حزب الله» يطرح معادلة واضحة وهي إما مرشحه او الفراغ، كما تطرق إلى وجود صفقة اقتصادية بين فرنسا والحزب تتناول النفط والغاز، مستغربا ربط اسم فرنسا بـ «حزب الله»! «مش هيك فرنسا» إنهم يدعمون مرشحا 70 او 80% من اللبنانيين يرفضونه. وأضاف: «نحن اليوم في قعر جهنم بدنا نعمل كل شيء لنخرج من هذا القعر ولسنا مستعدين للذهاب مع مرشح يبقينا في قعر جهنم». وجزم جعجع بأنه ليس ممكنا خلاص البلد، اذا لم يأت رئيس جمهورية جدي هذه المرة، وطالما «حزب الله» حاطط يده ما تعذب قلبك».
كلام جعجع تضمن، أيضا، الرد على تصريحات لرئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» السيد هاشم صفي الدين وعلى نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، حيث تحدى فريق الممانعة بأن يعقد جلسة انتحاب لمجلس النواب وانتخاب فرنجية، مشيرا إلى أن أطراف المعارضة في تشاور دائم «ولسنا مستعدين الى الذهاب الى مرشح يبقينا في الوضع الذي نحن فيه».
لكن ما لم يقله صفي الدين صراحة قاله نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، في تغريدة تويترية، وفيها: البلد أمام مرشحين اثنين مرشح جدي هو سليمان فرنجية، وآخر هو الفراغ، فلنحسم خيارنا اليوم، وعدم إضاعة الوقت لتحقيق النتيجة نفسها بعد طول انتظار.
وقد رد النائب فادي كرم، عضو تكتل الجمهورية القوية، على الشيخ قاسم بالقول: له بلده وقناعاته، ولنا بلدنا وقناعاتنا.
وسيكون هناك كلام في الرئاسة للمرشح فرنجية، غدا الأربعاء، عبر قناة «الجديد»، حيث يفترض أن يرد على رئيس «حزب القوات اللبنانية» د.سمير جعجع الذي ضيق فسحة أمله برئاسة الجمهورية.
فرنجية الذي كان يحاول قراءة الحراك الفرنسي، والتقارب السعودي – الإيراني والسعودي – السوري لمصلحته يبقى مسكونا بهواجس قد تحجب عنه طريق بعبدا، كما ترى إذاعة «صوت لبنان» الكتائبية، ومنها هاجس عدد النواب المعارضين لانتخابه، الذي مازال اكبر بكثير من عدد النواب المؤيدين له، وهذا ما يجعل انتخابه يعاني القصور عن بلوغ 65 صوتا، المؤهلة لانتخابه اذ ان النواب المؤيدين له هم نواب كتلته الأربعة ونواب «حزب الله» و«أمل» والنواب السنة الخمسة المتحالفين مع «الثنائي»، ما مجموعه 35 نائبا، يضاف إلى هؤلاء نواب «حزب الطشناق» الثلاثة، ونائبا جمعية «الأحباش»، و5 نواب كحد أقصى من المستقلين، او المنضوين الى التكتلات كالنائب إلياس بوصعب ما يجعل مجموع الأصوات المضمونة لفرنجية 48 صوتا.
يضاف إلى ذلك حجم النواب المعارضين لفرنجية الموزعين على كتل نواب «القوات اللبنانية» و«التيار الحر» و«حزب الكتائب» و«اللقاء الديموقراطي» و«تجدد» والمستقلين والتغيريين، والنواب السنة الملتزمين بالموقف العربي، (80 نائبا) علما ان بينهم، كنواب اللقاء الديموقراطي، الذين قد يحضرون الجلسة، لكنهم لن يقترعوا.
وأخيرا، هناك هاجس الموقف الفرنسي الغامض والمتردد، وهل هو بسبب التشدد المسيحي المعارض لانتخاب فرنجية ام لاعتبارات أخرى؟
بيد ان تشتت المعارضة يقلل من أهمية حجمها العددي، ومن هنا تعالت الأصوات، وتحركت المبادرات للتوافق حول اسم واحد تخوض به المعارضة غمار الرئاسة، وهنا يقول النائب غسان سكاف، العائد من زيارة إلى واشنطن، ضمن وفد من النواب اللبنانيين، انه بصدد إطلاق مبادرة بحثا عن مخرج بإبقاء مرشحين متواجهين للرئاسة.
وعن مباحثات النواب في واشنطن، قال النائب سكاف: لقد كرر الأميركيون القول «ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم، ونحن مستعدون، انما نحن لا نستطيع تحمل مسؤولية فرض رئيس عليكم للست سنوات المقبلة، وقالوا، ايضا، عليكم إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل ان تنزلقوا الى مخاطر جديدة، وان انتخاب رئيس سيكون بمنزلة بطاقة دخول الى الانتظام العام.
إلى الشأن الرئاسي، تقدمت الى واجهة الاهتمامات السياسية قضية النزوح السوري من زاوية ترحيل السلطات الأمنية اللبنانية عشرات النازحين خلال الأسبوعين الماضيين، وإعادتهم إلى بلدهم، بعد دخولهم الى لبنان بطريقة غير شرعية، او ارتكابهم أعمالا مخلة بالقانون.