نضال العضايلة
شهدت الجزائر أمس الخميس توقيع ميثاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية، في ختام مؤتمر “لمّ الشمل من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية” الذي انطلقت أعماله الثلاثاء، وسط تخوفات من إنهيار جدرانها في اي وقت.وبموجب وثيقة إعلان الجزائر، تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية في غضون عام، .
واتفقت الفصائل الـ14 المشاركة ومن بينها حركتا حماس وفتح على وثيقة “إعلان الجزائر”، ووقعت بالأحرف الأولى وسط تفاؤل وتشاؤم الفلسطينيين، إذ ان فتح وحماس وقعتا في السنوات الأخيرة عدة اتفاقات وتفاهمات تنص على إجراء انتخابات وتشكيل حكومة وحدة، من بين أمور أخرى، لكن لم يتحقق أي منها.
عملية المصالحة بين فتح وحماس تشير إلى سلسلة من محاولات المصالحة لحل خلافات حركة فتح وحركة حماس منذ الصراع بينهما في الفترة من 2006 إلى 2007 وسيطرة حماس لاحقا على قطاع غزة، وعلى الرغم من عدد من الاتفاقات فإن هذه المحاولات لم تنجح حتى عام 2016 حيث لا تزال حماس تمارس السيطرة الكاملة على قطاع غزة على الرغم من تشكيل حكومة الوحدة في يونيو 2014.
حتى الانتفاضة الفلسطينية الأولى كانت فتح هي الحزب الوحيد المهيمن على الساحة السياسية الفلسطينية بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، وفي عام 1987 نشأت حماس كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
في أعقاب اتفاقات أوسلو نددت منظمة التحرير الفلسطينية التي لا تزال فتح العضو المهيمن فيها رسميا بالمقاومة المسلحة، ورفضت حماس الاعتراف بإسرائيل وعارضت اتفاقات أوسلو والاتفاقات اللاحقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، تحت ضغط إسرائيل والمجتمع الدولي حاولت فتح القضاء على حماس خاصة بعد أن خلف محمود عباس ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
أدت التوترات إلى انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005 وبلغت ذروتها في معركة غزة في يونيو 2007 مما أدى إلى انقسام الحكومة الفلسطينية.
أحبطت إسرائيل باستمرار المصالحة بين فتح وحماس، ففي عام 2009 على سبيل المثال قال بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لن تسمح بالسلام مع حماس ولا يمكن أن تقبل حماس كشريك تفاوضي، وبعد اتفاق القاهرة في أبريل 2011 استبعد اتفاق السلام إذا كانت فتح وحماس ستتماشيان.
فعلى مدار سنوات كانت إسرائيل ترى انه على السلطة الفلسطينية أن تختار السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس، اذ انه ليس هناك إمكانية للسلام مع كل منهما وكيف يمكنك التحدث معنا عن السلام عندما كنت تتحدث عن السلام مع حماس.
وما بين إعلان القاهرة في آذار 2005، الى وثيقة الأسرى في أيار 2006، وصولاً الى شباط 2007 حيث اتفاقية مكة المكرمة، ومن ثم إعلان صنعاء في آذار 2008، ومحادثات القاهرة في 2009، و2010، واتفاقية القاهرة في آيار 2011 وإتفاقية الدوحة في شباط 2012، واتفاق القاهرة في العام 2012، واتفاقيتي غزة والقاهرة 2014، واتفاق القاهرة 2017، وما تلا ذلك من لقاءات ومحادثات كان من غير المتوقع ان تشهد الساحة الفلسطينية اية مصالحة وسط تعنت طرفي الصراع الفلسطيني حماس وفتح.
وكثيراً ما تعثّرت جهود المصالحة في ظل مطالبة حماس بتطبيق اتفاق المصالحة العام 2011، وتمسك الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتطبيق اتفاق العام 2017، وتمكين الحكومة من عملها في غزة، ويأتي ذلك في ظل غياب صيغة توافقية تسعى لإعادة النظر في الاتفاقيات السابقة، وإنهاء حالة تفرد الحركتين بالقرار الوطني الفلسطيني.
عوامل عدة، محلية وإقليمية ودولية، أدت إلى فشل جهود المصالحة، أبرزها فلسطينياً عدم توفر إرادة سياسية لدى طرفي الانقسام، من خلال التوافق على صيغة مشتركة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها القضية الفلسطينية.
وأما إقليميًا فتتدخل بعض المحاور الإقليمية في مجريات الحوار الفلسطيني، من خلال حالات التقارب السياسي والفكري مع بعض الفصائل الفلسطينية عبر تقديم الدعم المالي لها لإطالة أمد الانقسام وإفشال الجهود المصرية في تحقيق المصالحة.
وأما دوليًا، فتمارس بعض الأطراف ضغوطًا كبيرة على الفلسطينيين من أجل عدم التوصل إلى اتفاق المصالحة، تنفيذًا لسياسات داعمة لوجود إسرائيل وعدم توحيد الفلسطينيين لأنفسهم.
ولكن، هل تستقيم الجدران هذه المرة وتبقى متماسكة، خصوصاً وان تصريحات حماس وفتح هذه المرة تنعش الأمل في قلوب الشعب الفلسطيني، في محاولة للخروج من حالة التشرذم التي تعيشها الحركات الفلسطينية منذ زمن بعيد.