القرار الذي اتخذه وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل القاضي بدفع نصف الرسوم الجمركية على السلع المستوردة نقدا وبالليرة اللبنانية كان موضع اخذ ورد بين مختلف القطاعات الاقتصادية خصوصا قطاع التجزئة والسوبرماركت التي اعلنت انها سوف تضطر لوقف قبول البطاقات المصرفية في حال تطبيقه وفي هذا الصدد يقول رئيس نقابة اصحاب السوبرماركت الدكتور نبيل فهد انه في آخر إتصال مع وزير الماليه وعدنا بأنه لن يبدأ تطبيق القرار في 17/1/2023 لإجراء المزيد من الدراسة وسيجتمع لهذه الغايه مع الهيئات الإقتصادية للبحث في الأمر والوقوف على رأيها.
لقد سبق واصدرت نقابة السوبرماركت في لبنان تحذيرا بهذا الخصوص إذ لمست عدم التجاوب مع النتائج السلبيه المترتبه عن القرار وهي نتائج غير مباشره علينا بل على المواطن الذي سيدفع ثمنها .لقد قال لنا الموردون الذين يزودوننا بالبضاعة المحليه الى جانب المستوردين بانه اذا دخل هذا القرار حيز التنفيذ سيوقفون قبول الشيكات او التحاويل ويضيف : عندما تأتينا فاتوره فنحن ندفع 10 او 15 او 20% منها بالشيك او الحوالة وندفع القيمه الباقيه نقدا وبهذه الطريقه نكون قد حققنا نوعا من التوازن بين ما يدخل ويخرج من مال . ان هذا التوازن دقيق جدا فإذا الشركات المورده لن تقبل الشيكات من السوبرماركت فهي ستضطر لاستيفاء كل المبالغ من الزبائن نقدا أو أن تضع رسما إضافيا على كارت الدفع بمعدل 20% او أكثر مما سيزيد حجم الهيركات على الودائع وسيزيد بالتالي عرض الشيكات بمعدل أعلى من الطلب وتصبح الأموال كلها محجوزه في المصارف.
ويعتبر فهد ان مشكلة عدم التسعير بالدولار التي تواجهنا في ذلك هي قانون حماية المستهلك لأن المادة الخامسة منه تقول بوجوب التسعير بالليرة وكذلك الدفع .لقد عقدنا عدة اجتماعات بهذا الخصوص مع وزير الإقتصاد ولجنة الاقتصاد النيابية فالكل يرى أن التسعير بالدولار أفضل للناس بحيث تصبح لدينا مرجعيه واضحة بالسعر.مما يفعل المنافسة بين المتاجر ويمنح المزيد من القدره على اعلان واضح للأسعار وليس كما هو حاصل حاليا إذ تتغير الأسعار كلما تحرك الدولار صعودا وهذا أمر مرهق لأنه يجب تغيير أسعار السلع يوميا إننا نغير الأسعار على الكمبيوتر بكبسة زر لكن تغييرها على الرفوف هو المشكله لكننا نقول اذا وضعنا السعر بالدولار فهذا سيكون أمرا مفيدا ولقد اعتمدنا هذه الآلية في العام 1984 حتى العام 1995 وكنا نضع سعر الصرف على الشاشة ونغيره يوميا حسب سعر الصرف الرسمي ويتم الدفع على الصندوق حسب سعر الصرف . اما اليوم فالثقه مفقوده والاتهامات دائمه لنا بالتلاعب بالأسعار لذا عندما نسعر بالدولار سيصبح كل شيء واضحا وأهم شيء في الموضوع أننا سنخلق منافسة حقيقية ويصبح باستطاعة الزبائن إجراء مقارنة بالأسعار بين متجر وآخر ضمن سعر ثابت وعملة ثابتة.
وردا على سؤال حول كيف يسعرون في ظل التقلبات الحادة في سعر الصرف يقول فهد : يوجد لغط في هذا الأمر لكن 90% من مشترياتنا هو بالليرة وليس بالدولار . إننا نتبع لوائح أسعار المورد بالليرة والمورد هو من يسعر دولاره حسب ما يراه مناسبا وللعلم إن احدى الشركات بقيت تسعر الدولار حتى نهاية العام 2022 بسعر 25000. إذن التسعير يتم لدى المورد وهو من يحدد السعر ونحن نأخذ السعر بالليرة . أما الأصناف التي نشتريها بالدولار كاللحمة والحبوب فنسعرها حسب سعر الصرف اليومي ولا نزيد القيمة عن ذلك . ان المنافسة هي التي تحدد أصول هذا العمل التجاري ولا شيء سواها واعتبر ان ما يجري هو حل جزئي لمشكلة تخلقها الدولة وتحلها على حساب المواطن.عندما تزيد الدولة أجور القطاع العام وهو حق قمنا بدعمه يجب ألا تتأتى هذه الزيادة من طبع الليرة وزيادة الكتلة النقدية لأن ذلك وبشكل تلقائي يغذي التضخم ويزيد انهيار الليرة أكثر. ان الدولة تتخذ هذا القرار لسحب الكتلة النقدية وهي تجعل الشركات تدفع بالليرة لكي تسحبها من السوق وقد برر أحد العاملين في الوزارة السبب بإرادة التخفيف من تجارة الشيكات لكن هذه القرارات العشوائية تعزز تلك السوق لا العكس فعندما نجبر الناس على الدفع بمقدار 50% نقدا فسيتحولون حكما للبحث عن مصادر لهذا النقد مما يخلق مشكلة كبرى.إذن يوجد قصر نظر في معالجة الموضوع ونحن ننظر اليه كقطاعات تجارية وصناعية كموضوع يتخطى دفع 50% كضريبة جمركية فكيف سيكون الأمر اذا تم دفع القيمة المضافة بنفس الطريقة وكذلك ضريبة الأملاك المبنية وغيرها من الرسوم ؟.. اذن اين سيادة الدولة على أموالها التي تعتبرها موجودة في المصارف وانا بدوري اسأل أين سيادتنا المالية؟
ويعتقد فهد ان المصرف المركزي يضغط بواسطة المصارف لتخفيف الكتلة النقدية لكن ردة الفعل أتت من وزارة المالية ومن شركة الكهرباء التي تفرض اليوم التسديد نقدا فأي منطق هذا وهي تبرر الأمر بأنها ستشتري الدولار من البنك المركزي ومن ناحية أخرى تتخذ الحكومة قرارات بزيادة النفقات وتطلب من البنك المركزي تزويدها بالمال . انها بالفعل حلقة جهنمية مفرغة لا نتيجة لها إلا تحميل المواطن دفع ثمنها.لقد قال وزير المالية انه لن يباشر تطبيق القرار ونحن نعتمد على حكمته برؤية تداعياته على المدى الطويل إذ انها تداعيات سيئة جدا من ناحية الفكرة والثقه التي توحيها الدولة عندما لا تقبل الأموال الموجودة في المصارف. اذا كانت وزارة المالية ترفض الشيك المصرفي فكيف سيقبله المواطن؟ . ان الوزارة هي الوزارة السيادية الأولى من الناحية المالية لذا بتصرفها هذا تحطم الثقة وتقول للناس بألا تقبل اي شيك وأن تتحول الى الإقتصاد النقدي بشكل كامل . هذه هي رسالة وزارة المال بقرارها الأخير.