رنا منصور
في 18 نيسان الحالي أقر مجلس النواب في جلسته التشريعية التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لمدة سنة حدًا أقصى حتى 31 مايو/ أيار 2024.
وللمرة الثانية على التوالي، وفي ظل ازمة اقتصادية خانقة في لبنان، أُرجأت الانتخابات البلدية، بعدما عجزت الدولة اللبنانية عن تأمين الإعتمادات اللازمة لاجراء هذا الاستحقاق الانتخابي.
هذا “التأجيل” تحول الى قضية جدلية بين الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي، فتحولت الجلسة النيابية الى حلقة من تقاذف الإتهامات بين الأحزاب السياسية التي حملت بعضها مسؤولية تأجيل انتخابات البلديات لأسبابها السياسية.
وكما كان متوقعاً، وعند كل استحقاق انتخابي تلوح في الأفق رائحة التأجيل والتمديد وصولاً الى الفراغ المستمر، تماماً كما يحصل في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.
وفي التفاصيل، وبعد ان عقدت جلسة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب، إلياس ابو صعب والتي تهدف الى فتح الاعتمادات اللازمة لموازنة عام ٢٠٢٣ لتغطية نفقات الإنتخابات، تغيّب الوزراء المعنيين عن الجلسة المحددة، وعلى رأسهم وزير الداخلية بسام مولوي المعني الاول في هذا الملف، مما شكّل بلبلة وعلامات استفهام حول تجاهل الحكومة لأهمية هذا الاستحقاق.
هذا الامر ادى الى نتيجة متوقعة وهي تأجيل، الانتخابات الى أشهر لاحقة، ولكن يبقى السؤال، ما هو موقف الاحزاب السياسية من هذا التأجيل؟.
وتبين من خلال الحديث مع معاون أمين عام حزب القوات اللبنانية لشؤون الإنتخابات جاد دميان أن القوات اللبنانية ليست راضية عن هذا الامر، إذ أكّد ان تأجيل انتخابات البلدية هي جريمة بحق الشعب اللبناني، وذلك يعود للمنظومة الحاكمة داخل البرلمان اللبناني التي لم تعد قادرة على تأمين الاعتمادات اللازمة، وهي ليست قادرة على إدارة مشروع ، لذلك تحاول تعطيل وعرقلة الاستحقاقات النيابية.
يقول دميان كان من الممكن إنجاز هذا الاستحقاق بعدما ساهموا في تعطيل الإنتخابات السابقة كما وحمل المسؤولية على التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، معتبراً أنهما يتحكمان في البلديات بنسبة ١٥ بالمئة.
الموضوع الأهم اليوم بعد هذه الأزمات المتراكمة انطلاقاً من الأزمة المالية، مروراً بالازمة السياسية ووصولاً للازمة البيئية التي يعاني منها الشعب اللبناني، تتميز الاحزاب السياسية بثقلها ودورها الكبير ودور السلطات المحلية التي هي البلديات لمحاولة معالجة هذه الامور بالتالي تأجيل الإنتخابات ما هو الا مساهمة في الإتجاه للمسار الإنحداري وختم بالقول ” من لا يدعو للإنتخابات هو ذاته من يعطّل حدوثها “.
الأمين العام لحزب الكتلة الوطنيّة، ميشال الحلو، وهو مرشح سابق في الانتخابات النيابية الأخيرة، اعتبر ان تأجيل الإنتخابات هو قرار ساقط ان كان قانونيا او من ناحية سياسية، مشيراً إلى ان تأجيل الإنتخابات لا يدل إلا على اسباب سياسية، فهذه الإنتخابات لا تصب في مصلحة الاحزاب الحاكمة مؤكداً ان التمويل كان من الممكن تأمينه بسهولة فالدولة قد استعملت سابقا مئات ملايين الدولارات من التمويل الخاص المؤمن من الصندوق الدولي ومن احتياطي مصرف لبنان، وبالتالي الاسباب المستعملة حالياً ما هي إلا حجج واهية.
واضاف الحلو ان تأجيل الإنتخابات يحصل للمرة الثانية، الذي من شأنه تحويل النظام من ديمقراطي الى شكل من أشكال الانظمة الديكتاتورية، وشدد على أهمية الطعن في هذا القرار، كما فعل بعض من النواب منذ أيام، فأن كل ما حصل هو نتيجة تخوف الاحزاب من نتائج صناديق الإقتراع ومن موقف المواطنين. ووصف مجالس البلديات اليوم بأنها غير متماسكة قائلاً “فارطة”، وختم بالقول ان الكتلة الوطنيّة ومجموعة من الأحزاب التي تضم المعارضين باتت جاهزة اليوم لخوض الإنتخابات وأكد على إصرارهم بخوض هذه المعركة وعلى رأسها المعارك التي تحمل الطابع السياسي .
شعب مخدّر وفي جولة بشوارع العديد من المناطق اللبنانية، تبين ان الشعب غير مبالي بتأجيل الإنتخابات الا ان كل ما يمر به هذا الشعب من ضغط ويأس قد افقدهم حماسهم في إحداث التغيير او في المشاركة في عمليات الاقتراع.
وفي المقابل، فإن فئة اخرى من الشعب قد أبدوا رأيهم وتوحدوا على مضمون فكرة واحدة وهي ان قرار تأجيل الإنتخابات اليوم يحمل في طياته خوف الاحزاب السياسية من قرار المقترعين المعارضين لسياسة المنظومة الحالية.
وللبنان تجارب كثيرة مع تأجيل الانتخابات، وتالياً التمديد للمجالس البلدية بشكل خاص، التي تبلغ ولايتها 6 سنوات، وقد صدر، بحسب “الدولية للمعلومات”، 21 قانوناً للتمديد خلال الفترة الممتدة من 1967 ولغاية 1998، علماً أن لبنان شهد منذ عام 1998 3 انتخابات للمجالس البلدية، في سنوات 2004، و2010، و2016.
إذن، هل سيخرج اللبنانيون من هذا النفق المظلم؟، وكيف ستكون نتائج وتداعيات هذا التأجيل في ظل إنهيار مؤسسات الدولة.