المقايضة بين فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وفك الحجز عن اجتماعات مجلس الوزراء، تراجع اندفاعها عند منعطف حزب الله، الذي مازال يصر على شرطه المتعلق بإبعاد المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف تفجير مرفأ بيروت.
وعليه فإن التوافق الثلاثي الذي تم بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، حول فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، بقي ثنائيا بين عون وميقاتي حول دعوة مجلس الوزراء للاجتماع بعدما تحفظ حزب الله، متمسكا بشروطه الأساسية، وهي اخراج القاضي البيطار من حلبة التحقيق.
المصادر المتابعة، تحدثت عن مساع على مستوى الرؤساء الثلاثة لإقناع الرئيس بري بإقناع حزب الله بتمرير جلسة لمجلس الوزراء يغيب عنها وزراء الثنائي باستثناء وزير المال يوسف الخليل، لإحالة الموازنة العامة الى مجلس النواب، وإقرار العديد من القرارات المالية الطابع.
لكن الانطباعات التي ولدتها حملة بعض نواب الحزب على رئيس الحكومة مباشرة، لا تشجع على الاعتقاد بموافقة الحزب على هذا «المخرج»، وهنا يطرح السؤال نفسه، هل بات بوسع الرئيس ميقاتي، التخلي عن رفضه دعوة مجلس الوزراء للاجتماع بغياب وزراء حزب الله وأمل، متجاوبا مع الرئيس عون الذي طرح عقد مجلس الوزراء بمن حضر؟
النائب الطرابلسي السابق مصباح الأحدب غرد متوجها الى الرئيس ميقاتي بقوله: لم يعد مقبولا وقوف رئيس الحكومة، موقف المتفرج بانتظار اذن من معطلي البلد ليدعو مجلس الوزراء الى الاجتماع والبحث عما يوقف انهيار البلد، وخلص الى القول لميقاتي: اذا كنت غير قادر على ممارسة صلاحياتك كرئيس لمجلس الوزراء، استقل.
والراهن ان أي مخرج من هذه الأزمة، يتوقف على مدى قدرة الرئيس بري في اقناع الحزب الحليف بتسهيل الأمور، خصوصا بعد الخطوات الإيجابية، من جانب رئيس الجمهورية، سواء بالنسبة لفتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي، او لتوقيعه 16 قانونا اقرها المجلس في جلسته الأخيرة، وهو ما كان طالب به بري، الذي وعد بموافقة وزير المال على ترقيات دورة ضباط 1994 (دورة عون) على ان يلاقيه الرئيس عون، بالافراج عن مراسيم الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، ومرسوم مأموري الاحراج الموجود في ادراج رئاسة الجمهورية منذ وصول عون اليها.
وسيكون على مجلس النواب، تجديد قانون رفع السرية المصرفية عن حسابات موظفي القطاع العام، لسنة إضافية، تجاوبا مع مطلب الرئيس عون لاستمرار التدقيق الجنائي.
ويبدو ان الأطراف الثلاثة توافقوا على تأجيل قضية القاضي البيطار الى وقت لاحق. على ان يستمر وزراء الثنائي الشيعي، عدا وزير المال، في مقاطعة جلسة إقرار الموازنة العامة، لتأكيد استمرارية ربط النزاع القائم، بين استئناف اعمال مجلس الوزراء، وبين سحب ملف المرفأ من القاضي البيطار وسط معطيات توحي باستحالة اصدار قراره الاتهامي، كي تصبح الأمور في عهدة المجلس العدلي، الذي يفصل عندها في الاتهامات وبالصلاحيات.
ولهذا ثمة أمر آخر، كما تقول صحيفة «نداء الوطن» هو سلة تعيينات يريدها الرئيس عون قبل الانتخابات، على أمل ان تعزز هذه التعينات الموقف الانتخابي لجبران باسيل.
كل هذه الخطوات تتطلب اجتماع مجلس الوزراء، بعد اقناع حزب الله بضرورة ذلك، فيما المصادر تنقل استياء الحزب من اعلان ميقاتي ما أعلنه من القصر الجمهوري دون ان يكلف نفسه عناء الاتصال به ووضعه في أجواء قراره. لأنه «يريد من خلال دعوة مجلس الوزراء للاجتماع ان يحمل الحزب مسؤولية التعطيل ووقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي المصر على إقرار الموازنة قبل توقيع أي اتفاق».
من جهته، رئيس الحكومة تساءل عن البديل من اجتماع مجلس الوزراء، فيما الدولار يحلق دون رادع، والصناديق الدولية ترفض التفاوض مع بلد ليست لديه موازنة.
ويبدو ان ميقاتي خرج من لقاء عون في بعبدا ليعلن استعداده لدعوة مجلس الوزراء فور تلقيه مشروع الموازنة، من وزير المال، ما أزعج بري ايضا.
المشهد السياسي كما تراه المعارضة اللبنانية المنبثقة من ثورة 17 تشرين، لعبة توزيع أدوار قبل الانتخابات، لشد العصبيات، وآخر الفصول تقاذف المسؤوليات والاتهامات بين التيار الحر وحركة امل، ورأت في دعوة عون للحوار متأخرة ومبتورة، وأكدت على المواجهة الشرسة مع منظومة «السلاح والفساد».
من جهتها، النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان غردت امس تقول: «صفقة تعيينات بين الرؤساء الثلاثة الأعداء، في الأفق، بعضها امني وقضائي، وبعضها مدني، مقايضة مافياوية تحت غطاء إقرار الموازنة الضرورية للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في عز عرض مسرحية الخلافات، تعج الكواليس بالمحاصصة وصرف النفوذ».