نضال العضايلة
المشروع السياسي المتمثل في “حل الدولتين”، انتهى على أرض الواقع بفعل السياسات الإسرائيلية المتمثلة بالاستيطان والاستحواذ على الأرض وإعادة هندستها بالطرق الالتفافية والجدار والحواجز العسكرية المركزية، لتخدم في النهاية وجود دولة استيطانية تتمتع بامتداد جغرافي متواصل حتى أقصى نقطة في الضفة الغربية، لذلك اصبح من الضروري العمل على إعادة انتشار المقاومة الفلسطينية بشكل يوجع الإحتلال ويقض مضجعه.
وحتى شهور قليلة مضت، لم يكن اسم مجموعات “عرين الأسود” معروفًا، رغم تداول المواطنين أسماء عدد من المقاومين الذين اشتهرت أسماؤهم بعد أن داهمت قوات الاحتلال منازلهم في أحياء المدينة دون أن تتمكن من اعتقالهم ليتحولوا إلى مطاردين.
ومنذ أوساط العام المنصرم، لم يعد اقتحام دوريات الاحتلال لأحياء المدينة يمر بهدوء؛ بل أصبح يواجه بعمليات إطلاق نار، ما أشعل ضوءًا أحمر لدى الاحتلال بوجود خلايا مسلحة تتشكل بهدوء.
ومنذ أوساط العام المنصرم، لم يعد اقتحام دوريات الاحتلال لأحياء المدينة يمر بهدوء؛ بل أصبح يواجه بعمليات إطلاق نار، ما أشعل ضوءًا أحمر لدى الاحتلال بوجود خلايا مسلحة تتشكل بهدوء.
تعاهد المقاومون الفلسطينيين على أن تصوّب أسلحتهم فقط ضد الاحتلال، وألا يطلقوا النار بالهواء في مواكب استقبال الأسرى والمناسبات المختلفة، وكان أول خروج لهم في موكب استقبال أسير محرر، وهم يحملون أسلحتهم ويربطون فوهتها بقطعة قماش حمراء، دليل على عدم إطلاق النار بالهواء، فرصاصهم أصبح معروف لأين يتجه”.
في الثامن من فبراير الماضي، اغتالت قوة خاصة ثلاثة شبان عندما باغتت المركبة التي كانوا يستقلونها بحي المخفية بنابلس، ومزقت أجسادهم بالرصاص، وتبين أن الشهداء الثلاثة هم أدهم مبروكة الملقبة بـ”الشيشاني” ومحمد الدخيل وأشرف المبسلط، فيما نجا إبراهيم النابلسي من تلك العملية.
تلك الجريمة كانت نقطة البداية في تشكل مجموعات “عرين الأسود” تحت هذا الاسم لتكون البلدة القديمة بنابلس هي عرينهم، وبقدر ما كانت تلك الجريمة قاسية ومروعة؛ إلا أنها كانت دافعًا للعديد من الشبان للالتحاق بصفوف المقاومين.
وبقي اسم “عرين الأسود” متداولاً في إطار ضيق إلى حين محاصرة قوات الاحتلال لمنزل بحارة الياسمينة بالبلدة القديمة كان يتحصن بداخله مجموعة من المقاومين والذين نجح معظمهم بالانسحاب فيما استشهد محمد العزيزي أحد مؤسسي المجموعات والمقاوم عبد الرحمن صبح.
وتشكل مجموعات “عرين الأسود” معضلة أمنية للاحتلال ومستوطنيه، وفي ذات الوقت تسبب الحرج للسلطة التي تواجه صعوبة في مواجهة هذه الظاهرة الفريدة من المجموعات المقاومة.
ورغم أن الخلايا المشتركة التي تتشكل من عدة أجنحة مقاومة ليس بالأمر الحديث، لكن ما يميز “عرين الأسود” في نابلس كما هو حال كتيبة جنين، هو انضواء مقاومين ليس لدى معظمهم ارتباطات تنظيمية بالفصائل القائمة.
ورغم أن الخلايا المشتركة التي تتشكل من عدة أجنحة مقاومة ليس بالأمر الحديث، لكن ما يميز “عرين الأسود” في نابلس كما هو حال كتيبة جنين، هو انضواء مقاومين ليس لدى معظمهم ارتباطات تنظيمية بالفصائل القائمة.
وتضم هذه المجموعات مقاومين ينحدرون من عائلات محسوبة على فتح وحماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي لكنهم ليسوا مؤطرين تنظيميًا فيها، بالإضافة لآخرين ليس لديهم ميول حزبية واضحة، كما تضم بعض الأسرى المحررين كالمطارد اشتية المعروف بانتمائه لحركة حماس ومحمد طبنجة المعروف بانتمائه للجبهة الشعبية.
ويتميز أعضاء هذه المجموعات بإصرارهم على رفض التبعية لأي فصيل، رغم ترحيبهم بأي دعم يقدمه لهم أي من الفصائل، ويؤكدون في وصاياهم أنهم يعملون تحت راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
ونجحت هذه المجموعات في بعث روح المقاومة في أجيال من الشبان والفتية الذين يلتفون حول هؤلاء المقاومين ويضعون صورهم قلادات في صدورهم ويرددون الأناشيد والأهازيج التي تمتدح بطولاتهم. أضف إلى ذلك؛ الشعبية الكبيرة التي باتوا يحظون بها، حيث تجد الأجهزة الأمنية صعوبة بالغة في تبرير ملاحقتهم.
السلطة الفلسطينية، وفي محاولتها لنفي عجزها عن ملاحقة مجموعات “عرين الأسود” توصلت إلى اتفاق مع الاحتلال لتقاسم الأدوار والتعاون المشترك ضد “عرين الأسود”، حسب زعم ألون بن دافيد، المراسل العسكري للقناة 13 العبرية، وبموجب الاتفاق، يتم توزيع الأدوار، بحيث تعمل أجهزة السلطة ضد هذه المجموعات داخل نابلس فيما تعمل قوات الاحتلال ضدهم خارجها.
ليس واضحا ما إذا كانت إسرائيل ستمضي قدما بهذا الاتفاق في الوقت الذي تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها تحت ضغط المستوطنين على أبواب انتخابات الكنيست والذين طالبوها بشن حملة “السور الواقي 2” للقضاء على المقاومة، وبالتالي القضاء على “العرين الأسود”.