في الوقت الذي كان فيه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يجد دوراً لحكومته في الديمان، لتكون «جسر تحاور وأخوة بين جميع اللبنانيين»، كان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يعلن من ميرنا شالوحي، بعد ان قاطع الوزراء المحسوبون عليه اللقاء «الحر والأخوي» للوزراء في الديمان (المقر الصيفي للبطريركية المارونية) بتعبير البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ان الحوار مع حزب الله لا يزال في بدايته، وهو ينتظر رداً على افكار تقدَّم بها خلال اللقاء مع الحزب، بعدما سهل اسم رئيس الجمهورية مقابل مطالب يدرسها الفريق الآخر.
كل ذلك على وقع اجراء ميداني دبلوماسي للجيش اللبناني في الجنوب، حيث اطلع ممثلي الدول الاعضاء في مجلس الامن، الذين قاموا بجولة ميدانية عند الخط الازرق على 13 تعدياً اسرائيلياً على طول الحدود، عشية انعقاد مجلس الامن للتمديد لليونيفل، مع تحقيق تقدم في شأن متصل على صعيد تثبيت هدنة مخيم عين الحلوة.
وعلمت «اللواء» من مصادر وزارية شاركت في اللقاء التشاوري في الديمان أن جواً من الارتياح ساد لاسيما أن الاجتماع اتسم بالصراحة حيث استفسر البطريرك الراعي عن بعض النقاط وكان يركز على أهمية صون العيش المشترك.
وقالت المصادر إن البيان عكس وضوحاً في المباحثات التي تمت ووصفت بالأساسية وكانت تطمينات بأن الحكومة تصريف الأعمال ورئيسها يريد أن تنجز الانتخابات الرئاسية اليوم قبل الغد.
وعلم أن عددا من الوزراء قدم عرضا حول القضايا التي تتطلب تدخلا للحل، فوزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين طلب من البطريرك الراعي إطلاع البطاركة المشاركين في السينودس على ملف النازحين وانعكاساته والعمل على دعم الموقف اللبناني لاسيما أن المجتمع الاوروبي يسعى لدمج النازحين في الدول الموحودين فيها.
وافادت المصادر أن هذا اللقاء كان ضروريا بعد ملف صلاحيات الرئاسة الذي تحول إلى مادة سجالية.
إذاً، انصرف الاهتمام امس الى لقاء الديمان الوزاري التشاوري انعقد في الصرح البطريركي الماروني في الديمان مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، وشارك فيه الرئيس ميقاتي و١٥ وزيراً، وزيرا وغاب الوزراء المقاطعون لجلسات مجلس الوزراء المحسوبون على التيار الوطني الحر. لكن لم يحضر اللقاء أيٌّ من المطارنة الموارنة لينالتقاهم رئيس الحكومة الاسبوع الماضي واثاروا معه موضوعي البحث: قضية عودة النازحين السوريين وما تردد عن نشر مواقع عن المثلية والشذوذ الجنسي في بعض المقررات والكتب المدرسية. وقد حمل معه وزير التربية الدكتور عباس الحلبي الى الاجتماع نسخاً من الكتب التي جرى التحدث عنها واظهر ان ليس فيها ما يتم ترويجه للمثلية الجنسية.
في بداية اللقاء رحب البطريرك الراعي برئيس الحكومة الوزراء.وقال: فكرة اللقاء صدرت بعفوية، وهي ليست جلسة لمجلس الوزراء بل لقاء عفوي للتشاور والتحاور في كل القضايا العامة، والديمان دائما يجمع على كلمة سواء، وآسف ان البعض قام بتحميل اللقاء أكثر ما يحتمل.
وقال: عندما زارني الموفد الرئاسي الفرنسي السيد لودريان للمرة الاولى قلت له كل ما تسمعه لا يعبر عن الحقيقة. نحن جمهورية ديموقراطية برلمانية وهناك مرشحان للرئاسة، فليقم النواب بواجباتهم في الاقتراع، فاما ينتخب رئيس او لا ينتخب، وفي ضوء النتيجة يصار الى حوار واتفاق على مرشح ثالث.للاسف البلد سائر الى الخراب والدولة تنازع وما نشهده من سجال بشأن حق الحكومة في العمل وحدود ذلك هو نتيجة.
ثم تحدث رئيس الحكومة فقال: من الصعب اضافة اي كلمة على ما قاله صاحب الغبطة، ففكرة هذا الاجتماع كانت «بنت ساعتها» عندما اجتمعنا الاسبوع الفائت، واتفقنا على هذا اللقاء للنقاش في الامور التي تجمع اللبنانيين وفي مقدمها احترام الصيغة اللبنانية والتنوع داخل الوحدة اللبنانية التي نعتبرها ثروة لبنان. هناك اجماع عند جميع اللبنانيين للتمسك بالقيم اللبنانية الروحية الاخلاقية والاسرة.من هذا المنطلق رغبنا في عقد هذا اللقاء ونحن نستغرب بعض التفسيرات التي اعطيت له واعتبار البعض انه يشكل انقلابا على اتفاق الطائف، علما ان روحية اتفاق الطائف تنص على التحاور والتلاقي بين اللبنانيين.
بعد انتهاء اللقاء صدر بيان عن اللقاء التشاوري جاء فيه: «يمر وطننا لبنان اليوم في مرحلةٍ من أخطر مراحل تاريخه، مليئةٍ بالأزمات والتحديات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية غير الخافية على أحد، والتي تضاف إليها أزمة أخرى كيانيةُ الطابع تتعلق بجوهر وجوده ودوره الحضاري على صعيد الإنسانية جمعاء. فهذا الوطن الصغير أُعطيَ نعمةً كبيرة وهي أن يكون ملتقى الذين يطلبون السلام والأمن والحرية والحياة الكريمة. وقد جاءت الصيغة اللبنانية لتكرس هذه القيم في إطار من العيش معًا، يحفظ التنوع داخل الوحدة، ويفرض احترام الآخر المختلف، ومحبتَه كما هو، وعدمَ الخوف منه، والتكاملَ معه لتحقيق المجتمع المتآلف المتضامن، الذي يقود إلى بناء الدولة العصرية العادلة والقوية، الغنية بوحدتها واتساع ثقافة مواطنيها.
إن اللبنانيين جميعًا مدعوون لحماية هذه الصيغة بترسيخ انتمائنا إلى هويتنا الوطنية الجامعة، والعملَ على تمتين الوحدة من خلال التنوع، والتخلي عن دعوات التنصل من الآخر، مهما كانت عناوينُها.
كما تطالعنا في هذه الأيام، على صعد رسمية وغير رسمية، مفرداتُ خطابٍ مموَّه بدعاية الحداثة والحرية وحقوق الإنسان، يناقض القيم الدينية والأخلاقية التي هي في صلب تكويننا النفسي والروحي والاجتماعي.ويشكل هذا الخطاب مخالفة صريحة لنص وروحية المادتين التاسعة والعاشرة من الدستور اللبناني. إن مسؤولية مواجهة هذا الخطاب تقع على عاتق الجميع من دون استثناء، من مراجع دينية وسلطات سياسية وقضائية ومؤسسات تربوية وإعلامية وقوى مجتمع مدني، لأننا نرفض أن يكون حاضرُ أبنائنا مشوَّشًا، كي لا يصير مستقبلُهم مشوَّهًا.
في ضوءِ هذا كله، خلص اللقاء التشاوري بين الوزراء المنعقد في الديمان بحضور صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى ما يأتي:
أولًا: وجوب الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يقود عملية الإنقاذ والتعافي، إذ لا مجال لانتظام أي عمل بغياب رأس الدولة.
ثانيًا: دعوة القوى السياسية كافةً إلى التشبث باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك، والتخلي عن كلِّ ما قد يؤدي إلى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة.
ثالثًا: دعوة جميع السلطات والمؤسسات التربوية والإعلامية الخاصة والرسمية وقوى المجتمع المدني الحية، والشعب اللبناني بانتماءاتِه كافةً، إلى التشبث بالهوية الوطنية وآدابها العامة وأخلاقياتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقيمها الايمانية لا سيما قيمة الاسرة وحمايتها، وإلى مواجهة الأفكار التي تخالف نظام الخالق والمبادئ التي يجمع عليها اللبنانيون.
رابعًا: دعوة المواطنين إلى حوار حياةٍ دائم بينهم، بحيث يسعى كل مواطن إلى طمأنة أخيه وشريكه في الوطن، على فكره وحضوره وحقوقه وفاعلية انتمائه الوطني.
خامسا: التعاون الصادق بين كل المكونات اللبنانية لبلورة موقف موحّد من ازمة النزوح السوري في لبنان والتعاون مع الدولة السورية والمجتمع الدولي لحل هذه المسألة بما يحفظ وحدة لبنان وهويته».
