ظهر الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، وهو يحضر اجتماعا حول استراتيجيات مكافحة انتشار فيروس كورونا في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية الأسبوع الماضي.
ومع انتشار العدوى بسرعة، يحذر خبراء أجانب تحدثوا لصحيفة نيويورك تايمز من أن رغبة كوريا الشمالية في “محاكاة قواعد بكين” القاسية، والتي لم تثبت نجاحا، قد تؤدي إلى “كارثة صحية” تهدد العالم.
وعندما اعترف زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، بتفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الأسبوع الماضي، أمر حكومته بالتعلم مما اعتبره “نجاح” الصين في مكافحة الفيروس.
لكن ما لم يقله هو أن محاولة اتباع استجابة الصين للوباء يمكن أن ترسل بلاده الفقيرة نحو كارثة، بحسب الصحيفة.
واستخدمت الصين عمليات إغلاق صارمة واختبارات جماعية وتطعيمات للحفاظ على انخفاض الحالات طوال فترة الوباء، فيما وتفتقر كوريا الشمالية، التي تشهد تفشيا متفجرا للفيروس، إلى العلاجات الأساسية والإمدادات الغذائية التي حشدتها الصين لفرض القيود الشديدة التي شوهدت في مدن مثل ووهان وشيان وشنغهاي.
والآن، يحذر خبراء الصحة العامة من أن رغبة الزعيم كيم في اتباع النموذج الصيني لن تؤدي إلا إلى “تفاقم تأثير كارثة سريعة الانتشار”.
وبالفعل، ارتفع عدد المرضى المشتبه بهم الجدد في كوريا الشمالية من 18 ألفا، الخميس الماضي إلى مئات الآلاف يوميا هذا الأسبوع، على الرغم من أنه من المستحيل معرفة الحجم الحقيقي لتفشي المرض.
ووصفت كوريا الشمالية نفسها بأنها خالية من كوفيد لمدة عامين حتى أكدت تفشي المرض لأول مرة الخميس الماضي.
ومعظم الناس غير ملقحين، والبلاد معزولة لدرجة أنه عندما توفي ما يقدر بنحو مليوني شخص خلال مجاعة في منتصف التسعينات لم يعرف العالم الخارجي حتى بدأت جثث الكوريين الشماليين في الظهور طول النهر الضحل الذي يحدها مع الصين.
وبدون حزم اختبار كافية لقياس حجم تفشي المرض بدقة، اعتمدت كوريا الشمالية على عدد “الأشخاص الذين تم العثور عليهم مصابين بالحمى”، وليس العدد الذي ثبتت إصابته بالفيروس.
وأبلغت البلاد عن 62 حالة وفاة من بين ما يقرب من 1.7 مليون مريض مشتبه به.
وزعمت وسائل الإعلام الرسمية، الأربعاء، أن مليون شخص تعافوا بالفعل من الحمى، على الرغم من أن الخبراء يشككون في أن الأرقام التي أبلغت عنها كوريا الشمالية موثوقة.
ونقلت الصحيفة عن جاكوب لي، المتخصص في الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة هاليم في كوريا الجنوبية إن “من المرجح أن تقلل كوريا الشمالية من العدد الحقيقي للإصابات لكي تتمكن من السيطرة على شعبها”.
ويعاني الكوريون الشماليون من مشاكل في تأمين الطعام.
وانهار نظام الحصص الغذائية المدعوم من الدولة خلال المجاعة في التسعينات، ويقول خبراء الصحة الخارجيون إنه إذا تم وضع الكوريين الشماليين تحت هذا النوع من عمليات الإغلاق الشديدة التي شهدتها الصين، فإن الحكومة لن تكون قادرة على توفير الاحتياجات الأساسية.
وأمرت الحكومة جميع المدن والمقاطعات بالإغلاق، لكنها حثتها على مواصلة “تنظيم العمل والإنتاج”. على الرغم من حظر حركة المرور بين المدن والمقاطعات.
ولا يزال يسمح للناس بالتنقل داخل مناطقهم والحضور للعمل في المزارع والمصانع، وفقا لآسيا برس، وهو موقع إلكتروني مقره اليابان يقدم تقارير عن كوريا الشمالية بمساعدة مصادر من داخل البلاد.
وكانت هناك أيضا حملة واسعة النطاق لفحص درجات الحرارة في المصانع والمجمعات السكنية، وسمح للناس بالذهاب إلى الأسواق غير الحكومية للحصول على المواد الغذائية وغيرها من الضروريات، وفقا لآسيا برس.
وتقول الصحيفة إن إغلاق الأسواق غير الحكومية قد مدمرا لأن معظم الكوريين الشماليين يعتمدون عليها لتكملة حصصهم الحكومية الضئيلة.
وعلى النقيض من إعجاب كيم بسياسات الصين المتعلقة بفيروس كورونا، انتقدها عدد متزايد من المنظمات الصحية والقادة العالميين باعتبارها غير قابلة للتطبيق بشكل طويل الأمد.
ولا تزال حدود الصين مغلقة ونادرا ما سمحت لخبراء خارجيين بالزيارة منذ بدء الجائحة، فيما الاستثمار الأجنبي يجف، وبعض الشباب المتعلمين يغادرون البلاد هربا من العيش في إغلاق متكرر.
ويقارن الخبراء الذين تحدثوا للصحيفة بين أنظمة صحية متطورة، وصحة عامة جيدة، وتغذية ملائمة في بلدان مثل كوريا الجنوبية، وعدم وجود أي من هذا في جارتها الشمالية، ويقولون إن هذا قد يجعل الوفيات مرتفعة بشكل كبير في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية.
ولا يزال أصل تفشي المرض في كوريا الشمالية غير واضح، ولكن في الأسابيع الأخيرة، حشد كيم عشرات الآلاف من الأشخاص بدون كمامات لحضور عرض عسكري كبير في العاصمة بيونغ يانغ للاحتفال بالقدرات النووية المتنامية للبلاد.
كما حشد الطلاب والعمال للمساعدة في زراعة الأرز في الريف هذا الشهر، وهي مهمة مهمة للغاية في دولة تعاني من نقص مزمن في الحبوب.
واكتشف المسؤولون الكوريون الشماليون لأول مرة إصابات في مجموعة من طلاب الجامعات الذين حضروا العرض العسكري، بما في ذلك شخص يبدو أنه أصيب بالفيروس من قريب زار الصين مؤخرا، وفقا لما ذكرته صحيفة ديلي إن كيه، وهي موقع إلكتروني مقره سيول يقدم تقارير عن كوريا الشمالية.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية أنه تم العثور على المزيد من حالات الحمى في بيونغ يانغ، وكذلك في المقاطعات الجنوبية حيث جرت معظم عمليات زراعة الأرز.
وتقول الصحيفة إن نهج الصين الانعزالي في الوباء هو أكثر ما يروق للسيد كيم وهو يحاول الاستجابة للأزمة والحفاظ على سلطته على شعبه. وعندما حاولت سول إرسال دعوة لمناقشة المساعدات المتعلقة بالوباء هذا الأسبوع، رفضت كوريا الشمالية قبولها. كما رفضت تبرعات من كوفاكس، برنامج اللقاحات العالمي.
ولم توضح البلاد السبب رسميا، لكنها كانت مترددة في قبول شحنات المساعدات التي تتطلب السماح للمراقبين بدخول البلاد.
وذكرت وسائل إعلام كورية جنوبية يوم الثلاثاء أن ثلاث طائرات شحن كورية شمالية قامت برحلة ذهاب وإياب إلى مدينة شنيانغ بشمال شرق الصين يوم الاثنين لالتقاط 150 طنا من المساعدات الطارئة. ورفضت وزارة الخارجية الصينية تأكيد هذه المعلومات.