نضال العضايلة
ليس هناك عاقل على وجه الارض لا يؤمن بأن اسرائيل ترتكب جرائم حرب بحق الفلسطينيون وليس هناك من يملك ذرة إيمان بأن نتنياهو يعد أكبر مجرم حرب على مر التاريخ على ما اقترفه في قطاع غزة من قتل وسفك للدماء، ومازال يقترفه ولا يوجد صاحب ضمير حي على وجه البسيطة لا يطالب بوقف العدوان وتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة كل المجرمين بلا استثناء، وفي مقدمتهم النتن وبن غفير وسوميرتش وغالانت وغيرهم.
ولعل بنيامين نتنياهو، بتصرفاته في غزة، وإن ضر بإسرائيل أكثر من مساعدتها، فقد حول هذا النازي بما اقترفته يداه العالم كله ضد دولته المزعومة، ولن تستطيع هذه الدولة أن تبقى ديموقراطية وهي تحكم أبناء الأديان الأخرى بالقوة وتعرقل عملية السلام، وستؤثر العزلة المتزايدة لـ”إسرائيل” حول العالم في الأوروبيين والأميركيين عموماً، وليس في اليهود وحدهم.
أعتقد ان أنصار الجريمة التي اسمها “إسرائيل” عندما يرون العالم كله يقف ضد وحشية الاحتلال وقتل الاطفال والشيوخ والنساء وتدمير المساجد والكنائس والمستشفيات سيعيدون حساباتهم، لأن كل هذا يشي بأن اسرائيل الى زوال.في المقابل هناك من يدين نظام الملالي في إيران على جرائمهم في إيران نفسها وسورية والعراق ولبنان واليمن والأحواز، وما فعلته بهذه البلدان العربية التي باتت منهكة ضائعة لا سبيل لها الا ان تصمت رغم ما ذاقته من ويلات إيران.
ولأن كانت إدانة نتنياهو على سبيل الجدال، وليس الاقتناع، وإدانة إيران بنفس الاسلوب فلا يجب بكل حال من الأحوال الطعن في المقاومة الفلسطينية التي تقاتل دفاعاً عن شرف الأمة التي استبيحت كرامتها منذ عقود مضت، واعتبارها مصدرا لكل الشر.بالنسبة لايران فإن هناك الكثير ممن يدعمون المقاومة يدينون بشدة جرائم إيران منذ سيطرتها على العراق، ومن ثم سوريا واليمن، ومن قبل زراعة حزب الله في لبنان، وليس الآن وهناك من بقي لعقود طويلة يحذر وبشدة من خطورة نظام الملالي التي تفوق خطورة اسرائيل.السؤال الذي يتبادر إلى الذهن اليوم، والعالم كله يترقب الرد الإيراني على إستشهاد قائد حماس إسماعيل هنية على أراضيها هو، هل لدى قادة إيران الشجاعة للمطالبة بالحقيقة حول اغتيال هنية وهو نائم في غرفة لدى الحرس الثوري؟ الإجابة بكل تأكيد لا وذلك لأن إيران او لنقل بعض قيادات إيران متورطة في عملية الاغتيال.
قلنا منذ زمن بعيد أننا لن نطالب نظام الملالي في إيران بأكثر من إعلان الحقائق في كل الجرائم التي ارتكبتها في حق السنة والعرب بشكل عام، الا انه ليس لديهم أدنى شجاعة في ذلك، ولكن إن فعلوها سنشكرهم على جرأتهم وإن لم يفعلوا فلا أمان لهم على دماء الفلسطينيين وهم قد فرطوا في دم قائدهم المغتال وهو ضيف خامنئي الرسمي في قلب العاصمة الإيرانية.
لم يكتفوا بذلك بل دفنوه بأسراره وكتم الشهادة من رافقوه في رحلة الموت أما أولياء الدم فقد باعوه بثمن بخس لأن قيمة الوالد لا تقدر بثمن، وتفرغوا للحديث عن قيامه لليل وترتيله للقرآن وزهده وتقواه وعواطفه مع أهل بيته وحياته الخاصة التي ستنفعه هو في قبره عند ربه إن كانت مزاعمهم صحيحة لكنها لا تفيد القضية الفلسطينية ولا تنفع الضحايا وهم يذبحون في مجازر بلغت منتهى الفاشية سلطت على أهل غزة منذ عملية السابع من أكتوبر العظيمة.
أتحداكم أيها الإيرانيون أن تطالبوا علانية بتحقيق شفاف في هذا الغدر الذي طال هنية في عقر داركم وسبقه العاروري في الضاحية الجنوبية في عقر دار صنيعتكم حزب الله، ومخططات التصفية التي تزعمون انها تخرج من عواصم عربية تدعون انها تقف في مواجهتكم.
للأسف الشديد إن أرتفاع العاطفة التى تلاعبتم بها وشعارات البطولات الوهمية لم تطل سوى أوطان العرب دمرتموها وقتلتم أهلها ولم يحرك ذلك لمناصريكم طرف رمش، فقد أستطاع نظام الملالي التلاعب بهم بعد أن تشبعوا حقد وشتات بزرع الفتنه بين الشعوب العربية.اما أولئك الذين يصهلون بإنجازات إيران على الأرض فلا عقل لهم ولا بصيره لا يريدون أن يعو ويصحو من غفلتهم، وهم يدركون ان ايران هي من قتلت هنيه، لكنهم يتشبثون بأمل لن يأتي على يد إيران، وهو محو إسرائيل من الوجود.وبعيداً عن إيران فإن من يتطاول على ابطال المقاومه الفلسطنيه واتهامهم انهم سبب تدمير قطاع غزة فهذا لا يدرك الحقيقة ولا يعي ان هؤلاء القادة هم من صنعوا التاريخ، والكل رأى رغم الدمار والقتل والتنكيل الذي احدثته دولة العهر والفجور الصهيونية ما فعله ويفعله أولئك بجنود جيش الإحتلال النازي.
ولعل التنافس المتصاعد بين إيران وإسرائيل، يشير الى ان هناك اتفاقا ضمنيا على إعادة تشكيل الأمن الإقليمي والدفع بسياسات شرق أوسطية جديدة في المستقبل المنظور.إن كل طرف ينظر إلى الآخر باعتباره العدو اللدود الذي يجب عليه هزيمته بالوسائل العسكرية وغير العسكرية، ويبدو ان هذه المنافسة ليست خطيرة بينهما، وبالتالي فإن كل منهما يقوم بدوره على زعزعة استقرار المنطقة، مما يؤدي في النهاية إلى سيطرة الطرفين على المنطقة.
وأخيراً، فأن الحقيقة التي تأتي في صالح الطرفين، هي أن إيران وإسرائيل لا ترغبان في الدخول في صراع مباشر، وان استعراضهما الأخير للقوة، ليس الا كلام فارغ لا معنى له.